
لقراءة الجزء الأول اضغط هنا
– بدأ التجنيد الإجباري للشباب العربي مع صدور قانون أداء واجب الدفاع الذاتي ، الذي أصدرته ماتسمى ” بالإدارة الذاتية” المزعومة في تموز2014 ، إلا أن تنفيذه تركز بدايةً على المكوّن الكرديّ ، وتم تحاشي المكون العربي بسبب ردّة الفعل السّلبية التي أظهرها العرب تجاهه ، والتي تمثلت في عمليات فرارٍ للمجندين العرب ، أدى بعضها إلى سقوط قتلى من صفوف القوات ذاتها.
وظهرت ردة الفعل بشكلٍ أكثر عنفاً ، حين فرّ المدعو محمود صبح عبد العزيز أواخر العام 2014 ، بعد قيامه بقتل خمسة من زملائه في وحدات الحماية الكردية عل حاجز الأغيبش قرب ناحية تل تمر.
و كانت قد حصلت حوادث مشابهة مع أشخاصٍ من المكون الكردي ، دفعت بأحدهم إلى إحراق نفسه أمام مقر الوحدات الكردية في عين العرب/كوباني ، احتجاجاً على خطف ابنته القاصر من مدرستها ، من قبل كوادر الحزب ، بعد فترة قصيرة من خطف شقيقها.
و رغم أن منظماتٍ كثيرة مثل منظمة العفو الدولية ، ومجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ، ومنظمة هيومن رايتس ووتش ، أدانت عمليات التجنيد الإجباري التي تقوم بها ميليشيات الحماية الشعبية YPG ، إلا أن ذلك لم يردعها عن الاستمرار في سياستها المتبعة.
وخلال الأيام الماضية زادت الوحدات الكردية من مداهماتها للقرى والبلدات العربية ، بهدف سوق الشّبان العرب إلى معاركها ضدّ تنظيم داعش في الرقة ، فأخذت تداهم القرى ليلاً ، وتفتش عن الشبان ، وإذا ما حاول أحدهم الفرار تقوم بإطلاق النار عليه ، وقد حصلت عدة حوادث قتل جراء ذلك.
هذه المداهمات دفعت بالشبان العرب إلى ترك منازلهم وقراهم ، والتنقل من مكان لآخر ، للاختفاء عن عيون الوحدات الكردية ، وسط إغلاقٍ تامٍ للمنطقة سواء من جهة الحدود الشمالية مع تركيا أو الشرقية مع العراق، و تقطيع أوصال المنطقة بالحواجز ، بمافيها تلك العائدة إلى النظام.
المضحك المبكي في عمليات التجنيد الاجباري والسّوق الرخيص للشباب العربي إلى الموت ، أن من تجنّدهم هذه الوحدات إجبارياً ، لقتال تنظيم داعش ، كانت ولاتزال تنظر إليهم على أنهم يشكلون الحاضنة الاجتماعية للتنظيم المذكور ، وانطلاقاً من رؤيتها هذه قتلت أقاربهم ، وحرقت قراهم وجرّفتها ، وأجبرت من تستطيع منهم على الرّحيل ، بينما تريد منهم في الوقت الحالي أن ينتظموا في صفوفها لقتال التنظيم.
حملة التجنيد المركزة حالياً على الشباب العربي في محافظة الحسكة تحديداً ، تنفذ بشكل مرتجل وسريع ، ومن دون إعطاء الحدّ الأدنى من التدريب ، حيث ذكر موقع باسنيوز الكردي بناءً على معلومات من مصادر مطّلعة أن الوحدات الكردية أنشأت معسكراً جديداً في بلدة المبروكة برأس العين لتدريب المجندين الجدد ، في دوراتٍ مستعجلة مدتها خمسة عشر يوماً فقط ، يزجّ بعدها هؤولاء في جبهات القتال مع تنظيم داعش .
وإذا علمنا أن غالبية الشباب المُساقين إلى الجبهات حالياً من المكوّن العربي ، يمكننا معرفة الغاية الكامنة وراء هذا الاستهتار بالأرواح ، والتي تتمثل في إدخال تغييرٍ ديمغرافي جديد يناسب طموحها في السيطرة والتمدد ، توضحه أسماء عشرات القتلى من المجندين العرب الذين يجري تشييعهم بشكلٍ يومي ، مقارنةً مع العدد الأقل من أقرانهم في المكون الكردي.
وتعزز هذه الحقيقة مافرضته هذه الوحدات مؤخراً على المجندين من “عرب الغمر” لقاء تسريحهم من الخدمة ، حيث فرضت عليهم إبراز وثيقة قيد مدني تثبت نقل مساكنهم من محافظة الحسكة إلى محافظات الرقة أو حلب، أو أية محافظة أخرى ، مع العلم أن اللوائح الداخلية لمديرية الأحوال المدنية في محافظة الحسكة تحظر ذلك منذ عقود طويلة ، حفاظاً على التركيبة السكانية للمحافظة المختلطة إثنيا ودينياً.
