خاص شباب بوست- الولايات المتحدة الامريكية
الفنان محمد برو اكثر من 45 سنة من اللجوء تلخصها لوحة
ولد الفنان محمد طاهر برو عام 1961 في معرة مصرين الشهيرة بزارعة التين والزيتون والشمام، والتابعة لمحافظة إدلب الان من أب سوري وأم من أصول لبنانية في بيت متواضع في شارع يدعى شارع المعصرة
كان لشباب بوست شرف اللقاء بالفنان برو وكان لنا معه الحوار التالي:
حدثنا عن طفولتك، وكيف ولماذا خرجتم من سوريا؟
في عام 1962 انتقلت عائلتنا الى منطقة السكري في حلب وكان والدي رئيسا لاتحاد نقابات عمال حلب في عهد الرئيس أمين الحافظ،
وفي 23/02/1966 حصل انقلاب على الرئيس أمين الحافظ، وتم سجن والدي، وكان نفس اليوم الذي ولد فيه أخي الأصغر أحمد حيث طرقت المخابرات باب بيتنا بعنف، ودخلوا وأحدثوا فوضى عارمة في البيت، ودائما ما كنت أسمع أن وفاة أخي أحمد كانت بسبب خوف والدتي في ذلك اليوم من الطريقة التي دخلت فيها المخابرات بيتنا وقاموا باعتقال والدي في نفس الوقت الذي كانت والدتي تضع المولود الجديد، ولم يراعوا هذا الظرف بتاتا
و فيما بعد أخبرنا الأطباء بأن تلك الحادثة كانت سببا رئيسيا، وأن أحمد لن يعيش طويلا، وبالفعل توفى أخي أحمد في عمر الثامنة عشر بعد معاناة طويلة.
بقي والدي في السجن لمدة سنتين، وخرج من السجن في سنة 1968 وخرج إلى لبنان في سنة 1968 هربا لأنه كان ممنوعا من السفر ولحقنا به نحن بعد ذلك.
كيف و من اكتشف موهبتك و في اي عمر؟
أعتقد أن اكتشاف موهبتي كانت منذ اللحظة الأولى لخروجنا من سوريا الى لبنان؛ إن ترك سوريا والحي وأصدقائي الأطفال جعل مني طفلا انطوائيا ولم يكن لي أصدقاء في المكان الجديد وكان صديقي الوحيد هو الرسم ولا أذكر أني كنت أسلّي نفسي بالرسم بل كنت سردَ ما في داخلي بالرسم، ففي لبنان كنت دائما أتذكر أصدقاء طفولتي اللذين مازلت أتذكر أسماءهم حتى الآن، وكنت أحنّ إلى الحي الذي نشأت فيه في حلب وبدأت محاولات رسم صور للحي ولأصدقائي من ذاكرتي، مما شجعني أكثر كان جارنا في لبنان رسام كاريكاتير يدعى جلول، وكان يعمل في مجلة الحوادث اللبنانية لصاحبها سليم اللوزة الذي قتلته المخابرات السورية، وكان يسأل أبي عندما يزورنا: لمن هذه الرسومات؟ وكان والدي يخبره أنها لي، فشجعني وكان يقول: إنك سوف تصبح فنانا معروفا، كنت وقتها في الثامنة من عمري.
الانتقال إلى العراق وتطوير الموهبة
في عام 1973 اضطررنا مرة أخرى للخروج من لبنان هذه المرة بعد سيطرة حافظ الأسد على الحكم في سوريا، والخوف من أن تصلنا يد المخابرات السورية في لبنان,
خرجنا هذه المرة للعراق حيث كان الرئيس أمين حافظ الذي كانت تربطه بوالدي علاقة صداقة وعلاقات سياسية. وفي العراق كان هناك فرق كبير عن سوريا ولبنان من حيث الطبيعة، حتى على سبيل المثال لم يكن الزعتر واللبنة معروفة آن ذاك
في سنة ال1975 حاولت الهرب من العراق لسوريا بطريقة غير شرعية بدافع الحنين للوطن، وأحسست أنه يجب عليَّ زيارته، وإعادة اكتشافه، ولو أنه و للأمانة لم يفارقني أبدا حتى هذه اللحظة، ولكن المخابرات العراقية أمسكت بي في منطقة الحدود التي تسمى معبر الرطبة الآن، وأعادتني إلى بيتنا في بغداد. في العراق وفي المدرسة كنت دائما أرسم على الأوراق حتى في درس الرياضيات، وأذكر أن استاذ الرياضيات رآني أرسم، فأخذني للإدارة، وبالصدفة كان هناك مدرس رسم جديد، وهو مخرج يدعى الأستاذ فاروق، عندما سمع القصة طلب رؤية بعض اللوحات والرسومات التي كنت أرسمها، وشجعني كثيرا وخصص مرسما صغيرا خاصا بي في المدرسة ليتيح لي الرسم وقتما أشاء، وكان دائم التشجيع لي.
