(قسد) تصرح بما تتمنى.. “القواعد الأميركية باقية وتتمدد”
سامر الأحمد
قلل خبراء وسياسيون سوريون من شأن التصريحات التي أطلقها قادة ميليشيات (قوات سورية الديمقراطية) حول بقاء القوات الأميركية شمال شرق سورية، لفترة طويلة، ورأوا أن هذه التصريحات مجرد كلام لا يجد له سندًا على أرض الواقع.
وقال الرئيس السابق لمجلس حلب العسكري العقيد المنشق عبد السلام الحميدي، في تصريح خاص لـ (جيرون): “إن هذ الكلام غير واقعي من الناحية العسكرية؛ فالوجود الدائم للقوات الأميركية أو حتى الروسية لا يمكن أن يستمر إلى أكثر من 10 سنوات كحد أقصى؛ وذلك بسبب رفض السكان المحليين للوجود الأجنبي، ولا سيّما أنّ القوات الأميركية تعتمد على ميليشيات (قسد) اعتمادًا أساسيًا، وهذه الميليشيات تؤدي -حاليًا- دورًا وظيفيًا فحسب، فهي مكونة من مجموعات مرتزقة سيتلاشون بمجرد انتهاء دورهم؛ وبالتالي سيكرر الأميركيون خطأهم في العراق، حين اعتمدوا على قوات الصحوات التي تفككت بسرعة، ولم تتمكن القوات الأميركية من البقاء طويلًا في مناطق وسط وغرب العراق، بسبب رفض السكان لوجودهم، وهذا الأمر من المتوقع أن يحصل في سورية عاجلًا أو آجلًا”.
وكان الناطق باسم ميليشيات (قسد) قد ادّعى في تصريحات لوكالة (رويترز)، يوم الخميس الماضي، أنّ “الجانب الأميركي يخطط للبقاء لفترة طويلة في الجزيرة السورية، ويفكر في إنشاء قواعد عسكرية بديلة عن قاعدة إنجرليك” الموجودة في تركيا.
لكن الجانب الأميركي -على ما يبدو- لا ينظر إلى الأمر كما تدّعى ميليشيات (قسد)؛ حيث أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت أنْ لا نية لبلادها البقاء في سورية، بعد هزيمة تنظيم (داعش)، كما أشارت إلى “رغبة واشنطن في أن يحكم السوريون بلادهم بأنفسهم”.
من جهة ثانية، وصف الصحفي مضر حماد الأسعد تصريحات ميليشيات (قسد) بأنها “مجرد إشاعات تطلقها الميليشيات”، وأضاف لـ (جيرون) أن “الهدف منها إعطاء دفع معنوي لعناصرهم، بعد الخسارة الكبيرة في الأرواح التي تعرضت لها خلال معركة الرقة وحالات الانشقاق الكثيرة التي تحدث في صفوفها، وبخاصة من المكون العربي”.
من جانبه علقّ رئيس المكتب السياسي لحركة الإنقاذ الوطني في الحسكة عبد القادر عاكوب على تصريحات (قسد) قائلًا: “لا يمكن أن يكون هذا التواجد استراتيجيًا وطويل الأمد؛ فالخروج الأميركي من العراق ما يزال ماثلًا أمامنا، ولا أحد يستطيع إنكار التماثل الثقافي والعرقي بين الجزيرة السورية والعراق”.
وأضاف العاكوب، في تصريح لـ (جيرون): “الأميركيون يعتمدون على قوى تستمد شرعيتها من السلاح، ولم تعمل واشنطن حتى الآن على مشروع توافقي مع القوى المجتمعية في المنطقة، ومن جهة أخرى هي قوى تحمل الكثير من التناقضات، سواء لجهة تغّير توجهاتها الأيديولوجية والإدارية أو لجهة القوى التي تعتمد عليها؛ وبالتالي لا يُعول على هذه القوى في تثبيت الأمن والاستقرار وهما شرطا الاستثمار والعمل”.
مصادر خاصة من محافظة الحسكة أكدت لـ (جيرون) أن القوافل الأميركية التي تحمل السلاح والجنود تمر على نحو يومي، عبر الطرق الرئيسية في المحافظة، قادمة من معبر (سيمالكا) الفاصل بين إقليم شمال العراق ومحافظة الحسكة. وأن القوات الأميركية تتمركز في ثلاث مواقع في الحسكة: مطار رميلان الزراعي شمال شرق المدينة، حيث أعادت القوات الأميركية تأهيله وبناء سور حوله، وهو تحت حماية (قسد) ويُمنع سكان المنطقة من الاقتراب منه أو محاولة تصويره، ويحتوي الموقع على مهبط للمروحيات ويتواجد فيه عشرات الجنود الأميركيين. الموقع الثاني في منطقةتل بيدر، قرب بحيرة الخابور شمال المدينة، وهي القاعدة البرية الأساسية في الحسكة. والموقع الثالث في منطقة حقول الجبسة، قرب مدينة الشدادي في ريف المحافظة الجنوبي. وتقوم القوات الأميركية بأعمال مراقبة على الشريط الحدودي مع تركيا، إذ تسيّر دوريات تستقر أحيانًا بين القامشلي ورأس العين.
الناشط الحقوقي، القاضي المنشق إبراهيم حسين أوضح لـ (جيرون) أنّ “هذه القواعد غير شرعية؛ لأنها لم تأت بالتوافق بين حكومة شرعية وبين الإدارة الأميركية، كما أنها لم تأت بقرار دولي، وعدّ الحسين أنّ مسألة قيام فصيل مسلح بمحاولة شرعنة وجود هذه القواعد على الأرض السورية أمر غير قانوني”، كما أكد حسين المنحدر من مدينة عامودا أن بإمكان “الحكومة السورية الشرعية المعترف بها دوليًا –في المستقبل- أن تقوم برفع شكوى إلى محكمة العدل الدولية المختصة بفض النزاعات القانونية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة؛ وذلك للمطالبة بخروج القوات الأميركية وإغلاق القواعد التي تم إنشائها، كما يحق لها المطالبة بتعويضات”.
بقيت مواقع انتشار القوات الأميركية تعامل بسريّة، ولم يتم ذكرها في التصريحات الرسمية الأميركية إلى أن نشرت وكالة (الأناضول) التركية، الشهر الماضي، خريطة للشمال السوري تظهر بعض أماكن تمركز هذه القوات في الحسكة والرقة. وأشارت الوكالة إلى وجود 8 قواعد عسكرية وقاعدتين جويتين في رميلان وخراب عشق، مع انتشار 200 جندي أميركي و75 جنديًا فرنسيًا في ريف الرقة الشمالي، و250 جنديًا آخر في مواقع هذه القوات في الحسكة؛ وقد دفع هذا الأمر وزارةَ الدفاع الأميركية إلى إبلاغ الحكومة التركية بأن نشر هذه المواقع يشكل خطرًا على القوات الأميركية، ويعوق الحرب على تنظيم الدولة (داعش).
يشار إلى أن الولايات المتحدة تقدم دعمًا كبيرًا بالسلاح والخبراء لميليشيات (قوات سورية الديمقراطية) على الرغم من أنها ترتبط ارتباطًا مباشرًا بـ (حزب العمال الكردستاني) المصنّف على قوائم الإرهاب العالمية، وعلى الرغم من التقارير التي نشرتها منظمات حقوقية دولية حول مئات الانتهاكات التي ارتكبتها هذه الميليشيات، في محافظات الحسكة والرقة وريف حلب.
المصدر جيرون