يستعد أحمد الدربو (38 عاماً) مع 7 أفراد من عائلته، للرحيل عن منطقة القامشلي شمال الحسكة إلى تركيا عبر طريق طويل يكلفه نحو ألفي دولار أمريكي يستدينها من قريب له، بغية الخلاص من الأوضاع المعيشية الصعبة في المحافظة، وسط تصاعد مستمر لأسعار المواد الغذائية.
وما تزال أزمة نقص مادة السكر المتجددة قائمة في مدن وبلدات محافظة الحسكة، تعاضدها البطالة وغلاء الأسعار الجنوني، ما تسبب بسحق الطبقة المتوسطة، لتهوي إلى مستوى المعدمين أو ترتفع إلى مصافي الأغنياء، نتيجة حصار تفرضه على السكان أطراف خارجية وتدعمه القوى المتحكمة بالمنطقة، وعلى رأسها قوات النظام والميليشيات التابعة لحزب “الاتحاد الديمقراطي” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، ما جعل المئات يفرون يومياً إلى تركيا ولبنان وشمال العراق.
أحمد الذي كان يعمل على دراجة نارية لإعالة أطفاله، قال : إن هذا العمل لم يعد مجدياً، فقطعة اللباس الشتوي هذا العام، وصل سعرها إلى نحو 9 آلاف ليرة، وسعر 1 كغ من السكر وصل إلى 700-1000 ليرة سورية، في حين تراجعت الزراعة والشباب يجبرون على التطوع في الميليشيات للحصول على راتب يعيل ذويهم، مشيراً إلى تحول المرتبطين بـ”الآبوجية” (PYD) إلى تجار كبار يتاجرون بكل شيء، فيما تحول الناس إلى نوعين فقراء جياع أو أغنياء بسبب ارتباطهم بطرف يحكم المنطقة يحصلون على رشى أو يتاجرون بمواد يرتفع الطلب عليها في الأسواق وقد يحتكرونها، هذا عدا عن تجارة الممنوعات.
وبخصوص أزمة نقص السكر وارتفاع أسعاره، قال أحمد إن “جميع التصريحات من قبل حكومة النظام أو الإدارة الكردية فقط للدعاية لأنفسهم، وجميع الكميات المعلن عن وصولها للمحافظة توزع كميات قليلة للمقربين، والباقي يتم بيعه بالسوق السوداء“.
وأضاف أحمد “يدور الحديث عن وصول طائرة ثالثة من دمشق محملة بـ 10 أطنان من السكر لتوزيعها بالحسكة بسعر 400 ليرة سورية، لكننا لن نحصل على شيء، كما حصل أثناء توزيع تلك التي سبقتها في منفذ بيع وحيد خلف المحكمة بيع خلال 24 ساعة 5،5 طن، ولم يبقَ سوى 4.5 من 10 طن خلال الدوام الرسمي، وفق ما قالوا لنا.
أردف أحمد: “هذا الكلام غير معقول 2،5 كغ لكل دفتر عائلة، عدا أنها كمية ضئيلة، فالتوزيع لـ 2200 دفتر خلال فترة الدوام الرسمي وهي 8 ساعات بمعدل كل دقيقة 5 دفاتر عائلة، غير ممكن، وهناك من ينهب نصف الكميات، وهذا شيء تعودنا عليه“.
وأكد المصدر خلال حديثه، أن أغلب الناس – الفقراء على وجه التحديد- يتمنون أن تفتح الحدود ليهاجروا خارج البلاد بالجملة، “لكن إغلاق الحدود من الداخل والخارج جعلنا نشعر بأننا في سجن كبير نسعى للخلاص منه، لذا سأذهب إلى إدلب ثم إلى تركيا مهما كلفني ذلك“.
*رأي تاجر
من جانبه أشار تاجر في مدينة القامشلي، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن نقطة أساسية –كما وصفها- وهي أن السكر القادم لأسواق مدن المحافظة جميعه ذو مصدر أوروبي أو جزائري أو لبناني، ولا يطرح بالسوق السكر العراقي أو التركي، أي أن السكر القادم من شمال العراق يخزن حتى الآن، والنظام لا يوزع بالمؤسسات كامل الكميات، وهذا ناتج عن تنافس بين الإدارة الكردية والنظام ومن يدفع الثمن هم الناس البسطاء.
وأوضح التاجر أن الكميات التي تطرح في الأسواق للناس وبأسعار أعلى من سعرها الحقيقي، تأتي من معبر “المبروكة” غرب “رأس العين”، حيث تشترط حواجز حزب “الاتحاد الديمقراطي” مرور جميع شاحنات المواد الغذائية في بلدة “المبروكة” ليتم إفراغها وتفتيش البضائع قبل تحميلها بشاحنة أخرى قبل دخول الحسكة، وهذا يزيد التكاليف وهذا ما رفع أسعار الزيتون الأخضر من 225 – 275 العام الماضي إلى 350 –400 ليرة هذا العام بسبب الإجراءات.
وأشار التاجر إلى أن مرور الشاحنات عبر مناطق سيطرة تنظيم “الدولة” والحزب وقوات النظام يحتاج لدفع مبالغ معينة لكافة الحواجز العسكرية على الطرق إلى أن تصل للمستهلك بالأسواق، وتكون المبالغ المدفوعة على حساب المستهلك فالتاجر لا يخسر.
ويرى التاجر أن هذه الإجراءات المقصودة وغير المقصودة من القوى المتحكمة بالأرض في المحافظة وما حولها، تجبر الناس على الهجرة، ما يعني افراغ المنطقة عبر الضغط على السكان، فإما أن يكونوا محسوبين على جهة أو يكونوا محرومين من كل شيء فغالبية الناس توقفت أعمالها المرتبطة في الغالب بالزراعة وتربية الحيوانات ولا يحصل بعضهم على ليرة واحدة باليوم، فكيف يعيشون في ظل هذا الغلاء دون عمل، وحتى المساعدات تختص بها عائلات المقاتلين والمقربين في الإدارة “الكردية” و”البعثيين” في تلك التي تأتي عن طريق النظام.
*مؤشرات السوق
ورصدت “زمان الوصل” أسعار بعض المواد للمستهلك في الريف الجنوبي والشرقي للحسكة على النحو التالي:
(سكر 750 ليرة، شاي 3000 ليرة، طحين160 ليرة، زيت قلي 850 ليرة، زيت زيتون 1650 ليرة، تونة 300 ليرة، دبس بندورة 900 ليرة، طبق بيض 1400 ليرة، فروج 1100 ليرة، لحم أحمر 2000 ليرة، بطاطا 225 ليرة، بندورة 250 ليرة، سلق 100 ليرة، بصل 150 ليرة، برتقال 300 ليرة، موز 450 ليرة، حليب أطفال 3700 ليرة).
أما في القامشلي سجلت الأسعار انخفاضاً طفيفاً: (موز 400 ليرة، موز أخضر 300 ليرة، كيوي 400 ليرة، بندورة 200 ليرة، خيار 200 ليرة، بطاطا 200 ليرة، تفاح 250 ليرة، برتقال كرمنتينا 200 ليرة، لهنة (ملفوف) 150 ليرة، فجل 100 ليرة، سكر 700 ليرة، زيت قلي 630 ليرة، طحينية 1700 ليرة، حلاوة 1400 ليرة، زيتون أخضر 400 ليرة).
المصدر: زمان الوصل