مرحلة الدراسة في معهد الفنون الجميلة في العراق، ومن ثم إيطاليا:؟
رغم أن والدي رحمه الله كان منفتحا ويتمتع بثقافة عالية، ويقدر الفن وكان يشجعني على الرسم إلا أنه كأغلب الآباء في ذلك الوقت كان يريد لي أن أكون طبيبا أو مهندسا وعارض بشدة فكرة ذهابي لإكمال دراستي في معهد الفنون الجميلة إلا أنه اقتنع في نهاية المطاف بأني خياري هذا مبني على أسس قوية، وأني لا أستطيع أن أجد نفسي أدرس فرعا آخر.
كان لي قريب يدعى الدكتور رحال، وكان صديقا لمدير معهد الفنون الجميلة، وأخبره أني التحقت بالمعهد فطلبني مدير المعهد وطلب مني إحضار بعض لوحاتي ليراها، وبعد رؤيتها أخبرني بأن مستواي الفني أفضل من مستوى الكثير من المتخرجين، واقترح علي الذهاب لإيطاليا لإكمال دراستي هناك، ولكن مرة أخرى أتت معارضة الوالد، بدافع الخوف من الاغتراب والغرب علي في مرحلتي العمرية تلك.
بعد إنهاء دراستي في المعهد العالي للفنون الجميلة، وبعد التخرج وبسبب الظروف أصبحت أعمل بمجال الرسم التجاري و شاءت الصدف مرة أخرى أن ألتقي “الأستاذ فاروق” الذي عاتبني كثيرا وقال لي ابتعد عن الفن التجاري لأنك ستفقد هويتك وتبتعد عن روح الفن التي تتمتع بها، فما كان مني إلا أن عملت بنصيحته، وعدت مرة أخرى أرسم للوطن والحب و الاغتراب،
ذهبت لإكمال دراستي في إيطاليا لمدة ستنتان، تخرجت بعدها، وعدت إلى العراق الذي كان في تلك الفترة في حرب مع إيران، وكانت الأمور قد تغيرت نوعا ما خلال الحرب، خاصة بما يتعلق بالفنون وكنت أيضا كشاب متحمسا كبقية الشباب وأبحث عن دور فعال.
ما أكثر فنون الرسم التي تتقنها؟
أتقن العديد من أنواع الفن وعندي مبادرات جميلة في النحت والغرافيك والرسم على الزجاج والجداريات الكبيرة وغيرها، ولكني أجد نفسي دائما في الفن السريالي لمؤسسه سيلفادور دالي، وهو باختصار عبارة عن فن يدمج بين الواقع والخيال، فمن الخيال تأتي الذكريات الجميلة في الوطن والحنين له والاغتراب الصعب والواقع الذي تراه يوميا
في الأردن: عملت في الأردن لمدة 10 سنوات مستمرة، وقمت بمشاريع فنية مهمة، وتمت استضافتي في كثير من القنوات التلفزيونية منها القناة الأردنية و قناة نورمينا والبابلية والشرقية غيرها. خلال عملي في الأردن قمت بتقييم وترميم العديد من الأعمال الفنية ذات القيمة التاريخية العالية، تأثير حنينك لبلدك سوريا على مسيرتك الفنية: جرح في القلب ودمعة في العين, الوطن لم يفارقني منذ خروجي من سوريا وأنا طفل حتى اللحظة وأنا الآن جد, لايزال الوطن يشكل لي أهم شيء، أحيا لأجله، وخاصة الآن وهو يتمزق بأيادٍ غاشمة، وأحاول دائما من خلال فني إيصال ولو جزء بسيط من معاناة أبناء وطني.
