قصة نجاح – لاجئ سوري يعيش “الحلم الألماني”

بالنسبة للعديد من اللاجئين، فإن ألمانيا تعد فردوسا، لأنها بلد الرخاء وبها فرص عمل وإمكانيات عديدة للتكوين والتعليم الجيد. نضال راشاو هو أحد هؤلاء اللاجئين الذي نجح في تحقيق ما يأمله العديد منهم.
***

“مظلتي مكسرة، مثل سوريا “، يقول نضال راشاو بسخرية وهو يحاول تفادي سقوط المطر على رأسه. عندما التقت DW بنضال لأول مرة في مارس/آذار عام 2015 كان اللاجئ السوري حينها يقيم في “حاويات” أقامتها مدينة بون لإيواء اللاجئين المتوافدين بشكل مؤقت إلى حين الحصول على سكن لهم. حينها كان الشاب وهو في الثلاثين من العمر يتعلم اللغة الألمانية بكل كد وجد حتى يتمكن من الحصول على عمل يستطيع العيش منه دون مساعدات حكومية.

ومنذ ذاك الوقت نجح نضال فعلا في العيش بشكل مستقل. “أخيرا أصبح لدي كل شيء: عمل وشقة وصديقة”، كما يقول بكل ارتياح وهو في طريقه إلى بيت فاديغ فون هايدن، أحد الأصدقاء الألمان الذي يقدم له الرعاية والنصح.

الطريق نحو الاستقلالية

فايغ فون هايدين، هو مستشار قانوني متقاعد عمل من قبل كعضو كبير في اللجنة الألمانية للاستشارات العلمية، وهي يقطن في إحدى الضواحي الجميلة لمدينة بون الألمانية. ” كان فاديغ دائما موجودا كلما احتجت إليه. أنا سعيد جدا لمعرفته”، ويضيف اللاجئ الكردي قائلا: “لولا مساعدته لما نجحت في إتمام دروس اللغة الألمانية. ولبقيت مقيما في مراكز اللاجئين. نحن نقول بأنه بمثابة الأب هنا في ألمانيا”.

وفي بحثه عن فرصة عمل استعان نضال بداية بالانترنت، حيث تقدم بطلب لمصالح مدينة بون الإدارية. وبفضل إتقانه للعربية والكردية بالإضافة إلى الانجليزية والألمانية تمكن الشاب من الحصول على وظيفة تتجلى في مساعدة الشبان الذين يسعون الى التأقلم في ألمانيا. “البعض منهم من سوريا. وعندما يرونني، يهرعون إليّ لأني أتكلم لغتهم”، على حد قوله.

حياة جديدة في ألمانيا

قد يكون نضال استثناء، فوفقا لإحصائيات الوكالة الاتحادية الألمانية للعمل، فإن عدد اللاجئين العاطلين عن العمل وصل حتى شهر يونيو/حزيران 2016 مستوى 297 ألف شخص.

من جهته، عبر فاديغ فون هايدن عن اعتقاده أنه انطلاقا من تجربته الشخصية، فإن عدد اللاجئين السوريين ذوي الكفاءة العلمية والمهنية قد يكون أكبر بكثير مما يُتوقع. “الإدارة لازالت بصدد جمع المعلومات، لكن لدي الانطباع بأن للسوريين العديد من التدريبات المهنية”.

نضال يحصل على ألف يورو تقريبا في الشهر، وهو أجر يكفيه لدفع إيجار شقته والعيش بشكل مريح. كما أنه بصدد تلقي تدريب في العمل الاجتماعي، وقد يساهم ذلك في تحسين دخله في حال النجاح في امتحاناته. “لقد تسبب لي ذلك في أرق”، كما يقول نضال ملاحظا أن متابعة الدروس باللغة الألمانية لا يزال أمرا صعبا بالنسبة له. وبغض النظر عن هذه الصعوبات، فيبدو ا، نضال رتب حياته جيدا، إذ تعرف على صديقته رادكا التشيكية، قبل ستة أشهر. “إنها جميلة جدا و أنا أحبها كثيرا”، كما يؤكد. ويحكي أنه تعرف عليها لأول مرة في مقهى للنارجيلة (الشيشة) في بون. وأنهما يسكنان الآن معا.

مشاعر السوريين في ألمانيا

مثل نضال تود أغلبية السوريين مزاولة عمل والاندماج سريعا في المجتمع الألماني. وفي مسعاه لإظهار مدى عزيمة اللاجئين ورغبتهم في الاندماج، قام نضال وصديقه بشار عبدو باستطلاع للرأي شمل 194 لاجئا سوريا يقيمون في مراكز إيواء اللاجيئن في بون.

