خاص شباب بوست – الولايات المتحدة
خلافا لكل الاحصائيات و الدراسات و التوقعات فاز دونالد ج ترامب في السباق الأكثر غرابة و جدل في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية بعد حوالي سنة و نصف من بدء حملته الانتخابية للفوز بتأييد الحزب الجمهوري لتسميته ممثلا عنه في البداية و من ثم في مواجهة هيلاري كلنتون رغم انها حصلت على عدد أصوات اكثر فكيف فاز
حدث مالم ينتظره احد
حسمت معظم وسائل الاعلام الامريكية موقفها من دونالد ترامب على أساس استطلاعات رأي تقوم بها مؤسسات مختصة و طروحاته المخيفة التي كان يبررها بانه لا ليس سياسيا ولا يريد ان يكون كلامه دبلوماسياّ ” صحيح من الناحية السياسية” كما يسميه بل استثمر في هذه اللهجة و التصريحات, الامر الذي راق لنسبة كبيرة من الشعب المتضرر حتى الان من اثار الازمة الاقتصادية التي ضربت العالم في 2008 و انخفاض أسعار النفط و تأثيرها على سوق العمل الذي كان لا يستبشر خيرا في كلينتون فقد تكون تكرار لفترة رئاسة أوباما التي يرون فيها نماء للعنصرية و ركود في الاقتصاد و صعود للأقليات على حساب الأكثرية البيضاء و الاتفاقيات الغير عادلة برائيهم التي وقعها فريق إرادة أوباما مع ايران و موضوع نشوء داعش و انتشاره السريع و إعطاء الفرصة لروسيا لتكون هي صاحبة الحضور و الكلمة الفصل في الشرق الأوسط.
كلينتون فازت بالتصويت الشعبي ولكنها خسرت في اصوات المجلس الانتخابي
رغم ان كلينتون فازت ب60.212.217 صوت و ترامب ب 59.875.788 (حتى اللحظة التي كتب فيها المقال حيث ان فرز الأصوات لا يزال مستمر) أي بحوالي اكثر من 336 الف صوت لصالح كلينتون أي ان كلينتون فازت في الانتخابات الشعبية إلا انها خسرت ما يسمى المجلس الانتخابي ( شرحت شباب بوست كيفية عمل الانتخابات الامريكية في مقال سابق)
لم تكذب الاستطلاعات ولكنها لم تكن كاملة
استطلاعات الرأي عادة ما تكون في المدن الكبرى و الرئيسية و حتى في المدن الصغيرة أحيانا ولكن من صّوت لترامب هذه المرة كانت غالبيتهم من الريف الأمريكي الذي ربما استطاع ترامب بكلامه المباشر إقناعه بانتخابه حيث كما في كل دول العالم يكون المستوى التعليمي في الريف اقل مما هو عليه في المدن الكبيرة
رغم الانتقادات الداخلية لكيفية عمل النظام الانتخابي إلا ان الانتخابات تجري بجو ديمقراطي بحت و كما جرت العادة يتصل الخاسر ليهنئ الفائز “ببروح رياضية” عقب كل الشتائم و الاتهامات و الاختلاف الجذري في وجهات النظر التي جرت في هذه الانتخابات تحديدا و إنهاءها بتسليم السلطة بشكل سلسل
لا يتفقون مع كل ما يقوله:
ركز ترامب على عدة نقاط تهم الفرد الأمريكي في حياته اليومية و اعطى لشريحة واسعة أسباب لإنتخابه و هذه الأسباب ظل يرددها طوال فترة حملته الانتخابية هي من قبيل
1: حق شراء الأسلحة و حملها الذي يضمنه التعديل الثاني في الدستور الأمريكي وهو ساري المفعول بالفعل و حاولت إدارة أوباما و حملة هيلاري كلينتون وضع ضوابط قاسية و تشديد إجراءات الموافقة على بيع السلاح للأشخاص متذرعين بالأحداث التي تحصل بين الفينة و الأخرى من اطلاق نار و هجوم مسلح بأسلحة خفيفة استطاع أصحابها شراءها من محلات بيع الأسلحة بإجراءات روتينية بسيطة