معارضك
في العراق:
كما أسلفت كانت عودتي للعراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، وشاركت في معرض فني شامل كان يضم العديد من الفنانين المختصين بكل أنواع الفنون وعندها شاركت بثلاث لوحات، وكان في عام 1982ولم أكن أتوقع أنها ستساهم بوضعي بمكانة كبيرة بين الفنانين المعروفين، وتعطيني شهرة أكبر داخل العراق، حيث سجل معي التلفزيون والصحف العراقية ورسمت بعض الكاريكاتيرات نشرت في مجلة ألف باء العراقية، ولكن لم أستطع الاستمرار في ذلك بسبب ظروف معيشية
وفي عام 1986 شاركت في معرض بساحةالتحرير في بغداد
في الأردن:
وفي العاصمة الأردنية عمان أقمت معرضا خاصا لي في المركز الثقافي الملكي برعاية وزارة الثقافة والإعلام الأردنية في عامي2004 و 2007 و معرضا للأمم المتحدة عن اللاجئين، ومعرضا ثانيا في عمان بمركز بشارع الثقافة في منطقة الشميساني ومعرضا مشتركا مع فنانين عرب وأجانب، وكنت أعرض لوحاتي في مطعم بلوفيك في عمان
و في الولايات المتحدة الامريكية:
و أيضا أقمت في مدينة هيوستن الامريكية معرضين الأول في النادي السوري الأمريكي، والثاني في النادي التركي الأمريكي الذي كان يضم لوحات فنية و لوحات عن الثورة السورية.
(تحديث)
كما شارك الفنان محمد برو مؤخرا في معرض فني في مدينة هيوستن بولاية تكساس الامريكية و كان لقناة ABC News هذا اللقاء معه
الجوائز :
في المرحلة الإعدادية شاركت بلوحة في معرض متعدد أُجري في منطقة الزوراء في بغداد، وحزت المركز الأول إلا أن الجائزة كانت مادية وأذكر حينها أن مكافأتي كانت 1000 دينار عراقيا، ما كان يعادل اكثر من 3000 دولار امريكيو .جوائز و شهادات شكر و تقدير من
1:. وزارة الشؤون الرئاسية في العراق
2: وزارة العمل العراقية
3: جائزة من وزارة النفط العراقية
في الأردن
1:كتاب شكر وتقدير من الملك عبد الله بن الحسين
2: وزارة الثقافة والإعلام الاردنية
3: شهادة تقديرية من مركز زين الشرف للمعوقين
4: جائزة تقديرية من معرض للأمم المتحدة عن اللاجئين.
موقفك من الثورة السورية؟
نحن من أوائل الناس الذين تم ظلمهم وإذلالهم وتهجيرهم من بلدهم بسبب هذا النظام المجرم، و يكفي أنه السبب في عدم رؤيتي لبلدي، و الاستمتاع بهوائه وزيارة حينا القديم، ومعرفة أقاربي وأصدقائي لأكثر من خمس وأربعين عاما، كانت انطلاقة شرارة الثورة السورية بمثابة عيد ثالث لنا، وكلي أمل أن تتحرر سوريا من هذا النظام المجرم، وأستطيع الرجوع و الشرب من مائها.
عند بداية الثورة كنت قد انتقلت للعيش في الولايات المتحدة، وتحديدا مدينة هيوستن في ولاية تكساس، وقد خرجت في جميع المظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام، وعملت العديد من اللوحات التي كانت تباع ليذهب ريعها للنازحين والمهجرين من السوريين في سوريا وخارجها .
خططك المستقبلية؟
لا أدري؛ إن كانت ستسنح لي الفرصة فإنني طالما فكرت في افتتاح مدرسة فنية لتعليم الرسم والفنون الأخرى لأطفال بلدي الذين يملكون إمكانيات قوية جدا، فالشعب السوري يفخر به العالم كله، وهذا الشعب الذي يستحق الانحناء أمامه بعد كل هذه التضحيات و البطولات التي يقدمها في جميع المجالات. و رسالتي لهم: إنهم شعب عظيم لطالما امتدحهم التاريخ في جميع مجالات الحياة العلمية الاقتصادية والأدبية والفنية والدينية، وما يحدث حاليا هو ليس تآمر على النظام المجرم بل هو تآمر على الشعب السوري من كثير من القوى الإقليمية و الدولية، بالاشتراك مع هذا النظام، وأمنيتي التي لم تتغير أبدا هي أن أدخل الأراضي السورية وأقبّل ترابها ولو للحظة واحدة، و كلي أمل بأن هذا النظام إلى زوال وسيعود جميع السوريين لبناء وطن حر للجميع.
صفحته على الفيسبوك
https://www.facebook.com/mtbaro