أكبر أعداء السيسي
خاص – شباب بوست
كان واضح جداً أن عدداً كبيراً لا يستهان به من الشعب المصري كان قد تعب من حالة عدم الاستقرار السياسي و الاقتصادي بعد ثورة 25 يناير، و التغيير الجذري الذي أصاب السلطة، و ما تلاه من عدم كفاءة الرئيس المدني الأول محمد, بالإضافة إلى أدائه الفاتر، و فقده لكاريزما الرئيس. و انشغاله بلملمة الوضع الداخلي و محاولة الإنجاز السريع. مرسي و ما رافقها من حرب اعلامية شرسة ضده من فلول نظام مبارك و دول الخليج العربي و بعض قادة الجيش المصري و الكثير ممن كانوا مستفيدين أو على الاقل ممن رتبوا أمورهم لتعمل بسلاسة مع نظام مبارك.
وربما إطلاق الحريات المباشر و غير التدريجي خاصة في الإعلام الذي كان لايزال يعيش على نفس النظام الذي اعتاده أيام مبارك و فكرة الاخوان المسلمين “الاشرار” الذي زرعه لعقود في أدمغة الشعب, و تسرع الشعب لتحقيق الاحلام الوردية التي رافقة الثورة و توقعهم تغير الحال بين ليلة و ضحاها و قلة الخبرة و الوعي السياسي في مثل هذه الحالات , كل ذلك و غيره أدى الى قيام انقلاب 30 يونيو الذي خطط له بطريقة محكمة ادت إلى اقصاء محمد مرسي عن السلطة و ايداعه المعتقل.
ومع الكم الهائل من الضخ الاعلامي الذي رافق هذا الانقلاب و تلميع صورة السيسي استطاع الجيش السيطرة على البلاد مرة أخرى
و صور جميع المعارضين للانقلاب على أنهم اخوان مسلمين اجتمعو في ساحة رابعة العدوية للتعبير عن رفضهم “للديمقراطية” و الإنفتاح و التطوير الذي وعد به الجيش
و بعد فض مظاهرات رابعة بالسلاح و تنكر جزء كبير من الشعب المصري لثورة 25 يناير و وصف كل من يعارض-الانقلاب العسكري الذي قام به الجيش على أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي- وصفه بإنه اخواني أو إرهابي و إتهامه بتهم غريبة كالتخابر مع قطر أو التخابر مع حماس، و تفعيل قانون اشبه بقانون طوارئ غير معلن.
و إغلاق كافة القنوات الفضائية و الإذاعات و الصحف و الحملات التي إما كانت تحسب على الاخوان المسلمين او كانت تعارض الانقلاب العسكري حتى برنامج باسم يوسف الذي كان يتمتع بحرية كاملة ابان حكم مرسي وكان المشاهد العربي يستبشر خيراّ من التجربة المصرية قبل تراجع الحريات إلى مستويات ربما لم تعهدها مصر منذ زمن جمال عبد الناصر.
حاولت بعض دول الخليج العربي و تحاول دعم السيسي للهروب من بعبع الاخوان و لضمان دعم الجيش المصري أمام إيران التي ترتبط مع دول الخليج بعلاقات اقتصادية و سياسية و سياحية رغم بعض الأزمات السياسية التي تصل الى مستويات عالية في أغلب الأحيان بينما لا تسمح لمصر حتى بتبادل السفراء معها.
على الرغم من ذلك فهي تيقن تماماً أنه كان خياراً فاشلاً فالسيسي لا يجيد الخطابات الحماسية مثل عبد الناصر، ولا يحمل أي فلسسفة مثل السادات، ولا حتى يملك كاريزما مبارك, بل اتضح أنه لربما يعي تماماً أنه موظف صغير و ممكن أن يُستغنى عنه في أي لحظة فراح يعين الوية الجيش كمحافظين وضع العمداء و ضباط آخرين في مناصب عديدة لا تمت للجيش أو أي من اختصاصاتهم بصلة، و رفع أجور ضباط الجيش و الشرطة، و وفر لهم تسهيلات عدة و حماية من المحاكمات كي يضمن ولائهم و كل ذلك على حساب المواطن المصري العادي المطالب بالصبر، و أكثر من ذلك بالفخر بالسيسي و أن يكون سعيد و ممتن لمجرد أنه يعيش.
