تستمرّ المضايقات التي يتعرّض لها اللاجئون السوريون في لبنان وتتفاقم يوماً بعد يوم. هذه المرة، ليست الدولة أو البلديات هي المذنب، إنما الجهة المفترض بها حماية السوريين تجاه الممارسات القمعية. ففي السابع والعشرين من شهر تمّوز الماضي، ضرب رجال أمن “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” لاجئاً سورياً أمام مبناها في بيروت، وإنتشر على اثر ذلك فيديو، على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر حادثة الإعتداء.
وفي التفاصيل، قصد اللاجئ أسامة مراد “المفوضية” بهدف طلب مساعدة مالية من أجل تأمين إيجار منزله، ولمقابلة المحامية الموكلة بملفّ التوطين الخاص. ويروي مراد لـ”المدن”: “كنت أقف بالصف منتظراً دوري، فسألني أحد رجال الأمن عمّا أفعله. أجبته بأنني أنتظر دوري، فطردني. وحين رفضت الخروج، ضربني. من ثمّ، وجدت نفسي محاطاً برجال الأمن، أتلقى اللكمات على رأسي ووجهي وجسدي من كلّ الجهات”. بعد الإنتهاء من الإعتداء على مراد، قام كلّ من رئيس لجنة التوطين ورئيس الأمن وإحدى محاميات “المفوضية”، بتسليمه إلى الدرك “حيث ضربوني مجدداً”.
أُوقف مراد لمدّة ثلاثة أيام في المخفر، وليومين لدى الأمن العام. وفي المخفر، التقى مراد شاباً سورياً آخر تمّ التعرّض له بالضرب أمام “المفوضية” أيضاً، لأنه أراد تجديد إقامته. ويشير مراد إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها عنفاً من هذا النوع، بل هي المرة الخامسة. ويعاني مراد من إلتهاب في الرأس، تضاعفت شدّته بسبب الضرب، “وقد أصابتني رجفة منذ يوم الحادثة، ولم أعد قادراً على النوم مذاك”. هذا بالإضافة إلى الإستغلال الذي يواجهه اللاجئون، “إذ يعدنا موظفو وأمن المفوضية بأن يساعدونا في موضوع الهجرة، فيتقاضون منا نحو 4000 دولار”، على ما يقول مراد.
عليه، سيوكل مراد محامياً لتحصيل حقوقه من “المفوضية”، وسينظّم اللاجئون السوريون إعتصاماً أمام مقرّ “المفوضية” في الثالث من شهر آب/ أغسطس. والهدف من الإعتصام، وفق مراد، هو “مناشدة الأخوة السوريين واللبنانيين لئلا يتركوا المفوضية تذلّنا”. ومازال مراد عازماً على المطالبة بحقّه الذي “لن يذهب هدراً”. وهو يعتبر أن ما تعرّض له هو “إذلال وإهانة للشعب السوري بأكمله”.
من جهتها، لم تنفِ “المفوضية” الحادثة، وأكّدت المتحدّثة الرسمية بإسمها ليزا أبو خالد أن “المفوضية فتحت تحقيقاً بالموضوع، تمّ بنتيجته إتخاذ إجراء فوري بفصل الحارس المسؤول، وقد تأكّدنا أن المعتدى عليه لم يتعرض لأي إصابات تتطلّب علاجاً طبياً”. ويناقض تصريح أبو خالد حديث مراد الذي أكّد تعرّضه للضرب من قبل أشخاص عدة، وإصابته بأضرارٍ جسدية جمّة. من جهةٍ أخرى، أشارت أبو خالد إلى أن المفوضية بصدد إعادة النظر بالتدريبات التي يخضع لها الطاقم الأمني، وأنها ستتخّذ الإجراءات اللازمة لتفادي هذا النوع من الحوادث في المستقبل، “خصوصاً أننا نعرف الظروف الصعبة للاجئين، ونقدّر التعب والضغط الذي يتعرّضون له أثناء إنتظارهم لوقت طويل أمام المفوضية”، وفق أبو خالد.
هذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها لاجئ للضرب أمام مقرّ “المفوضية”. فقد سبق أن عومل اللاجئون السودانيون المعتصمون أمام “المفوضية” بقسوة مماثلة. وقد تمّ الإعتداء عليهم من قبل قوى الأمن الداخلي التي تحمي مقرّ “المفوضية”. غير أن أبو خالد تؤكد أنها المرّة الأولى التي تحدث فيها هذه الواقعة، وتضع الإعتداءات السابقة في خانة “الشجارات”