قام مضر بتقديم دروس في الطبخ للحصول على دعم للمشروع، حيث اكتسب خبرة تدريس الطبخ من مشاركته مؤخراً في مهرجان للسلام في كوريا الجنوبية، لما قدمه في مجال مساعدة اللاجئين، وقدم في سيول دروساً في الطبخ السوري
لم يكن السوري مضر الشيخ أحمد يعلم عندما وصل قبل عامين إلى ألمانيا، أن مشروعاً جامعياً عن الطبخ يجمع اللاجئين والمواطنين شارك فيه، سيتطور ليصبح جمعية مسجّلة، يدعمها الرئيس الألماني بنفسه، ويصل صدى نشاطاتها إلى مختلف المدن الألمانية ثم إلى عدة دول أوروبية مجاورة.
وتسعى جمعية اوبر دين تيلراند كوخن، التي شارك فيها مضر إلى تحقيق عملية اندماج طويلة الأمد عبر بناء مجتمع متعدد الثقافات، من خلال مشاريع متعددة بينها الطبخ، يشارك فيها كل فئات المجتمع، بحسب موقعها الرسمي.
كما تشمل مشاريع الجمعية أيضاً تشكيل فرق رياضية وأخرى للرقص والغناء، وأنشطة متنوعة، منها ما هو مخصص للفتيان، إلى جانب يوم خاص بالنساء، يجتمع فيه سيدات لاجئات مع سيدات ألمانيات.
انتشار أوروبي
وتعد مهمة إدماج قرابة 1.1 مليون لاجئ وصلوا إلى البلاد العامين الماضي والحالي، من أبرز التحديات التي تعمل الحكومة والمبادرات المدنية على التغلب عليها.
وقال مضر لـ”هافينغتون بوست عربي” إن المشروع لقي دعماً من الدولة لأنه أثبت فعاليته في عملية دمج اللاجئين في المجتمع الألماني.
ولم يتوقف القائمون على الجمعية عند نشر جلسات الطبخ المشتركة في مدن ألمانية أخرى فقط، حيث إنهم طبقوها في عدة مدن أوروبية، عبر مطبخ “جوّال”. ونجحوا في جمع عدد كبير من أبناء ٥ بلدان أوروبية، هي: فرنسا وهولندا وإيطاليا وبلجيكا والسويد، مع اللاجئين المقيمين فيها، للطبخ معاً لمدة شهر.
غالبية الطبخات التي يحضّرونها سوياً، كما يحكي مضر، كانت أكلات شرقية، إلى جانب بعض الأكلات الأفغانية والإفريقية والآسيوية وفقاً للمشاركين فيها.
جلسة طبخ مع الرئيس
نجاح المشروع لفت أنظار السياسيين الألمان، حتى أن الرئيس الألماني يواخيم غاوك، تواصل مع القائمين عليه منذ بداية العمل فدعمهم وساعد على توسعة المشروع إلى مدن ألمانية أخرى، وصلت إلى ٢٣ مدينة.
وقال مضر: “دعانا غاوك في سبتمبر/أيلول الماضي إلى احتفال المواطن، الذي ينظمه الرئيس سنوياً في حديقة قصره بيلفو، فأخذنا معنا مطبخنا المتحرك. وعبر غاوك عن رغبته حينها بحضور درس طبخ مع زوجته، فاقترحت عليه تعليمهما طريقة إعداد التبولة السورية”.
ولم تخلُ جلسة تعليم غاوك من طرائف، كما يحكي مضر: “عندما سألني الرئيس لماذا أستعمل الملعقة في عصر الليمون، رددت مازحاً بأننا في سوريا لا نملك عصارات ليمون.. وعندما انتهينا وتناولنا التبولة واستعد الجميع لالتقاط الصورة الجماعية أمام كاميرات القنوات التلفزيونية، قلت للرئيس الألماني إننا لا نستطيع الابتسام بعد أكل التبولة؛ لأن البقدونس يبقى عالقاً على الأسنان، فضحك غاوك كثيراً كما يبدو ذلك واضحاً في الصور الملتقطة له حينها، ووضع يده على فمه، ثم أخبرني أنه أحضر معه فرشاة أسنان”.
كُتب ودروس في الطبخ من أجل الدعم
ولأن المشروع ليس تجارياً – بحسب مضر – فإنهم عملوا على توفير دعم مالي يضمن استمراره، فأصدروا ٣ كتب وطرحوها للبيع.
وأوضح مضر أن الكتاب الأول كان من القطع الصغير، وعندما أرادوا نشر كتاب آخر، زاروا عدة مخيمات للاجئين وطلبوا منهم كتابة وصفة طبخة يعدونها في منزلهم، إلى جانب سرد قصصهم، والمشاكل التي صادفتهم، وكيف جاءوا إلى ألمانيا، فتضمن الكتاب في النهاية ٣٦ وصفة.
ولفت الشاب السوري إلى أن الكتاب الثالث جمع وصفات أعدها لاجئون ذوو خبرة في الطبخ برفقة طباخين مشاهير من دول كألمانيا وفرنسا وأميركا والبرازيل، أجروا تعديلات عليها قبل أن يقدموها.
وقال مضر إنه يقوم هو وزملاء له بتقديم دروس في الطبخ للحصول على دعم للمشروع، حيث اكتسب خبرة تدريس الطبخ من مشاركته مؤخراً في مهرجان للسلام في كوريا الجنوبية، لما قدمه في مجال مساعدة اللاجئين، وقدم في سيول دروساً في الطبخ السوري.
سليمان عبد الله: هافينغتون بوست عربي