2: الاقتصاد: رغم ان أوباما ورث اقتصاد متعثر من سابقه جورج بوش و استطاع عمل إصلاحات كبيرة الا ان هناك رقم لا يستهان به من الأمريكيين ممن لا يريدون تصديق هذا و لا يرون له أي انعكاس على حياتهم اليومية و وجود رجل اعمال “ناجح” في البيت الأبيض يعطي الكثير من الامل, فقد وعدهم ترامب بإعادة المصانع و الوظائف إلى المدن الامريكية و رفع مستوى الدخل و تحسين البنى التحتية و خفض الضرائب نفس الوعود التي ادلت بها كلينتون تقريبا ولكن الرد عليها كان بإن الديموقراطيين حكموا لأخر ثمان سنوات و لم يعملوا كل هذا
3:الامن القومي و صورة أمريكا
هناك من تروق لهم تصريحات دونالد ترامب التي عادة ما يعود بعد فترة ليفسرها بطريقة أخرى و ربما تكون هذه سياسة مقصودة لإرسال رسائل مختلفة, فهو من صرح انه يؤيد وضع حظر على مجيئ المسلمين إلى الولايات المتحدة الامريكية ( حتى يستطيع ان يعرف ما الذي يجري) و كما دعا لوضع قواعد بيانات خاصة بمسلمي الولايات المتحدة المواطنين, و وعد ببناء جدار عازل بين الولايات المتحدة و المكسيك و ترحيل حوالي 11 مليون شخص يقيم في الولايات المتحدة بشكل غير شرعي -و هم اغلبهم من أمريكا اللاتينية – إلى بلادهم, هناك نسبة كبير من الأمريكيين يلومون الوضع الأمني و رداءة سوق العمل على المهاجرين الغير شرعيين.
و ركز أيضا ترامب حسب شعاره الانتخابي ” لنجعل أمريكا عظيمة مرى أخرى” ركز على إن دور أمريكا في العالم و هيبتها في تراجع كبير و اتهم باراك أوباما بالضعف و عدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.
ناهيك عن تململ الأمريكيين من سياسات الحزبين الجمهوري و الديموقراطي المتكرر و محاولة بعضهم تجربة شخص غير سياسي
كل هذه الأسباب و غيرها شجعت الكثير و خاصة من البيض الأمريكيين للتصويت لدونالد ترامب املين ان تكون وعوده هذه ليست فقط للاستهلاك الانتخابي.
العرب و الانتخابات الامريكية
تابع العالم و العرب بشكل خاص بإهتمام شديد يوم الانتخابات وكانت اغلبية العرب تتطلع كلعادة لفوز المرشح الديمقراطي حيث يظن معظم العرب انه الأقل سوءا على الوطن العربي.
و بدء العديد من الكتاب و المدونين العرب و حتى القنوات الإخبارية تحليل أسباب فوز ترامب و اطلق العديد من الكتاب اقلامهم ضد الشعب الأمريكي واصفينه بشعب يميني و يميل للعنصرية و هذا ما جعله ينتخب ترامب ولكن في الحقيقة ان ترامب خسر كما اسلفنا بفرق اكثر من 336 الف صوت كما هو واضح للذي يعيش و يختلط في المجتمع الأمريكي يرى ان كل شخص صوت لترامب لم يكن موافق على كل ما يقوله و اقليه قليلة جدا ممن يتفقون معه في كل نقاط حملته و يدركون جيدا ان الغالبية العظمى من الرؤساء لا يطبقون الوعود الانتخابية التي اطلقوها خلال حملاتهم.
كيف ستكون فترة حكمة
لا احد يستطيع التكهن في طريقة حكمه وما الذي سيحدث في العالم خلال فترة حكم ترامب حيث ان فريق إدارة ترامب في العديد من المقابلات ادلوا بتصريحات تتعارض مع شعاراته الانتخابية
في أمريكا يوجد دولة مؤسسات حقيقة و رغم حصد الجمهوريين الأغلبية في الكونجرس بشقيه الشيوخ و النواب و الرئاسة ولكن تبقى دولة مؤسسات و القرارات التاريخية لن تصدر من شخص واحد فقط إلا ان ترامب كرئيس لأمريكا سيكون في يده قرار الحرب و كلمة السر للترسانة النووية مما يثير قلق العالم و يخيفه من شخص كثيرا ما وصف بالمتسرع و شخص لا يستطاع التكهن بتصرفاته
و ربما ان لم يتصرف ترامب بحكمة سيقوم بدفع العديد من الدول الى الحضن الروسي او الصيني و ربما على المدى البعيد سيكون دافع للعرب للتفكير في توحيد وجهات نظرهم