عبد الله النجّار….الهولوكوست (2)

عبد الله النجّار

لقراءة الجزء الأول اضغط هنا

– بدأ التجنيد الإجباري للشباب العربي مع صدور قانون أداء واجب الدفاع الذاتي ، الذي أصدرته ماتسمى ” بالإدارة الذاتية” المزعومة في تموز2014 ، إلا أن تنفيذه تركز بدايةً على المكوّن الكرديّ ، وتم تحاشي المكون العربي بسبب ردّة الفعل السّلبية التي أظهرها العرب تجاهه ، والتي تمثلت في عمليات فرارٍ للمجندين العرب ، أدى بعضها إلى سقوط قتلى من صفوف القوات ذاتها.

وظهرت ردة الفعل بشكلٍ أكثر عنفاً ، حين فرّ المدعو محمود صبح عبد العزيز أواخر العام 2014 ، بعد قيامه بقتل خمسة من زملائه في وحدات الحماية الكردية عل حاجز الأغيبش قرب ناحية تل تمر.

و كانت قد حصلت حوادث مشابهة مع أشخاصٍ من المكون الكردي ، دفعت بأحدهم إلى إحراق نفسه أمام مقر الوحدات الكردية في عين العرب/كوباني ، احتجاجاً على خطف ابنته القاصر من مدرستها ، من قبل كوادر الحزب ، بعد فترة قصيرة من خطف شقيقها.

و رغم أن منظماتٍ كثيرة مثل منظمة العفو الدولية ، ومجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ، ومنظمة هيومن رايتس ووتش ، أدانت عمليات التجنيد الإجباري التي تقوم بها ميليشيات الحماية الشعبية YPG ، إلا أن ذلك لم يردعها عن الاستمرار في سياستها المتبعة.

وخلال الأيام الماضية زادت الوحدات الكردية من مداهماتها للقرى والبلدات العربية ، بهدف سوق الشّبان العرب إلى معاركها ضدّ تنظيم داعش في الرقة ، فأخذت تداهم القرى ليلاً ، وتفتش عن الشبان ، وإذا ما حاول أحدهم الفرار تقوم بإطلاق النار عليه ، وقد حصلت عدة حوادث قتل جراء ذلك.

هذه المداهمات دفعت بالشبان العرب إلى ترك منازلهم وقراهم ، والتنقل من مكان لآخر ، للاختفاء عن عيون الوحدات الكردية ، وسط إغلاقٍ تامٍ للمنطقة سواء من جهة الحدود الشمالية مع تركيا أو الشرقية مع العراق، و تقطيع أوصال المنطقة بالحواجز ، بمافيها تلك العائدة إلى النظام.

المضحك المبكي في عمليات التجنيد الاجباري والسّوق الرخيص للشباب العربي إلى الموت ، أن من تجنّدهم هذه الوحدات إجبارياً ، لقتال تنظيم داعش ، كانت ولاتزال تنظر إليهم على أنهم يشكلون الحاضنة الاجتماعية للتنظيم المذكور ، وانطلاقاً من رؤيتها هذه قتلت أقاربهم ، وحرقت قراهم وجرّفتها ، وأجبرت من تستطيع منهم على الرّحيل ، بينما تريد منهم في الوقت الحالي أن ينتظموا في صفوفها لقتال التنظيم.

حملة التجنيد المركزة حالياً على الشباب العربي في محافظة الحسكة تحديداً ، تنفذ بشكل مرتجل وسريع ، ومن دون إعطاء الحدّ الأدنى من التدريب ، حيث ذكر موقع باسنيوز الكردي بناءً على معلومات من مصادر مطّلعة أن الوحدات الكردية أنشأت معسكراً جديداً في بلدة المبروكة برأس العين لتدريب المجندين الجدد ، في دوراتٍ مستعجلة مدتها خمسة عشر يوماً فقط ، يزجّ بعدها هؤولاء في جبهات القتال مع تنظيم داعش .

وإذا علمنا أن غالبية الشباب المُساقين إلى الجبهات حالياً من المكوّن العربي ، يمكننا معرفة الغاية الكامنة وراء هذا الاستهتار بالأرواح ، والتي تتمثل في إدخال تغييرٍ ديمغرافي جديد يناسب طموحها في السيطرة والتمدد ، توضحه أسماء عشرات القتلى من المجندين العرب الذين يجري تشييعهم بشكلٍ يومي ، مقارنةً مع العدد الأقل من أقرانهم في المكون الكردي.

وتعزز هذه الحقيقة مافرضته هذه الوحدات مؤخراً على المجندين من “عرب الغمر” لقاء تسريحهم من الخدمة ، حيث فرضت عليهم إبراز وثيقة قيد مدني تثبت نقل مساكنهم من محافظة الحسكة إلى محافظات الرقة أو حلب، أو أية محافظة أخرى ، مع العلم أن اللوائح الداخلية لمديرية الأحوال المدنية في محافظة الحسكة تحظر ذلك منذ عقود طويلة ، حفاظاً على التركيبة السكانية للمحافظة المختلطة إثنيا ودينياً.

