«السيل التركي» تكلفة العناد الروسي.. ألمانيا وتركيا وافقتا على تجاوز أوكرانيا لنقل الغاز إلى أوروبا

«السيل التركي» تكلفة العناد الروسي.. ألمانيا وتركيا وافقتا على تجاوز أوكرانيا لنقل الغاز إلى أوروبا

أوروبا والبحث عن البدائل الجديدة لمد أنابيب الغاز الروسي.

ولا يوجد لخطوط أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا من خلال أوكرانيا وألمانيا منافساً يذكر، بينما هناك منافسة قوية جداً لـ«السيل التركي» لنقل الغاز الروسي إلى القارة العجوز مع جمهورية آذربيجان وإيران والعراق وتركمنستان وإسرائيل. وتتمتع الدول المنافسة لروسيا بميزات أكثر، ومنها أن كلفة بناء خط الأنابيب من روسيا إلى أوروبا أكثر بكثير من باقي الدول المنافسة بسبب المسافة الكبيرة بين الحقول الغازية الروسية وبين تركيا. فضلاً على أن دول جنوب شرق أوروبا لا تعتبر سوقاً كبيراً للغاز ولا توجد ظرفية كبيرة في هذه الدول لتطوير هذا السوق.

وتعهدت موسكو وأنقرة خلال لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان أن يتم تطوير مشروع «السيل التركي»، ومن المقرر أن يتم نقل الجزء الأكبر من الغاز الروسي إلى أوروبا من خلال تركيا بدلاً من أوكرانيا، ووافق بوتين على ذلك لمعاقبة كييف رغم أن ذلك سيكلف روسيا. وكان هدف الروس من استبدال مسير الأنابيب حذف أوكرانيا وتقليص دورها وتجاوز بعض المخاطر السياسية والفنية التي تهدد نقل الغاز إلى أوروبا.

وبدأت روسيا بناء «السيل الشمالي» من خلال بحر البلطيق و«السيل الجنوبي» من خلال بحر الأسود في عام 1997، وأبلغت الحكومة الروسي شركة غازبروم أن تدرس الخيارات البديلة لمسير أوكرانيا، ولا تقلق ولا تهتم بتكاليف بناء خط الأنابيب. ويملك أقرباء وأصدقاء فلاديمير بوتين العديد من الشركات المسؤولة على بناء «السيل الشمالي» و«السيل الجنوبي»، وحسب الوثائق المالي المتوفرة، تكاليف بناء كل كليو متر من خط أنابيب Gryazovets-Vyborg التي يوصل شبكة الغاز الوطنية الروسية بـ«السيل الشمالي»، هي 8 ملايين و400 ألف دولار، بينما هذه التكاليف في المشاريع المماثلة في دول أخرى هي ثلث هذ المبلغ.

وواصلت الحكومة الروسية صرف مبالغ كبيرة على هذه المشاريع حتى بعدما تبين أن بناء هذه الأنابيب غير اقتصادي، وبناء خط أنابيب الغاز بين منطقة سخالين ومدينة فلاديفوستوك بالقٌرب من الحدود الصينية الروسية وبناء «السيل الجنوبي» هما من نماذج هذه المشاريع الفاشلة، بينما صرفت موسكو ما لا يقل عن 17 مليار دولار لنباء هذين المشروعين، وفي عام 2014 أعلن فلاديمير بوتين أنه لن يمكن بناء بقية «السيل الجنوبي» على الشاطئ الغربي لبحر الأسود، وأنه سيتم بناء «السيل التركي» بدل منه.

وبعد اللقاء الأخير بين بوتين وأردوغان، وافقت تركيا عن بناء خط الأنابيب الثاني لـ«السيل التركي» مقابل تخفيضات بنسبة 25% لشراء الغاز من روسيا، «امتيازات أخرى» حصل عليها كلا من الدولتين.

وكل ذلك أدى إلى خبية أمل كبيرة لأوكرانيا، وزداد ارتباك كييف حينما اتضح أن برلين وأنقرة تدعمان تجاوز أوكرانيا في مشاريع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا. وأعلنت ألمانيا استعدادها الكاملة لبناء «السيل الشمالي» لتصبح المسير الرئيسي لتوفير الغاز لوسط وشمال غرب أوروبا، ومن جانب ثاني تشعر تركيا بارتياح كبير لأنها تمكنت من امتلاك ورقة ضغط سياسية اقتصادية على موسكو والحصول على البنية التحتية الروسية.

ومن جانب آخر، تواصل أنقرة وباكو بناء خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول (TANAP)، ووقّعت جمهورية أذربيجان عقوداً لبيع الغاز إلى إيطاليا وبلغاريا واليونان. وتطمح تركيا أن تصبح المسير الرئيسي لنقل غاز إيران والعراق إلى أوروبا. وتتمتع تركمنستان وإسرائيل بهذه الظرفية أن تصبحا مناسفاً للغاز الروسي من خلال تركيا، فضلاً على أنه يمكن استخدام خط أنابيب الغاز العابر من أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا لنقل غاز الدول المنافسة لروسيا بتجاه العكس يعني من بلغاريا إلى رومانيا وبعدها أوكرانيا. ونظراً لهذه الفكرة تطمح بلغاريا أن تتحول إلى مركزاً آخراً لتوفير الغاز في المنطقة.

ومن خلال أخذ بالحسبان هذه الحقائق والأفكار يمكن القول إنه يجب على روسيا أن تعطي تخفيضات كبيرة للزبائن في منطقة جنوب شرق أوروبا في المستقبل، وفي حال حصول ذلك سيصبح تصدير الغاز إلى هذه المنطقة تجارة غير مربحة، نظراً للتكاليف العالية لاستحصال الغاز ونقله.

عن نايا أحمد

انظر ايضا

إعلامي مقرب من نظام الأسد: النظام يعيش وضعاً خطـ.ـراً.. وخروجه من هذه الأزمة يستلزم “معـ.جزة”!

أكد الإعلامي اللبناني “سامي كليب” أن نظام الأسد يمرّ بمأزق صعب، ويعيش لحظات مفصلية لا …

الوجود السوري في تركيا.. وقود صراع سياسي مجهول النتائج

مثلت جولة الإعادة للانتخابات البلدية في اسطنبول، نهاية الشهر الماضي، الحلقة الأحدث ضمن التطورات السياسية …

هل خسر العرب تركيا لصالح إيران؟

الباحث مهند الكاطع تشهد منطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول المجال العربي على وجه الخصوص، تحديّات …