العنوان الاصلي: ناشطون: القرى التي استعادها «الجيش السوري الحر» من تنظيم «الدولة» لم تتعرض لدمار مقارنة مع معارك قوات الPYD
لم تشهد البلدات والقرى التي استعاد «الجيش السوري الحر» السيطرة عليها مؤخراً في ريف حلب الشرقي، بدعم من الجيش التركي والتحالف الدولي، دماراً كذلك الذي شهدته مثيلاتها التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، بقيادة الوحدات الكردية، على الرغم من أن العدو واحد هو تنظيم «الدولة».
ولعل أكبر مثال على ذلك عشرات البلدات والقرى التي سيطرت عليها الوحدات الكردية في ريف الحسكة على مدى العامين الماضيين، حيث تعرضت هذه القرى لدمار كبير جراء الاشتباكات والقصف، ولم يقف الأمر عند ذلك في بعض منها، بل تعداه ليصل إلى درجة تجريف جميع منازل القرية وتسويتها بالأرض وتهجير أهلها عنها.
ويقول الباحث مهند الكاطع، من الحسكة، والمختص بتوثيق انتهاكات الوحدات الكردية «إن القرى التي دخلها تنظيم الدولة، أو حتى مر بها، قام طيران التحالف، الأمريكي تحديداً، بقصفها بشكل عنيف كتغطية جوية لتقدم الميليشيات الكردية فيها، والتي أعلنت أنها تهدف لتطهير تلك القرى من التنظيم».
ويضيف في تصريح لـ «القدس العربي»، «عانت هذه القرى من ممارسات وحشية عدة من قبل هذه الميليشيات الكردية، حيث مارست سياسة حرق تلك القرى وتهجير أهلها، كما حدث في مناطق جنوب «وادي الرد»، وتحديداً قبل عامين من الآن، في الرابع من أيلول/سبتمبر من العام 2014، وكذلك ما حدث في ناحية «تل براك» قبل ذلك بستة أشهر أي في شباط 2014م، ثم ما حدث في محيط تل حميس وقرى ريف القحطانية والقامشلي، وكذلك يقال في ريف منطقة رأس العين، وجميع هذه المناطق بريف الحسكة».
كما يشير إلى «إعطاء الوحدات الكردية إحداثيات، لقوات التحالف، لقرى خالية من المسلحين ليقصفها ويدمرها، وقد وثقت منظمة العفو الدولية تلك الممارسات ووصفتها بجرائم الحرب وجرائم تطهير عرقي».
أما في ريف حلب الشرقي، وتحديداً في المنطقة التي سيطر عليها الجيش الحر مؤخراً، الممتدة من مدينة جرابلس وحتى بلدة الراعي ومحيطهما، فقد كان الوضع مختلفاً، حيث لم تشهد هذه القرى دماراً كبيراً، مرافقاً للعمليات العسكرية والاشتباكات التي دارت هناك على مدى أكثر من عشرة أيام، كما تمكن أهالي هذه القرى من العودة إلى منازلهم بعد أيام قليلة من سيطرة «الجيش الحر» عليها.
ويؤكد الصحافي عبو الحسو، عدم تعرض أغلب هذه القرى للدمار ومن بينها مسقط رأسه، قرية «الهضبة»، (قلقوم سابقاً)، التي تقع شرقي بلدة الراعي بنحو (7كم)، والتي استعاد السيطرة عليها الجيش الحر قبل يومين، ويلفت إلى نزوح أهلها عنها إلى منطقة جبلية مطلة عليها ليعودوا إليها بعد ثلاثة أيام فقط. إلا أنه يشير إلى تعرض ثلاث قرى فقط، إلى دمار بسيط جراء القصف المدفعي التمهيدي الذي سبق السيطرة عليها وطرد التنظيم منها ومن بين هذه القرى «القاضي، وطويران وتل ميزاب». كما يلفت الحسو من جهة ثانية، إلى أن بعض القرى الأخرى في محيط الراعي لم تشهد سوى اشتباكات طفيفة، حيث انسحب منها تنظيم «الدولة»، وهذا ما جعلها بعيدة عن أهداف المدفعية أو الطيران التركي أو التحالف.
فيما يرى أن «السبب الرئيسي وراء تدمير القرى التي سيطرت عليها الوحدات الكردية هو» تكثيف القصف عليها بذريعة أن قاطني هذه القرى ينتمون للتنظيم، كما تدعي الوحدات، لتحقيق هدفها بتهجير أهالي هذه القرى عنها في سعي منها لربط بين مناطق سيطرتها في «عين العرب»(كوباني)، وعفرين وإنشاء الفيدرالية المزعومة».
من جانبه يؤكد الكاتب والمحلل المختص بالشؤون التركية ناصر تركماني، اتباع الوحدات الكردية سياسة التغيير الديمغرافي في المنطقة وعدم اكتراثها لما يحصل من دمار، ويقول «وخير مثال على ذلك مدينة «منبج»، إضافة إلى قرى «الدادات والعمارنة وحمام التركمان»، حيث تعرضت جميعها للدمار، إضافة إلى انتهاكات أخرى، والتي قال إنها «صدرت فيهم تقارير دولية أدانت انتهاكات حقوق الإنسان من تهجير وخطف وتدمير من قبل الوحدات الكردية».
ويضيف «لذلك كانت العمليات العسكرية عشوائية وتستهدف تدمير القرى العربية والتركمانية، لكي يصعب على الأهالي العودة، وبالتالي يخلو الجو للوحدات الكردية لتنفيذ أجنداتها، بتواطؤ تام من الولايات المتحدة، التي هي بدورها كانت تريد محاصرة تركيا من الجنوب وقطع تواصلها ونفوذها عن العالم العربي»، على حد قوله.
ومن جهة ثانية، يرى تركماني أن من أهم أسباب عدم حصول دمار في منطقتي جرابلس والراعي، يعود إلى أن «أغلب عناصر الجيش الحر الذين شاركوا في المعركة، هم من أبناء المنطقة وكانوا حريصين على التحرير مع عدم تدمير القرى وتحاشي التسبب بأضرار»، لذلك كانت كل الأهداف التي تم استهدافها دقيقة ومتوازنة مع حجم الخطر، إضافة لتعاون الأهالي الكبير مع الفصائل العسكرية وإرشادهم لأهداف التنظيم»، وذلك بحسب اطلاعه على مجريات المعركة.
فيما يشير أيضاً إلى تعرض قريتي القاضي وعرب عزة لدمار طفيف، كونهما آخر معاقل التنظيم على الحدود التركية، حيث شهدت معارك عنيفة ودافع عنهما التنظيم بشراسة قبل أن يسيطر عليهما «الحر».
في حين يُرجع الباحث مهند الكاطع السبب لعدم حصول دمار في هذه المناطق المذكورة، لأن « التدخل التركي جرى بعد أخذ ضمانات، بعدم تعرض قواته أو الجيش الحر لأي قصف من طيران التحالف الذي تعتبر تركيا جزءاً منه».
لكنه يعتبر «أنه في أي حال لا يمكن الأخذ بأن هذا هو الموقف الثابت للولايات المتحدة، فالمصالح التي تفرض عليها بهذا الالتزام، قد تتغير في المستقبل إذا رأت أن مصالحها تقتضي ذلك»، على حد تعبيره
المصدر: القدس العربي