يبدو أن سوء تقديرات القيادة الكرديّة في أربيل وتفردها بالقرار السياسي في الإقليم، و رفض البرزاني التنحي عن السلطة بعد انتهاء مدة ولايته، إضافة إلى التعنت بالمواقف الذي ابدته القيادة الكردية بخصوص الاستفتاء حيث استمرت فيه على الرغم من اعتراضات وتحذيرات الدول الإقليمية والعربية والغربية وحتى امريكا، الأمر الذي أفقد القيادة الكردية ثقلها و توازنها السياسي الداخلي والخارجي تماماً، وأفقدها حتى علاقاتها مع دول الجوار وجعلها تبدو وحيدة لا يُغرد لاستقلالها سوى (الإسرائيليين) قبل ان يصمتوا بدورهم بعد اجراء الاستفتاء.
الأحداث الاخيرة في شمال العراق التي أخذت زخماً بعودة كركوك للسيطرة العراقية، هو حدث تمثل بعودة قوات البيشمركة إلى مواقعها التي كانت تسيطر عليها قبل يونيو ٢٠١٤م، أي الوضع الطبيعي قبل (شماعة) الحرب على داعش والتي تم بموجبها السيطرة على مناطق خارج إقليم كردستان ورفع علم الإقليم الكردي عليها وإنزال العلم العراقي، وجميعنا يتذكر ما صرح به حينها مسعود البرزاني حين قال بأنَّ المادة ١٤٠ أصبحت من الماضي، وما أعقبه أيضاً من تصريحات اخرى عن الحدود الجديدة لكردستان التي ترسم بالدم وتقف عند مكان وجود اخر جندي بيشمركة!
وبالتالي وبعد السرعك المفاجئة في استعادة المناطق المتنازع عليها، وبغض النظر عما اعتبر خيانة داخلية في صفوف الاكراد من قبل جماعة الطالباني، فأنَّ هناك شكوك حقيقية بقدرة اقليم كردستان العراق على الحفاظ على مكتسباته التي توافق بشأنها مع بغداد سنة ١٩٧٠ او في التسعينات وأخيراً بعد الغزو الامريكي للعراق.
السيناريو القادم برأيي سيكون أسوء بكثير، واتوقع انقسام كبير بين السليمانية وأربيل على خلفية الأحداث الأخيرة والاتهامات المبادرة ، خاصة مع تصاعد الأصوات المطالبة رئيس الإقليم المنتهية ولايته (مسعود البرزاني ) بالتنحي، وآخرها صوت رئيس برلمان كردستان.
في أحسن الأحوال سيكون إقليم كردستان العراق معزولاً في الفترة القادمة، وربما ستساهم الظروف الداخلية الاقتصادية والسياسية في تفاقم الأزمة الداخلية إضافة للعزلة الإقليمية