هآرتس: إسرائيل كانت على وشك إعلان الحرب بعد سقوط مقاتلتها في سوريا لكن مكالمة من شخص غيَّرت الأمر!
اعتبرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2018، أن الشيء الوحيد الذي أوقف التصعيد بين تل أبيب وإيران، هو مكالمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد سقوط مقاتلة من طراز “إف- 16” فوق سوريا.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وضع حداً للمواجهة بين إسرائيل وإيران في سوريا، ووافق كلا الطرفين على قراره. وهذا هو الاستنتاج الواضح الذي يمكن التوصُّل إليه بالنظر إلى تسلسل الأحداث في عطلة نهاية الأسبوع.
وبحسب الصحيفة، فبعد ظهر يوم السبت 10 فبراير/شباط 2018، إثر الموجة الثانية من قصف سلاح الجوي أهدافاً سورية ومنشآت إيرانية في سوريا، كان كبار المسؤولين الإسرائيليين لا يزالون يتبعون نهجاً عسكرياً، وبدا كما لو أنَّ إسرائيل كانت تدرس القيام بعملٍ عسكري آخر. ولم يمضِ وقتٌ طويل بعد مكالمةٍ هاتفية بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى انتهى النقاش حول هذا الأمر.
تجاهُل روسي للواقعة
وبحسب “هآرتس”ن اعترض الإعلان الرسمي لوزارة الخارجية الروسية على انتهاك السيادة السورية من جانب إسرائيل، وتجاهَل تماماً الحدث الذي أدَّى إلى إثارة هذا الانفجار؛ أي تسلل طائرة من دون طيار إيرانية إلى المجال الجوي الإسرائيلي. وفي المحادثة التي أجراها مع نتنياهو بعد ساعاتٍ قليلة، طالب بوتين بتجنُّب الخطوات التي قد تقود إلى “جولةٍ جديدة من العواقب الخطيرة على المنطقة”.
ويشعر الروس بالقلق أيضاً من قرب عمليات القصف الإسرائيلية من المواقع التي يعمل بها الجنود والمستشارون الروس، وضمن ذلك قاعدة التيفور قرب مدينة تدمر السورية، حيث قُصِفَ موقع التحكُّم الإيراني الذي انطلق منه الصاروخ المضاد للطائرات، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
يُظهِر الهدوء بعد مكالمة نتنياهو وبوتين مجدداً، مَن هو الزعيم الحقيقي في الشرق الأوسط. ففي حين لا تزال الولايات المتحدة هي الحاضر الغائب في المنطقة -إذ لا يزال البحث جارياً عن سياسة أميركية متماسكة- تُملي روسيا الطريقة التي تسير بها الأمور. لقد استثمرت موسكو جهوداً وموارد لإنقاذ نظام بشار الأسد في السنوات الأخيرة أكثر مما يسمح لإسرائيل بإحباط مشروعها الاستراتيجي. وبإمكان المرء تصوُّر أنَّ رسائل من هذا النوع قد نُقِلَت في أثناء المكالمة الهاتفية مع نتنياهو.
وترى “هآرتس” أن هذا لا يعني أنَّ إسرائيل لا تمتلك أوراق مساومة، إحداها فقط هي قدرتها على إدخال الساحة السورية في مرحلةٍ مأساوية جديدة، لكن هناك شك في أن يكون نتنياهو متحمساً لمواجهة الروس. فمواجهته مع الإيرانيين تكفي.
نقطة الضعف
وأدَّت نقطة ضعف نادرة، تكشَّفت في اليوم الذي كان سيصبح ناجحاً لسلاح الجو الإسرائيلي، والتي سمحت بإصابة المقاتلة الإسرائيلية من طراز “إف-16”، إلى منح الإيرانيين والسوريين إنجازهم الدعائي الكبير؛ إذ تُرِك طاقم الطائرة التي أُصيبت، مكشوفاً نسبياً عند ارتفاعٍ عال على نحوٍ سمح بحدوث الإصابة المفاجئة بالصاروخ. من وجهة نظر إيران، كان ذلك نجاحاً مثيراً للإعجاب في أولى العمليات التي يشنها الحرس الثوري في المنطقة بنفسه، دون الاعتماد على وكلاء مثل حزب الله أو الميليشيات المحلية. وتُرجِم هذا النجاح -على الفور- إلى محاولةٍ لإقامة توازن قوى جديد عبر إعلاناتٍ بأنَّها (إيران) لن تسمح لإسرائيل مجدداً بشن ضربات جوية في سوريا كما تشاء.
وبحسب “هآرتس”، عانت الدائرة المحيطة بمعسكر الأسد أضراراً كبيرة جرَّاء قصف نهاية الأسبوع، بعد تدمير نصف بطاريات الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري تقريباً. لكن يبدو، من وجهة النظر الإيرانية والسورية، أنَّ الأهمية الرمزية لإسقاط الطائرة الإسرائيلية تعوض ذلك.
ووقعت سابقتان أخريان الأسبوع الماضي، بحسب “هآرتس”؛ وهما: إطلاق إيران طائرة من دون طيار إلى داخل إسرائيل، وضرب إسرائيل هدفاً إيرانياً مأهولاً داخل الأراضي السورية. وبذلك، تخطَّت إسرائيل حاجزاً نفسياً معيَّناً بعد أشهر من التهديدات العلنية (والمُبالغ فيها على ما يبدو) لإيقاف الترسُّخ الإيراني في سوريا.
اختبار جديد
لكن، الآن يوجد اختبارٌ جديد يلوح في الأفق: إن لم تكن إسرائيل ستسمح بنقل شحنات الأسلحة المتطورة إلى حزب الله في لبنان عبر سوريا، فما الذي ستفعله المرة المقبلة حين تظهر فيها مثل هذه القوافل بعدما أظهرت إيران قدراتها الهجومية وهدَّدت بأنَّ الهجوم الإسرائيلي القادم سيؤدي إلى تصعيدٍ واسع؟ وحتى لو افترضنا أنَّ طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ستظهر المرة القادمة في مهمتها بإجراءات حماية أكبر، فإنَّه بذلك يُقْدِم على مخاطرة محسوبة، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
وبحسب “هآرت”،س فإن إسرائيل تنظر إلى الضربات الجوية في سوريا على أنها “المعركة بين الحروب”، والتي تهدف أساساً إلى تقويض جهود فصائل مسلحة، مثل حماس وحزب الله، الرامية إلى تعزيز قوتها.
ومع أنَّ الأمور تبدو في طريقها للهدوء، يبدو بالنظر إليها من جديد أنَّنا كنا بعيدين قيد أنملة عن الانزلاق إلى حرب. ويتمثَّل تقييم المؤسسة الأمنية في أنَّه على الرغم من انتهاء جولة القتال تلك، فإنَّ صداماً آخر مع إيران مجرد مسألة وقت، بحسب “هآرتس”.
وتنصح “هآرتس” الحكومة الإسرائيلية بألا تنجرَّ إلى التصعيد؛ ففي ظل هذه الجيرة الصعبة، على الرغم من أنه مطلوب منها أن تُظهِر القوة والإصرار، فإنه ينبغي لها ألا تتجرَّأ على الانجرار وراء أوهامٍ حول القوة العسكرية غير المحدودة. ويبدو أنَّ القيادة في إسرائيل تعي ذلك.