- العلاقة مع دول الخليج:
- السيسي لم يستطع ضبط هذه العلاقة؛ و اكتفى بتلقي ” الرز” الخليجي دون أن يقدم اي مقابل سوى أنه يعمل ليلاً نهاراً على ضمان عدم عودة الاخوان المسلمين العدو المشترك له، و للدول الداعمة إلى سدة الحكم في مصر، و ربما الاتفاق الذي توصل له مع السعودية بشإن جزيرتي تيران و صنافير المختلف عليهما سابقاً و حتى لو فرضنا جدلاً انهما سعوديتان، فالطريقة التي تم بها الاتفاق كانت تدل على استفراد بالقرار و اتمام الصفقة بسرعة حتى لا تواجه اي اعتراضات, و لكن نجد السيسي يخالف داعميه في قضايا ليست أقل أهميه مثل الوضع السوري حيث صوت مندوب السيسي في الامم المتحدة لمشروع قرار روسي حول حلب ضارباً مصالح داعميه عرض الحائط، و لم يكتفي بذلك بل زود جيش بشار الاسد باسلحة وهذه موضوع مثبت بالفيديو و الصور, ناهيك عن مغازلات بين السيسي و ايران مما أعطى انطباع او ربما كشف ان السيسي هو “لمن يدفع اكثر
في الجانب الاعلامي:
اعتقد السيسي انه يستطيع أن يعمي عيون المصريين عن المساعدات التي يتلقاها من دول الخليج، و ظن أنه بإمكانه استخدام ورقة انهاء تفرعة جديده لقناة السويد كإنجاز تاريخي له، و لربما انه اعتقد أنن الإعلام المصري سيكون قادراً على إلهاء الناس عن لقمة عيشهم بتمجيده للسيسي الرئيس الذي “اختاره الله لمصر”، و هو فوق كل انتقاد إما بتخويف الشعب من عواقب الاعتراض على حكم السيسي او بالإخفاء القسري او بعبع الاخوان
حاول جميع الاعلاميين المصريين الذين يبدو عليهم التعب من استهلاك السيسي لهم خاصة بعد كل التناقضالت التي تأتي في خطاباته أو في وعوده و نتائجها الكارثية على الاقتصاد المصري، أو حتى لمجرد إضاعة الوقت في تفسير كلامه البعيد عن الواقع، و محاولة تقديمه للشعب على انه كلام حكيم و سوف تظهر نتائجه على المدى البعيد، و راحوا يطالبون الشعب بالصبر على السيسي، و اعطائة فرصته كاملة على الرغم من انهم أنفسهم لم يطيقوا الصبر على مرسي مثلا على الاقل لإنهاء ولايته الاولى. بل اكثر من ذلك راحوا يطالبون الشعب بإعادة انتخاب السيسي لفترة رئاسية قادمة، و بعضهم أراده “إلى الابد” رغم انه من المبكر الحديث في مثل هذا، و لكن يبدو انه استباق لتحركات شعبية مضادة قد تحصل قريباً
الاقتصاد المصري بين الوعود و الواقع المرير
جاء السيسي بوعود كبيرة للمصريين حيث اعلنت السعودية و الكويت و الإمارات العربية المتحدة دعمة بما يقارت 15 مليار دولار امريكي و تسهيلات في مجال الطاقة و وعود بإستثمارات عملاقة و بدا قويا عندما لم يبالي بالتهديدات الامريكية بقطع المساعدات عقب انقلابة على الرئيس محمد مرسي