وكما جرت عليه العادة في حزب العمال الكردستاني PKK منذ تأسيسه ، فإنه يتم إطلاق أسماء حركية على المجندين العرب ، أسوةً بأقرانهم الاكراد ، إلا أن المفارقة تتمثل في إطلاق أسماءٍ كردية عليهم ، بحيث لايبدو للقتلى العرب أي وجود في مايسمى ” بمقابر الشهداء” ، التي لن تبقى فيها سوى الأسماء الحركية الكردية.

يترافق ذلك مع تغييبٍ تام للمكون العربي عن مراكز القيادة ، فرغم الأعداد الضخمة التي تجنّدها منهم بشكلٍ إجباري ، إلا أنه لايوجد حتى ولا قائد واحد من المكون العربي في قياداتها العسكرية ، لا على المستوى الأعلى ولا حتى المتوسط.

منذ احتكارها لدعم قوات التحالف ، منعت وحدات الحماية الشعبية YPG العرب من تشكيل أي فصيلٍ عسكري خاص بهم ، حتى أن حلفاءها في ماسمي بقوات سورية الديمقراطية ” قسد ” منعتهم من تعزيز قدراتهم العسكرية ، عبر تجنيد مقاتلين جدد.

ففي تشرين الأول 2015 حاول لواء ثوار الرقة زيادة عدد قواته ، عبر الاندماج مع مقاتلين من أبناء العشائر ، فيما أُطلق عليه حينها جبهة ثوار الرقة ، والتي أخذت بضمّ الشبان العرب من أبناء محافظة الرقة الراغبين في قتال تنظيم داعش .

إلا أن قوات الحماية الكردية YPG رفضت ذلك ، ثم قطعت عنهم الإمداد ، وحاصرتهم تموينياً ، ومنعت إسعاف الجرحى إلى مشافي تل أبيض ، واضطرتهم أخيراً إلى حلّ الجبهة ، والاكتفاء بحجم اللواء الأصلي الذي لايتجاوز 200 مقاتل.

وفي السياق ذاته تأتي عمليات القصف الموجّهة ضدّ الفصائل العربية المشاركة في معركة تحرير الرقة ، والتي يتمّ الإدّعاء أنها تمت بالخطأ.

ففي هذا الشهر فقط تعرضت قوات النخبة التي يقودها رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا ، لقصف من قبل طائرات التحالف – التي يتم تزويدها بالإحداثيات عن طريق قوات الحماية الكردية – قرب السوّر الأثري ، وقبل يوم واحد فقط تعرض مقاتلوا مجلس منبج العسكري المشاركون في ذات المعركة ، لقصف من طائرات التحالف أيضاً ، في موقع قرية العكيرشي ، ذهب ضحيتهما العشرات من القتلى.

كذلك تعرضت فصائل أخرى خلال الأشهر القليلة الماضية لاستهداف مماثل ، يتم تبريره بالخطأ الذي لم يحدث ولا مرةً واحدة تجاه مقاتلي الوحدات الكردية أبداً.

كل ماسبق تفسره حادثةٌ تُروى نقلاً عن مقاتلين عرب يقاتلون في قوات الحماية الكردية YPG ، حيث حوصرت مجموعتهم يوم السبت في الثامن من تموز الجاري ، داخل الأحياء الشرقية لمدينة الرقة ، وعند طلبهم مؤازرة طائرات التحالف عبر القائد الأعلى ، وبعد أن علم أنهم ليسوا أكراد كان ردّه (( إلى جهنم …فليقتلوا جميعاً )) ، وبالتأكيد فهذا ردّ غير مستغرب ممن ارتكب كل أنواع الجرائم بحق العرب والأكراد وباقي المكونات في الجزيرة وعفرين وتل أبيض وصرّين ، ولايزال.

رغم مرور سبع سنواتٍ على انطلاق الثورة السورية ، وتعدد الفصائل المقاتلة ، باختلاف مرجعياتها ، إلا أنه لا يوجد فصيل أجبر الناس على القتال في صفوفه ، سوى وحدات الحماية الشعبية YPG ، وخاصةً عندما يكون انتماؤهم إلى مكونٍ آخر .

التجنيد الإجباري الذي تنفذه هذه الوحدات التابعة لحزب العمال الكردستاني PKK تجاه المكوّن العربي في الجزيرة ، هو إعلان حربٍ تقف خلفه غاياتٌ سياسية وديمغرافية باتت معروفة للجميع.

عن شباب بوست

انظر ايضا

عبدالله النّجار….الهولوكوست (1)

  عبدالله النجّار  لقراءة الجزء الثاني من المقالة اضغط هنا في كتابه “منفستو الحضارة الديمقراطية” …

أردوغان: إن لم تخرج "pyd" من منبج فسنقوم بما يلزم

حزبُ العمّال الكردستانيّ PKK و الورطةُ السّوريّة…

عبدالله النجار لم يكنْ حزب العمال الكردستاني PKK يعتقدُ أن الأزمةَ السورية – كما يُسميها …

مصور حفل زفاف صالة السنابل يكشف حقائق جديدة

مصور حفل زفاف صالة السنابل يكشف حقائق جديدة

  أكّد مصوّر حفلة زفاف صالة السنابل “ أحمد خلف ” أن ما أشيع حول …