
فايز العباس
لم تكن أرواحنا المرتجفة كعصفور بلّله المطر، سوى إرهاصات الموت العظيم، الموت الذي كان يتمشى بيننا. أكرمناه متكئين على إرثنا البدوي، وتعايشنا معه معتمدين على “مَن عاشر القوم”، حتى صار ابننا الذي نتغاضى عن أخطائه كأننا أمهات حنونات، ونحتمي بظله الكبير كأننا إخوة مهزومون، ونمتدح رجولته كأننا آباء مترفون. والترف: هي اللفظة الأكثر التصاقاً بالغياب،

الأشد جذباً للموت، والأقلُّ احتياجاً للمبررات.
الآن نستحضرها ونبكي بحرقةٍ دفئها الذي افتقدناه حين أولمنا للموت قلوباً رطبةً وعيوناً حالمةً وقرابين من الأقرباء، تركناهم هناك وأخذنا ما علق في البال منهم. تخرجُ عن النصّ طفلةٌ تبحث عن دميتها فتنظر إلى دبابة تخمش وجه الأرض، وعاشقةٌ تفزُّ من نومها قبل أن يستطيع رجل اختار الحرب أن يصبح عاشقاً وقناصاً في آنٍ معاً. وعجوزٌ تقرأ البيتَ عن ظهر حبٍّ وتعلم ما تفعله السكاكين حين تتنكر بزي الملاعق، وتصرخ بها وبأحفادها: حان وقتُ الدواء.
نص منشور بالعربي الجديد
اكتشاف المزيد من شباب بوســــــت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.