وكما جرت عليه العادة في حزب العمال الكردستاني PKK منذ تأسيسه ، فإنه يتم إطلاق أسماء حركية على المجندين العرب ، أسوةً بأقرانهم الاكراد ، إلا أن المفارقة تتمثل في إطلاق أسماءٍ كردية عليهم ، بحيث لايبدو للقتلى العرب أي وجود في مايسمى ” بمقابر الشهداء” ، التي لن تبقى فيها سوى الأسماء الحركية الكردية.
يترافق ذلك مع تغييبٍ تام للمكون العربي عن مراكز القيادة ، فرغم الأعداد الضخمة التي تجنّدها منهم بشكلٍ إجباري ، إلا أنه لايوجد حتى ولا قائد واحد من المكون العربي في قياداتها العسكرية ، لا على المستوى الأعلى ولا حتى المتوسط.
منذ احتكارها لدعم قوات التحالف ، منعت وحدات الحماية الشعبية YPG العرب من تشكيل أي فصيلٍ عسكري خاص بهم ، حتى أن حلفاءها في ماسمي بقوات سورية الديمقراطية ” قسد ” منعتهم من تعزيز قدراتهم العسكرية ، عبر تجنيد مقاتلين جدد.
ففي تشرين الأول 2015 حاول لواء ثوار الرقة زيادة عدد قواته ، عبر الاندماج مع مقاتلين من أبناء العشائر ، فيما أُطلق عليه حينها جبهة ثوار الرقة ، والتي أخذت بضمّ الشبان العرب من أبناء محافظة الرقة الراغبين في قتال تنظيم داعش .
إلا أن قوات الحماية الكردية YPG رفضت ذلك ، ثم قطعت عنهم الإمداد ، وحاصرتهم تموينياً ، ومنعت إسعاف الجرحى إلى مشافي تل أبيض ، واضطرتهم أخيراً إلى حلّ الجبهة ، والاكتفاء بحجم اللواء الأصلي الذي لايتجاوز 200 مقاتل.
وفي السياق ذاته تأتي عمليات القصف الموجّهة ضدّ الفصائل العربية المشاركة في معركة تحرير الرقة ، والتي يتمّ الإدّعاء أنها تمت بالخطأ.
ففي هذا الشهر فقط تعرضت قوات النخبة التي يقودها رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا ، لقصف من قبل طائرات التحالف – التي يتم تزويدها بالإحداثيات عن طريق قوات الحماية الكردية – قرب السوّر الأثري ، وقبل يوم واحد فقط تعرض مقاتلوا مجلس منبج العسكري المشاركون في ذات المعركة ، لقصف من طائرات التحالف أيضاً ، في موقع قرية العكيرشي ، ذهب ضحيتهما العشرات من القتلى.
كذلك تعرضت فصائل أخرى خلال الأشهر القليلة الماضية لاستهداف مماثل ، يتم تبريره بالخطأ الذي لم يحدث ولا مرةً واحدة تجاه مقاتلي الوحدات الكردية أبداً.
كل ماسبق تفسره حادثةٌ تُروى نقلاً عن مقاتلين عرب يقاتلون في قوات الحماية الكردية YPG ، حيث حوصرت مجموعتهم يوم السبت في الثامن من تموز الجاري ، داخل الأحياء الشرقية لمدينة الرقة ، وعند طلبهم مؤازرة طائرات التحالف عبر القائد الأعلى ، وبعد أن علم أنهم ليسوا أكراد كان ردّه (( إلى جهنم …فليقتلوا جميعاً )) ، وبالتأكيد فهذا ردّ غير مستغرب ممن ارتكب كل أنواع الجرائم بحق العرب والأكراد وباقي المكونات في الجزيرة وعفرين وتل أبيض وصرّين ، ولايزال.
رغم مرور سبع سنواتٍ على انطلاق الثورة السورية ، وتعدد الفصائل المقاتلة ، باختلاف مرجعياتها ، إلا أنه لا يوجد فصيل أجبر الناس على القتال في صفوفه ، سوى وحدات الحماية الشعبية YPG ، وخاصةً عندما يكون انتماؤهم إلى مكونٍ آخر .
التجنيد الإجباري الذي تنفذه هذه الوحدات التابعة لحزب العمال الكردستاني PKK تجاه المكوّن العربي في الجزيرة ، هو إعلان حربٍ تقف خلفه غاياتٌ سياسية وديمغرافية باتت معروفة للجميع.
اكتشاف المزيد من شباب بوســــــت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.