لا يزال الحزن يخيم على مدينة ميونيخ الألمانية، حيث تضع امرأة وردة في المكان الذي شهد يوم الجمعة الماضي عملية قتل عشوائية مروعة، راح ضحيتها تسعة أشخاص، أغلبهم في مقتبل العمر. العملية التي نفذها شاب ألماني-إيراني، قيل إنه يعاني من اضطرابات نفسية، راح ضحيتها فتيان وشباب، غالبيتهم من أصول مهاجرة (ثلاثة أتراك وثلاثة ألبان كوسوفو ويوناني). ذنبهم الوحيد أنهم كانوا في المكان والوقت غير المناسبين!

نحو 75 بالمائة من هؤلاء اللاجئين هم ذكور ونصف عددهم ينحدر من حلب، تليها الحسكة ثم دمشق. كما إن نسبة 39 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع حصلوا على حق اللجوء. واعتبر نحو 47 بالمائة بأنهم قدموا إلى ألمانيا لاعتقادهم بوجود فرص عمل كثيرة فيها، في حين ذكر 30 بالمائة منهم أن ألمانيا تشكل “البلد الحلم” بالنسبة لهم.

وذكر 64 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع بأن لديهم شعور الترحيب بهم في ألمانيا وأنهم راضون عن تعامل السلطات الألمانية معهم. ويرى نحو 70 بالمائة بأنهم يحبون إمكانية التعبيرعن رأيهم في ألمانيا بشكل حر، فيما أكد أكثر من ستين بالمائة أنهم يحبون النظام في ألمانيا ومواصفات العيش فيها بالإضافة إلى المزايا الاجتماعية الجيدة، في حين أعرب فقط نحو 50 بالمائة منهم عن الترحيب بمعاملة الجنسين في ألمانيا بالتساوي.

واشتكى بعضهم أن بعض العاملين في الإدارات الألمانية أضاعو أحيانا مستندات هويتهم وأنهم يصرون على التكلم بالألمانية حتى مع اللاجئين الجدد. كما لاحظوا أن علاقاتهم مع الألمان كثيرا ما تكون سطحية، وأشاروا أنه من الضروري القيام بالمزيد من الجهود حتى يتعرف السكان المحليون واللاجئون على بعضهم البعض بشكل أفضل.

ومن خلفية عمليتي نيس وآنسباخ الإرهابيتين يبدو أن ذلك قد أثار بعض الشكوك لدى الألمان. لكن نضال ولحسن الحظ لم يواجه أي شكل من أشكال العنصرية في مدينة بون، معربا عن حزنه بسبب الأحداث الإرهابية وقال: ” نحن حزينون على حدوث هذه العمليات الإرهابية. لقد هربنا من الحرب والإرهاب والاغتصاب وجئنا إلى هذا البلد الجميل الذي رحب بنا. وأشعر بالخجل عندما أشاهد مثل هذه الأخبار في التلفزيون.”

قصة الشاب الكردي السوري قد تكون قصة نموذجية لاندماج اللاجئين في ألمانيا بنجاح. “أشعر بأني مندمج في ألمانيا بشكل كامل، حيث لا أحصل على أية مساعدات من الحكومة. فأنا أعيش كأي مواطن آخر، حيث أدرس ولدي عمل وصديقة.”

 

المصدر: موقع الاقتصاد

عن شباب بوست

انظر ايضا

جريمة بشعة ومقززة بتفاصيلها تهز أركان المجتمع في المناطق “المحررة” بالتزامن مع القصف الهمجي والوحشي

مؤيد اسكيف أ قدم شبان على اغتصاب وتعذيب وقتل المربية والآنسة سوزان ديركريكور من أهالي …

تحذيرات لشركات الطيران المدني بالابتعاد عن سماء البحر المتوسط خوفاً من توجيه ضربة للأسد خلال 72 ساعة

تحذيرات لشركات الطيران المدني بالابتعاد عن سماء البحر المتوسط خوفاً من توجيه ضربة للأسد خلال 72 ساعة

حذرت هيئة الطيران المدني الأوروبي  NMOC  والتي تقع في بروكسل ، في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء …

أميركا: سنعاقب الأسد ويجب أن يرى العالم العدالة تتحقق.. روسيا: نحذركم من تداعيات خطيرة

قالت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، الإثنين 9 أبريل/نيسان 2018، إن الولايات …

اترك تعليقاً