بقلم عبد الله النجار
منذ أيام بدأ ناشطون يحذرون من كارثةٍ إنسانية تنتظر محافظة الحسكة ، ناجمةٍ عن الجّوع ، جرّاء فقدان المواد الإغاثية من الأسواق ، وارتفاع أسعارها الجنوني إن وجدت ، هذا في المناطق التي لم تشهد معارك وحروب ، فكيف الحالُ إذاً في المناطق التي تعتبر حربيةً كتل حميس وتل براك والهول.
وتبرئ “الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD “نفسها من تحمل أية مسؤولية عن ذلك ، وتعزوه إلى إغلاق الحدود التركية ومعبر)سيمالكا( على نهر دجلة ، وارتفاع سعر الدولار الأمريكي.
إلا أن ذلك ليس السبب الرئيسي على الإطلاق ، فالحدود التركية مغلقة منذ بداية عام 2012 ، كما أن معبر (سيمالكة) لم يكن شرياناً رئيسياً لتزويد المحافظة بالمواد الغذائية ، وأما ارتفاع سعر الدولار فإنه يؤدي إلى ارتفاع الأسعار غير أنه لايقطع إمدادات الغذاء.
وتتناسى “الإدارة الذاتية” أنها تتسبب قصداً بقطع الشريان الرئيسي لتزويد المحافظة بالمواد الغذائية والخضار القادمة من محافظة حلب ، نتيجةً عرقلة دخول الشاحنات في موقع (مبروكة) ، من خلال تفتيش مطوّل ، بحجة الدواعي الأمنية ، بحيث يستغرق تفتيش شاحنةٍ واحدة يوماً كاملاً ، مما يدفع سائقي الشاحنات إلى عدم العودة مرةً أخرى ، فضلاً عن الخسائر التي يتعرضون لها بسبب تلف الخضار نتيجة التأخر في إيصالها إلى مقصدها ، بحيث يبدو الأمر وكأنه مقصوداً.
ولاتُحَمّل “الإدارة” – التي تدّعي أنّها محاصرة – أيّة مسؤولية للنظام المجرم الذي مازال يسيطر على مطار القامشلي ، وبإمكانه تزويد المحافظة بماتحتاجه من الأغذية والأدوية بواسطة طائرات الشحن.
علماً أن بيان الرئيسين المشتركين (روسيا وأمريكا ) للمجموعة الدولية لدعم سوريا ISSG ، الصادر قبل يومين ، قرن محافظة الحسكة ببلدتي نبل والزهراء ، وذلك في وصيته للأمم المتحدة عند تصنيف المواقع بصدد إيصال المساعدات إليها.
في ظلّ ذلك تستمر الإدارة المزعومة بفرض الأتاوات على المواطنين بحججٍ مختلفة ، كإعادة الإعمار ، ومساعدة عوائل الشهداء ، وقواتها العسكرية ، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية ، التي تفرضها على كل البضائع التي تدخل المحافظة.
كما طالبت مؤخراً أصحاب المحلات ، بضرورة الحصول على تراخيص إدارية سبق لهم أن حصلوا عليها العام الماضي ، لقاء رسومٍ بالآلاف دفعوها لمالية الحزب ، الأمر الذي سوف يؤدي بالنتيجة إلى فرض تكاليف إضافية على أسعار السلع ، هذا بالإضافة إلى الرسوم التي تجبيها دوائر النظام التي ماتزال تعمل هناك.
وفي عفرين تدّعي “الإدارة” أنها محاصرة ، في حين تتدفق منتجاتها من الألبسة إلى ريفي إدلب وحلب المحررين ، ذلك أن كثيراً من معامل الألبسة انتقلت من حلب للعمل في عفرين ، وفي تفسير ذلك لانجد أمامنا سوى الضرائب التي تستفيد منها الإدارة نتيجة تصدير هذه المنتجات.
ويتزامن هذا الحصار المصطنع مع حملةٍ تجنيدٍ شرسة ، تقوم بها قوات الأسايش من جهة ، وقوات النظام من جهةٍ أخرى ، فهل لهذا علاقةٌ بذاك؟
وهل هو الغاية المقصودة من فرض الحصار؟ ، عبر دفع من تبقى من الأهالي إلى الانضمام إلى تشكيلاتهما العسكرية ، في ظلّ إغلاق الحدود واستحالة المغادرة إلى دول الجوار.
محافظة الحسكة التي كانت تسمى سلة غذاء سورية تعاني من الجوع ، نتيجة سياسات PYD الانتقامية ، وبالرغم من وجود النفط إلا أن المزارعين أحجموا عن الزراعات المروية ، نتيجة عدم ثقتهم بهذه الإدارة.
وفي حين يحتجز PYD الآلاف من الأبقار التي وضع يده عليها في مزارع الدولة بتل تمر ورأس العين ، ونقلها لاحقاً إلى منطقة المالكية ، إلا أن المحافظة مازالت تعاني من نقصٍ في مشتقات الحليب.
الحصار المصطنع هو حلقةٌ أخرى ضمن مسلسلٍ بدأ بالإعلان المزعوم للفدرالية ، ثم إعادة نشر تصريحات قديمة لرئيس وفد المفاوضات في جنيف ،ثم مظاهرات التخوين ، ثم اشتباكات القامشلي ، وأخيرا الحصار ، تأتي ضمن حرب المحاور التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تهميش المجلس الوطني الكردي ، وإظهاره بمظهر العاجز عن القيام بأية مبادرة ، ودفع مؤيديه إلى الانفضاض عنه ، بالإضافة إلى إلهاء المواطنين بالبحث عن رغيف الخبز ، وإشغالهم عن مقاومة الاستبداد.
تعليق واحد
تعقيبات: و في الحسكةِ جوع / الإدارة الذاتية التابعة ل PYD “تحمل مسؤولية ذلك – سوريتي