تحت سقف الحرب (6) في رثاء فضة العلي[1]

 بقلم د.يسرى السعيد

انا لم أعرف فضة ولاحتى رأيتها، ولاجمعنا طريق لكنها أبكتني أكثر مابكى أهلها، وصورتها ماثلة في عيوني، وتمشي معي بكل خطواتي!!

وحين كانت فضة تعد العشاء الاخير لها في مطبخ عائلتها الصغير كنت انا على بعد أمتار من نافذة مطبخها، وكانت هي سعيدة بحلول المساء دون أن يخطف الموت الرجيم روحها في النهار.

مرت جنازة فضة وكأنها تشييع لكل مابقي لدينا من توازن وهدوء، وكان كل واحد منا يريد أن يبلغ فضة أننا لن نتأخر عنها إلا بفارق قدر اوقدرين،وعلى بعد قذيفة، أو قذيفتين ومن مرمى رصاصة أو رصاصتين!!

أمام مرآة ناصعة النقاء تحاول أن تقف لترى وجهك؛ متأملاً أن تزينه المرآة ببعض أكاذيبها، وتحدث تلك النفس المحملة بكل أنات اليأس، وتحاول ارضاءها بأن حظاً جميلاً واكبك هذه المرة أيضاً وفصل بينك وبين الموت، لكن روحك المهذبة والتي تحب فضة تجعلك ملآناً بوجع لايبوح إلا لصاحبه، فكيف ستقنع تلك الروح باننا جميعاً لسنا سوى نسخاً مؤقتة لفضة ، وهل بقي رصيد لديك يكفيك لاقتناء اسهم قليلة من الأمل!!

بين طيات صفحاتنا نكتب اسم فضة، وفي ثنايا القلب تسكن فضة، ولن نطلب لها الرحمة، فقد بلغتها، بل سنطلبها لنا، لمن هنا، لمن لاينام ولايفيق، ولا يلتمس اي طعم إلا بنكهة الدم، والقهر!!!

لروحك السلام، ولنا السكينة التي نتمنى أن نحصل عليها وان كنا نعلم أننا لن نطأ محطاتها، فنحن مبتوروا الأمل واليقين والطمأنينة.

ونحن أنفسنا شيعنا ذواتنا الحقيقية منذ زمن يافضة!! ونعيش حيوات أخرى لأشخاص آخرين لايشبهوننا ولانشبههم، فطوبى لك وقد رحلت وشخصك اللطيف يدفن معك دون أن يترنح في عالم اللاحياة، عالم الموت الرجيم ياصديقتي، ياأختي، ياابنتي.

[1]فضة العلي: شابة في العشرين من العمر، توفيت في مطبخ بيتها بعد سقوط قذيفة من الجانب التركي على مدينة القامشلي.

عن شباب بوست

انظر ايضا

من كان يستميت لفتح مدارس خاصة به اصبح اليوم يغلق مدارس غيره

الاحتقان مستمر و انباء عن اجراءات تصعيدية من الطرفين غدا

محمد اليساري…. رأي في مسلسل قيد مجهول

الكاتب و السيناريست محمد اليساري محمد اليساري لن يختلف اثنان تابعا هذا المسلسل في الأيام …

اتجاه معاكس في زمن التظليل الإعلامي

علي محمدوف – خاص ترك برس كانت حلقة هذا الأسبوع في برنامج الاتجاه المعاكس الذي …

إضاءة.. ناحية اليعربية ( تل كوجك/كوجر)

مهند الكاطع اليعربية ناحية في الجزيرة العليا، تتبع منطقة المالكية، محافظة الحسكة، وتقع على الحدود …

اترك تعليقاً