قد يكون مفاجئًا لأهالي الغوطة الشرقية ما حدث من تراجع للثوار عن العديد من المناطق التي تعتبر خط دفاع أول كان الثوار يعملون على حمايته منذ سنوات.
هذا التراجع الذي ظهر على هيئة انهيار جعل من الضروري وضع النقاط على الحروف والبحث في حيثياتها.
بدأ الهجوم البري على الغوطة الشرقية قبل حوالي الأسبوع وكانت المفاجئات الأولى بحدوث كمين تسبب بمقتل عدد لا يقل عن 60 مقاتلًا من قوات الحرس الجمهوري ذات التدريب الأكفأ والتسليح الأمثل في البلاد.
هذه الخسارة التي تلقاها نظام الأسد حولت أنظاره باتجاه الانتقام من المدنيين -كما جرت العادة- وحدث حينها العديد من المجازر.
تبع هذه المعركة سقوط مفاجئ للجبهات تمثَّل بتقدم قوات الأسد من محور فوج النقل وكتيبة الباتشورا للدفاع الجوي.
ثم تبعه سقوط لبلدات الشيفونية والنشابية والمحمدية بعد سقوط تل فرزات الإستراتيجي.
تبع ذلك توغل قوات الأسد في منطقة “العب” الزراعية ووصوله إلى منطقة مسرابا -خلال كتابة هذا المقال- وهنا نتوقف قليلًا لبحث حقيقة ما جرى.
سقوط جميع تلك المناطق لم يترافق مع سقوط قتلى من الثوار وإنما كانت انسحابات سريعة فيما يبدو أنه أمر من القيادة بفعل ذلك، وهنا يمكن الجواب حول السؤال المطروح بداية المقال وهو: هل ما يجري في الغوطة الشرقية انهيار؟ أم إنها خطط عسكرية منظمة؟
الثوار علموا فور بداية الحملة العسكرية أن القتال في المساحات المكشوفة سيتسبب بسقوط خسائر فادحة بأرواح المقاتلين وذلك بسبب استخدام قوات الأسد لما يعرف بسياسة الأرض المحروقة وهي أكثر ما تبرع به تلك القوات.
التراجع الذي ظهر أمام الشعب على أنه انهيار كان فعليًا عملية استباق لما سيجري بشكل حتمي؛ وهو الوصول إلى معارك المدن… ولكن ما حدث أن القيادات العسكرية في المنطقة اتخذت الإجراءات اللازمة لذلك دون الحاجة لخسارة أرواح مقاتليها.
نبقى هنا ضمن دائرة التوقعات ما لم يصدر إيضاح من القادة العسكريين حول ذلك.
ولكن من المؤكد أن قوات الأسد ما إن وصلت إلى بلدة مسرابا حتى تحوَّلت المقاييس وتغيرت ظروف المعركة وتوقف التقدُّم بشكل مفاجئ!!!
الثوار كانوا قد عملوا على تحصين تلك المناطق وتحويل المعركة من حرب مساحات مفتوحة إلى حرب مدن وشوارع تكون فيها آلة الحرب العسكرية خاسرة بكافة المقاييس، وهذا ما ثبت بالفعل في معارك جوبر وحرستا ودوما وعربين وغيرها من المناطق التي تعرضت لهجمات متتالية خلال سنوات الحرب السورية.
الآن تتطلَّع الجماهير إلى ما تخبئه حقيقةً فصائل الثوار من مفاجئات قد تستخدم في أوانها وخاصة مفاجأة الهجوم على مناطق جديدة بدلًا من الاكتفاء بالجانب الدفاعي.