عبدالله النجار :
منذ أعلنَ رياض حجاب رئيس الهيئة العليا أمس تعليقَ المفاوضات، وأنا أفكرُ بالخيارات البديلة، وهل كان على حجاب أن يفعل ذلك؟ ألم يكن بالإمكان مجاراةُ النّظام لعله يكون البادي في الانسحاب، فتثبتُ عليه التهمة؟.
ربما تساءلَ كثيرون مثلي، وهذا حقّ مشروع، لأن وقف القتل والتدمير هاجسُنا جميعًا، غير أنّ قلائلَ همُ الذين يعلمون مايدور في ذهنِ الرجل، وبالتأكيد لستُ واحداً منهم.
بدايةً علينا أن ننظر إلى الوضع العام حاليًا، فقد عاد النظام ليتصدر المشهد، بعد أن انزاح عن كاهله عبءُ التّخلي عن السّلطة، مع تواتر التصريحات الدولية عن انعدام البديل، الذي يحافظ على وجود الدولة ويحارب الإرهاب.
ومع تصدر النظام للمشهد، يبدو وفد المعارضة المكشوف الظهر، وكأنه ذاهبٌ لاستجداء الحلّ السياسي، من نظامٍ غيرِ آبهٍ بالمُساءلة الدولية، التي باتت تترنحُ مع تذبذب الرّاعي الأمريكي وتوحّش الرّوسي، في ظلّ انشغال الدول الفاعلة إقليميًا، بمشاكلَ شغلتها عن الهمّ السوري، أو ربّما قيدت يديها، ومنعتها حريةَ الحركة.
تتبدل المواقف بسرعة حيالَ الأزمةِ السورية، بتبدلِ المصالح المرعّية فيها، والتي باتت بلا بديلٍ تقدمه الدول ذات العلاقة للشعب السوري، الذي دفع ثمنًا غاليًا لقاء ما يصبو إليه.
ربما تكون كل خيوط القوة بين أيدينا، غير أننا لا نجيدُ الحياكة، وربما وضعت كل دولة يدها على جزءٍ من هذه الخيوط، للحفاظِ على مصالحها، التّي تأتي في المقدمة، ومن ثم تأتي مصالحُ السّوريين.
كما أن إعادة فرز هذه الخيوط، وتوضيبها، وتجميعها، وتنسيقها، تعطي صاحبها مكمن قوةٍ جديد، قد يكون الأقوى، في وقت تشابكت فيه المصالح، داخليًا وخارجيًا، وباتَ الأصدقاء أعداء في لحظات، وأصدقاء في أخرى.
وقد تكون عملية إعادة توحيد مكامن القوة، بحدّ ذاتها، دافعًا لتقدُّمِ بعضِ الأطراف من المقاعد الخلفية إلى المقاعدِ الأمامية، وتخلّصها من قيود الرّوتبةِ الأمريكية.
خلال شهري التفاوض استطاع رياض حجاب إثباتَ جدارته في قيادة العملية، وكسبِ ثقةِ الغالبية العظمى من السّوريين المؤيدين للثورة، أولئك الذين لم يلتفّوا حول شخصٍ من قبل كما التفّوا حوله، بوصفه رئيس الهيئة العليا للمفاوضات.
فهل يبدأ حجاب إعادةَ نسجِ العلاقة مع الأطراف المختلفة، من منطقِ الأفعال وليس الأقوال؟ وهل يستطيع مسكَ كلّ خيوط العملية، والتحكم بها إزاء الدول الفاعلة سواء تلك الصديقة أم غيرها ، وإنهاء حالة التشتت التي مازالت تسيطر في بعض الأمكنة؟.
هل هذا بالفعل ما يدور في خلده؟ إذا كان كذلك فمن الواجب علينا جميعًا أن نساعده في إنجازه.
حقوقي و كاتب و محلل سياسي سوري مختص بالشأن الكردي