الحريديم هي طائفة يهودية متطرفة، تطبق الطقوس الدينية وتعيش حياتها اليومية وفق “التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية” وهي وفق هذا المعنى طائفة يهودية أصولية وقد أطلقت عليها الصحافة الإسرائيلية أسم “أمهات الطالبان”.
وكلمة “حريديم” هي جمع لكلمة “حريدي” وتعني “التقي” وربما يكون الاسم مشتق من الفعل “حرد” الموجود في اللغة العربية بمعنى اعتزل أو اعتكف. والحريديم يرتدون عادة أزياء يهود شرق أوروبا وهي معطف أسود طويل وقبعة أسودان وبالإضافة إلى “الطاليت” وهو شال خاص بصلاة اليهود غالبا ما يكون أبيض اللون في زواياه الأربع “التزيتزيت” وهي مجموعة خيوط طويلة من الصوف مجدولة ومعقودة بطريقة خاصة
. ويرسل رجال الحيرديم ذقونهم حتى تصل إلى صدورهم، وكذلك يرسلون شعورهم وتتدلى من خلف آذانهم خصلات شعر مجدولة. تتشابه نساء الحيريديم في ملابسهن إلى حد كبير جدا مع النساء المسلمات الأصوليات المتطرفات، إذ ترتدي الكثير من نساء الحيرديم لباسا يكاد يطابق البرقع الذي ترتديه النساء المسلمات المتشددات.
فقد كتب جون روبرت في موقع your jewish news المختص بأخبار اليهود في العالم ومقره في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عن نساء هذه الطائفة “أنهن كن دائما فخورات بلباسهن المحتشم.. الذي يسمى فرومكا frumka ” يطلق عليه البعض أسم “برقع طائفة الحيرديم” “Haredi burka sect” وتعليقا على الموضوع قال الحاخام الحاخام بنيزري لموقع your jewish news أن الطائفة اعتمدت هذا اللباس “بسبب مخاوف بشأن حالة تدهور الحياء في المجتمع اليهودي المتشدد” قال الحاخام بنيزري.
ويذكر أن اليهود الحيرديم يتحاشون قدر الإمكان التحدث بالعبرية إذ يعتبرون العبرية لغة مقدسة يفضل تجنب استخدامها، ويستخدمون بدلا منها لغة أخرى تسمى “اليديشية” وهي حسب موسوعة ويكيبيديا “لغة يهود أوروبا، نمت خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين من لغات عدة منها الآرامية والألمانية والإيطالية والفرنسية والعبرية . يتحدثها ما يقارب 3 ملايين شخص حول العالم، أغلبهم يهود أشكناز” و”اليديشية تستخدم الحروف العبرية في الكتابة ولكنها تختلف عنها في نفس الوقت
. ومن أهم سمات الحيرديم التمسك بشكل تام بالشريعة اليهودية “الهالاخاه” الأرثوذكسية وترفض إعادة النظر في الشرائع والتقاليد اليهودية الدينية. وهم يفضلون نوع خاص من المدارس الدينية اليهودية يدعى “اليشيفات” يتم فيها تعليم الدين التقليدي والشريعة والتلمود. ويتعلم أبناء الطائفة الحريدية العلوم الدنيوية عند الحاجة فقط، من أجل إنقاذ الحياة (مثل الطب) أو من أجل كسب الرزق. أما دراسة الأدب، والفلسفة وغيرها، فمرفوض عند اليهود الحريديين.
وهم يتحفظون بقوة وقلما يستخدمون التكنولوجيا وتطبيقاتها مثل التلفزيون، الحاسوب، الهاتف النقال إلخ. ويتمسكون رجالا ونساء باللباس التقليدي، وخاصة باللباس الذي كان شائعا لدى اليهود في شرقي أوروبا قبل القرن الـ 20 الذي تحدثنا عنه سابقا. واليهودية الحريدية موجودة في مدينة القدس (في حارة “مئة شعاريم” مثلا وفي حارات يهودية أخرى)، في مدينة بني براك المجاورة لمدينة تل أبيب من جانبها الشرقي وفي بعض حارات مدينة نيويورك. ولا علاقة لليهود الحيدريم بالصهيونية عند تأسيسها، بل عارضها الكثير منهم بشدة في مراحلها الأولى إذ اعتبروها حركة علمانية تهدد الحياة اليهودية التقليدية.
أما اليوم فمعظمهم يؤيدون دولة إسرائيل ويتعاونون معها، باستثناء مجتمعات معينة مثل حركة “ناطوري كارتا” ما زالت معارضة بشدة لمؤسسات الدولة وترفض التعاون معها. ويذكر أن أحد قادة ناطوري كارتا الحاخام موشيه هيرش كان معارضا لقيام دولة إسرائيل، وكان هو جماعته الصغيرة يحرقون أعلام إسرائيل في “يوم استقلال إسرائيل” وكان موشيه هيرش مقربا من الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي عينه وزيرا لشؤون اليهود في السلطة الوطنية الفلسطينية وكان مستشارا له أيضا.