مدفوعا بغيرة عمياء على حبيبته، تسبَّب بلاغٌ قدَّمه رجل نمساوي في قيام وحدات مكافحة الإرهاب النمساوية “كوبرا” بالقبض على طالب لجوء سوري، بدعوى تخطيطه لتنفيذ عملية إرهابية لصالح تنظيم داعش.
لم تمضِ ساعات حتى تبيَّن أن الشاب السوري ضحية بلاغ كاذب، اتهمه مقدّمه بالإرهاب والتحضير لهجوم، وتم بالفعل إطلاق سراحه.
طالب اللجوء السوري (29 عاماً) المقيم في مدينة إنسبروك، عاصمة ولاية تيرول، دفع ثمن تقدمه بخطوات جيدة في مجال تعلم اللغة الألمانية، إذ أرادت معلمته البالغة من العمر 55 عاماً أن تكافئه باصطحابه معها لزيارة للمسرح.
إلا أن الشاب السوري فوجئ بعناصر مكافحة الإرهاب الملثمين والمدججين بالسلاح وهم يقتحمون مسكنه السبت 27 نوفمبر/تشرين الأول 2016، قبل موعد المسرحية، ويعتقلونه بتهمة عضوية تنظيم “داعش” الإرهابي، وتزَعُّم خلية خطيرة للتنظيم، تخطط لهجوم إرهابي.
ولم تمضِ سوى ساعات على الاعتقال، حتى ظهرت حقيقة القضية المُلفَّقة؛ إذ تبين للشرطة التي كانت تحقق لتعرف هوية مرسل رسالة بريد إلكتروني تحوي تفاصيل عن المتهم المزعوم، أن صاحب هذه الرسالة ليس إلا شريك حياة المعلمة، وهو نمساوي يبلغ من العمر 61 عاماً، يقضي عطلته حالياً وحيداً في رومانيا، وكان قد علم بالتقارب بين الاثنين، وأراد منع ذهابهما معاً إلى المسرح لحضور العرض الأول من أحد الأعمال، بحسب ما ذكر موقع “كورير“.
وكتب الرجل يوم الخميس الماضي رسالة إلكترونية، بعثها من بريد مجهول إلى وزارة الداخلية النمساوية، اتهم فيها الشاب السوري بأنه عضو كبير بتنظيم “داعش”، وأن خلية يتزعمها تُخطِّط لهجوم في السادس والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، على الاحتفالية المسرحية التي كان يعرف أن صديقته والسوري سيزورانها.
وتواصلت السلطات حينها مع “نيكولاس غرانباخر”، أحد العاملين في المسرح، الذي زُعم أن الهجوم سيقع عليه.
وقال “غرانباخر” إن وزارة الداخلية أعلمته بشأن اشتباهها بإمكانية وقوع هجوم. ولم يتم العثور على أي شيء عندما جرى تفتيش المسرح بحثاً عن قنابل، وتم الإعلان عن إلغاء حالة الاستنفار الساعة السابعة مساء، أي قبل ساعة من العرض المسرحي.
ونقل الموقع عن مدير مكتب حماية الدستور المحلي بيتر أوم، توضيحه أنه بعد أن أنكر الرجل في البداية، اعترف، وقال إن “الغيرة” كانت دافعه لفعل ذلك.
وأوضح المتحدث باسم النيابة العامة هانسيورغ ماير، أنه سيتم تقديم بلاغ ضد الرجل بتهمة الافتراء وتزييف فعل إجرامي، كما سيتحمل تكاليف عمليات الشرطة الأمنية. وقيل إن المبلغ الذي سيدفعه مكون من ٥ أرقام، أي قد يكون عشرات الآلاف من اليوروات.
وأُطلق سراح السوري مساء السبت، أي في ذات يوم توقيفه، وقال مدير مكتب حماية الدستور المحلي، إن الشاب السوري “ضحية مسكين”، وإنه “بعد الصدمة الأولى، بدأ يأخذ الأمر على نحو فكاهي، ولم يكن غاضباً من أحد”.
الشبكات الاجتماعية
وانتقدت سيمونه رابل، الاستشارية في مركز خدمة اللاجئين “دياكوني”، التي تعرف الشاب السوري بشكل شخصي، إطلاق الأحكام بشكل فوري على اللاجئ في الإنترنت، قائلة إنه “تمت إدانته على وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل، قبل أن تنهي الشرطة تحقيقاتها. كانت الكراهية ملموسة على الفور”.
وذكرت وكالة الأنباء النمساوية، أن الشاب وُصف بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي قبل إطلاق سراحه بـ”الإرهابي”.
وبينت “رابل” لصحيفة “تيرول تاغزتسايتونغ“، أن المقيمين مع السوري وصفوا لها كيف داهمت الشرطة المنزل، وكيف أن الكثير من الأبواب قد كُسرت.
المصدر: هافينغتون بوست