و لكن مع كل هذه الوعود و المساعدات الحقيقة لم يتأثر المواطن المصري العادي، و لا حتى اقتصاد الدولة المصرية إلا سلباً و بشكل يبدو كارثي إذ ان تفريعة قناة السويس التي كان السيسي يتنبأ بملياراتها و انها سوف تسد نفقاتها بوقت قياسي لم تجلب له إلا المزيد من الديون على الدولة، و لم يعرف أين صرفت المليارات الآتية من المساعدات الخليجية؛ بل ما هو أسوء اقتراض مصر مبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الذي يحدد ضوابط حازمة جدا على الدول المقترضة و يتدخل في قراراتها في خططها الاقتصادية والسيادية في السياسة و التعليم و حقوق الانسان و ما إلى ذلك. و ايضا الفوائد على الامول والتي سترهق الاقتصاد المصري اكثر و تفتح الباب على مصراعية لازمة اتقصادية طويلة المدى سوف توضع على كاهل من يخلف السيسي و ربما الاجيال المصرية القادمة
“السيسي الي يطالب الشعب بان لا ياكل ولا يشرب من اجل مصر مشى على سجادة حمراء طولها اكثر من 3.5 كيلو متر بسيارته بتكلفة حوالي 750 جنيه مصري “
كما انه لم يترك مناسبة لا صغيره أو كبيرة أو حتى تصريح سريع للصحافة إلا و استغله لتبشير المصريين بمستقبل صعب و اسود، و طالبهم بعدم الاكل و الشرب و حتى التبرع لصندوق “تحيا مصر” بجنيه واحد على الاقل يومياً. و كما أثار الكثير من السخرية عندما تحدث عن ثلاجته التي لم تحتوي إلى على الماء لمدة عشر سنوات ( و لربما يكون صادقاّ في ذلك و كان لا يأكل في البيت بسبب الولائم الكثيرة التي كان يدعى اليها).
). وصل جشع السيسي و المدعومين من قبله و عبثهم في الإقتصاد المصري حد لا يطاق عند غالبية المصريين الذين يرزح اكثر من 45% منهم تحت خط الفقر فللمرة الاولى في مصر لم يعد المواطن يفكر في اغلب اساسيات الحياة، و اصبح يعتبرها من الكماليات إلا أن مواد أساسية مثل الرز و السكر و الزيت و الخضروات و اللحمة و البيض ارتفعت اسعارها بشكل جنوني بسبب الاحتكار، و عدم وجود رقابة فعالة او وجود رقابة متواطئة او في احسن الاحوال رقابة مربطة لا تستطيع فعل أي شيئ.
- حركة غلابة و موعد 11 نفموبر:
- قرر عدد كبير من المصرين الخروج بعد ان فاض بهم الكيل في مظاهرات سلمية تطالب بالحد الادنى كالافراج عن المعتقلين من كافة الاتجاهات السياسية و الفكرية, المطالبة بعودة الشرعية, عودة الاعلام الحر وعدم تعرض الاعلاميين المصرين المعارضين للإعتقال أو التحقيق أو التضييق عليهم في حال عودتهم الى مصر, توفير السلع الاساسية و ضبط الاسعار و ايقاف اذلال الشعب و تجويعه
لانستطيع التنبؤ بجدية هذه الحركة، و ما ستؤول إليه؛ خاصة بعد إفراغ مصر تقريباً من الإعلام المضاد للسيسي و حملات الاعتقال و الاخفاء القسري, ولكن ما هو أكيد ان أعداء السيسي يؤمنون الآن بأنهم لا يحتاجون إلى إعلام قوي او حتى ارهاق انفسهم في البحث عن اخطاء قد يقوم بها السيسي في اي من المجالات, فالرجل هو بحد ذاته اكبر عدو لنفسه و هو من يتسبب باحراج لنفسه و حاشيته في كل لقاء او مؤتمر، او مقابلة تلفزيونية او تصريح صحفي يدلي به, بالاضافة إلى ادائه على المستوى الاقتصادي و السياسي الذي لم يعد يطيقه حتى مقربوه من غير المستفادين من سلطة حكمه.