خط تركيا الأحمر الذي لن تقبل تجاوزه
خمس سنوات من التردد خوفًا من التورط المباشر في الصراع السوري الدموي، تمثّل عملية “درع الفرات” العسكرية التي أطلقتها تركيا شمال سورية في الرابع والعشرين من شهر آب/ أغسطس الماضي تعبيرًا جليًا عن نفاد صبر تركيا حيال إستراتيجية الولايات المتحدة الفاشلة في سورية التي أدّت إلى وصول نيران الصراع إلى تركيا نفسها؛ فقد انتهت الحال بتركيا إلى أن تجد نفسها في خضم معضلات جيوستراتيجية حرجة جرّاء استمرار الصراع السوري دون أفقٍ للحل أو قدرة أيّ طرف على حسم الصراع.
- تحصر الولايات المتحدة إستراتيجيتها في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ” و”جبهة فتح الشام”، “جبهة النصرة” سابقًا، خلال مرحلة ارتباطها بتنظيم “القاعدة”، لكن موقفها من نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، متردد وغامض؛ ففي حين أصرّت على رحيله سابقًا، فإنّها ترى فيه الآن جزءًا من “حل انتقالي” على الرغم من مسؤوليته عن سفك دماء مئات الآلاف من أبناء شعبه وتشريد ملايين آخرين، فضلًا عن تدمير بلده. وفي سياق حربها على التنظيمات التي تعدّها واشنطن متطرفة، فإنّها تحالفت مع مليشيا الوحدات_الكردية التي تعدّها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يصنّفه كلٌ من أنقرة وواشنطن تنظيمًا إرهابيًا، غير أنّ واشنطن لا ترى أنّ وحدات حماية الشعب مرتبطة بحزب العمال وتعدّها حليفًا يعتمد عليه في محاربة “تنظيم الدولة الإسلامية “. وتخشى تركيا من أنّ مليشيا الوحدات_الكردية تسعى لإنشاء ما تصفه بـ “ممر للإرهاب” على حدودها الجنوبية، وذلك في إشارة إلى توسعها في الشمال السوري وسعيها لإقامة كيان كردي مستقل مستغلةً الفراغ في المنطقة المترتب على تراجع تنظيم الدولة، وهو الخط الأحمر الذي أعلنت تركيا دائمًا أنّها لن تقبل بتجاوزه.