من تحت سقف الحرب للدكتورة يسرى السّعيد
في هذه الليلة السحرية قرر ان يرسم لوحة جميلة يستطيع ببيعها ان يفي بوعده لنفسه، ويرسم لوحة مكتملة، بدأ لوحته بعد ان جلس وجهاً لوجه مع القمر، تحدث كثيرا اليه، شاوره بكوب شاي مع النعناع، وتناولاه، وكان سعيداً بان كوب الشاي الآخر قد فرغ أيضاً، عقد العزم على الرسم وامضى وقته باعطاء اللوحة كل اسباب النجاح، لكنه تذكر ان حديثه مع القمر لما ينته بعد، هذه المرة اخبر صديقه بكل مايجول في خاطره من رغبات، فقد غمرت الاحلام كل الافق، وليس سوى القمر قادرا على احتوائها، لو كان القمر قربه لوضع راسه على كتفيه وبكى ، فمريم التي خذلته وسافرت، وامه التي اخلفت وعدها ورحلت قبله، وتلك الدار التي سقى ورودها بعرقه، كلهم حضروا الآن .
لم يبق للوحة سوى تشطيبات قليلة سيعود اليها بعد ان يخبر القمر باسراره، عدل جلسته بعد ان انهى بكاءه على كتف القمر وقال: كنت سامضي ليلة العيد في تلك الفسحة من الدار لكن احدا لايدري بعد كيف سقط نيزك بشري، واحرق كل ما في الدار، ومن فيها، وكان تاخره في المعرض سبباً لنجاته، لقد كانت حفلة زفافه بعد غد واحد من مرور النيزك، وكان كل شيئ جاهزاً، الا وفاء مريم، التي احرقت كل وعودها بعد ان اخبروها باحتراق منزله…..
لو كانت مريم معه لانطفأت نيران النيزك ربما، وربما لم يرى قمراً بعد وجهها.
لقد قالت لي امي: كل الذين أحبوا مثلي اطفأوا قمر السماء، لكن القمر ضحك كثيراً، ولم يغادره كما كان متوقعاً ذلك بعد صراحته. لكنه لمح له بأن اللوحة لم تكتمل بعد، فربما ادرك القمر وحده ان نيزكاً بشرياً جديداً سيزور صديقه الرسام ويحرقه هذه المرة ويبقي على لوحته فقط شاهداً على جلستهما.
في الصباح انتشر جيرانه بحثاً عن ركامه وسط عدة لوحات محترقة، لم يبقى منها سوى لوحة واحدة رسم فيها وجهه وهو نائماً مستريحاً في حضن القمر، وقد علت ابتسامته وغطت على كل حراائق النيازك البشرية التي هطلت ولما تزل على رؤوس كثر لم يمتلكوا ريشة ولا لوحةً تخبر عنهم او تضمهم لحضن القمر