وجِهَت اتهامات إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي يمثل أكثر القوات النظامية ولاءً للسلطة، باختلاق فيديوهات مُفَبرَكة للتظاهرات، بهدف توجيه المعارضة بعيداً عن المرشد الإيراني الأعلى، “آية الله علي خامنئي”، وتصويرها على أنها ضد الرئيس حسن روحاني.
وأشارت صحيفة “التايمز“ البريطانية، الجمعة 5 يناير/كانون الثاني 2018 إلى أنه يُشتبه في تصوير شركة لإنتاج الأفلام أنشأها الحرس الثوري لمحتجين حقيقيين، وبث فيديوهاتهم على الإنترنت، وجعل شكاواهم تبدو وكأنَّها مُوجَّهة ضد روحاني بدلاً من المُرشد.
ونقلت الصحيفة عن نرجس باجوغلي، وهي أكاديمية إيرانية بجامعة براون الأميركية، قولها إنها رصدت “بصمة المنتجين الإعلاميين التابعين للنظام” على فيديوهات للمحتجين، الذين يتحدَّثون عن المصاعب الاقتصادية التي تحمَّلوها وكيف أنَّهم يُحمِّلون روحاني المسؤولية.
وعبرت باجوغلي عن اعتقادها بأن الحرس الثوري “بدأ حملةً إعلامية جديدة ضد روحاني، مشيرةً أن هذا قد يُمثِّل انتقاماً من انتقاداتٍ سابقة وجَّهها الرئيس لمقدار الأموال التي ينفقها النظام على المؤسسات شبه الحكومية، والتي لا تخضع للمساءلة، واستُخدِمَت للترويج لسياسات النظام خارج نطاق سيطرته.
مع ذلك، عبَّر الكثير من المحتجين الذين شاركوا في المسيرات الحاشدة عن غضبهم من خامنئي وملالي البلاد الذين حكموها بقبضةٍ حديدية لعقود.
صراع نفوذ
ويعد الحرس الثوري بمثابة القوة الضاربة التي تقود توسع الإمبراطورية الإيرانية، ويترسخ نفوذه في مناطق عديدة بالشرق الأوسط، إلا أن خلافاته الأخيرة التي بدت أنها تتصاعد مع روحاني جعلته يواجه تحدياً غير مسبوق.
وأشار تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز“، إلى أن روحاني يحاول تقليم أظافر الحرس الثوري عبر استهداف ذراعه الاقتصادية، والتي تتمثل في شركة “خاتم الأنبياء” العملاقة المتخصصة بأعمال البناء، حيث تبني مساجد ومطارات ومنشآت للنفط والغاز، بالإضافة إلى المستشفيات وناطحات السحاب.
وتُعد “خاتم الأنبياء” أهم ذراع اقتصادي للحرس الثوري الإسلامي الإيراني. ويعمل بها ما يقرب من 1.5 مليون شخص، بما في ذلك مقاولون من الباطن، ويرأس هذه الشركة قائدٌ عسكري.
وأشار تقرير الصحافة الأميركية إلى أن الشركة تعرضت لحملة شرسة بقيادة الرئيس الإيراني روحاني، والذي وعد في أثناء ترشحه للانتخابات الأخيرة بإطلاق العنان للنمو الاقتصادي من خلال استكمال الاتفاق النووي وتحرير البلاد من العقوبات الدولية.
وبعد أن تمكَّن روحاني من تحقيق بعض وعوده، رغم أنَّ بعض العقوبات لا تزال قائمة، حوَّل اهتمامه الآن على الحرس الثوري، إذ يرى احتكار الحرس الثوري لقطاعاتٍ كبيرة من الاقتصاد وميله نحو الفساد عائقاً كبيراً أمام النمو الذي وعد به روحاني بعد استكمال الاتفاق النووي.
مخاوف من الاحتجاجات
وفيما تستخدم أطراف حكومية الاحتجاجات المشتعلة منذ أيام في عدة مدن إيرانية، فإن المسؤولين ينتابهم القلق من تمددها، ولذلك عمد النظام إلى إغلاق الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، التي يستخدمها الكثير من النشطاء للعمل على الإنترنت بهُوية مجهولة.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلن الحرس الثوري أيضاً أنَّه أرسل قواتٍ إلى المحافظات الثلاث التي شهدت أكبر الاحتجاجات، وهي همدان وأصفهان ولورستان، لاستعادة النظام فيها.
وقدَّرت منظمة العفو الدولية أنَّ أكثر من ألف شخص اعتُقِلوا ولا يزالون قيد الاحتجاز، وقالت إن السلطات استخدمت القوة المُفرِطة بما في ذلك الرصاص الحي على المحتجين، وأنَّ المعتقلين عُرضةٌ لخطر التعذيب وأحكام الإعدام.
وأشارت المنظمة إلى أن لدى إيران “سجلاً حافلاً بتنفيذ الاعتقالات التعسفية الجماعية للمتظاهرين السلميين”.
ويشار إلى أن إيران تحتل المرتبة الثانية بعد الصين في عدد الإعدامات التي تُنفِّذها سنوياً.