اتهم “قوات سوريا الديمقراطية” بتهجير السكان من الشرق السوري
رصد نايا احمد -شباب بوست
تخطى «الجيش السوري الحر» تحذيراته مما سماها عمليات «التغيير الديموغرافي» في عدة مناطق بسوريا، مع تأكيد قياديين فيه أن «شبهات قوية على هذه العمليات تجري في شرق سوريا وفي حلب وحمص وريف دمشق»، قائلا إن المسؤولين عن تلك العمليات «تتصدرهم (قوات سوريا الديمقراطية) بحلب والرقة، ويليها إيران وما يسمى (حزب الله) اللبناني في القصير والزبداني، فيما يعمل النظام على محاولات التغيير الديموغرافي في حمص».
وتصاعدت المخاوف من عمليات التغيير الديموغرافي، مع حدثين وقعا خلال الأسبوع الماضي في ريف حمص الغربي ومدينة منبج، بعد تحذيرات سابقة من محاولات إفراغ مدينة الزبداني في ريف دمشق من سكانها. وذكرت تلك المحاولات «بما قام به الإيرانيون في ريف دمشق، و(حزب الله) في مدينة القصير» بريف حمص الشمالي.
فقد أبدت فصائل الجيش السوري الحر تخوفها من أن تكون «المجازر المروعة التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها طائرات التحالف الدولي بحق المدنيين العزل في مدينة منبج وريفها بريف حلب الشرقي»، تشير إلى «وجود خطة مبيتة لتغيير التركيبة الديموغرافية السكانية، تمهيدا لتقسيم سوريا ومساعدة قوات (قسد) (قوات سوريا الديمقراطية) في مشروعها الانفصالي، الذي يعتبر من أهم الخطوط الحمراء للثورة السورية»، بحسب ما جاء بيان أصدرته الفصائل الأربعاء الماضي.
إعلان المخاوف الأخيرة لا يبدو إلا استمرارا لتحذيرات سابقة من تغيير ديموغرافي، وقال المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن المخاوف «مبنية على وقائع وشبهات قوية»، موضحا: «قبل أشهر، كانت هناك معارك في حي الشيخ مقصود (الذي تسكنه أغلبية كردية) في حلب، فقمنا بمبادرة لفتح معابر إنسانية لإخلاء المدنيين من المنطقة، غير أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة، رفضتا المبادرة، معربتين عن مخاوفهما من تغيير ديموغرافي». وأضاف: «في المقابل، حين أطبق النظام سيطرته على المعابر المؤدية إلى حلب، الأسبوع الماضي، طرحت الأمم المتحدة مبادرة لإخلاء السكان المدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة»، معتبرا أن هناك «دعما لفكرة التغيير الديموغرافي عندما يتعلق الأمر بالعرب السنة».
أبو زيد، أضاف: «هناك 15 ألف عربي نازح من تل رفعت والقرى المحيطة فيها بعد احتلال تل رفعت من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) التي يطغى عليها مقاتلو (بي كي كي) بدعم من الطيران الروسي قبل أشهر»، مشيرا إلى أن «هناك دعما لتهجير العرب السنة، تحت غطاء شرعي دولي، وتساهل دولي، بينما المجتمع الدولي يبدي موقفا صارما حين يتعلق الأمر بغيرهم». وأضاف: «حين طرحنا مبادرة الشيخ مقصود، كان الهدف إنسانيا، ومع ذلك كانت لهجة الرفض الدولية صارمة، بينما حين أطبق الحصار على حلب، كان الحل بنظرهم إخلاء المدنيين، علما بأن إدخال المساعدات إلى أحياء حلب أسهل بكثير من مناطق أخرى، ويحظى بغطاء دولي بموجب القرار 2154».
ورأى أبو زيد أنه «حين نشاهد قصفا همجيا على منبج تصبح الشكوك القوية مشروعة»، لافتا إلى «أننا لم نرَ أي تصريحات عن تهجير عشرات آلاف العرب السنة الذين يبدو تهجيرهم غير ذي أهمية بالنسبة إلى المجتمع الدولي».
تقدر قوات المعارضة أعداد المهجرين من سكان شرق سوريا إثر تقدم «قوات سوريا الديمقراطية»، بنحو 100 ألف شخص، لكن حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي) الذي يتمتع بنفوذ واسع في شرق سوريا، وتشكل قواته قسما كبيرا من «قوات سوريا الديمقراطية»، ينفي قيامه بتهجير السكان العرب من المنطقة. وقال مسؤول هيئة إعلام الحزب في الخارج إبراهيم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الاتهامات «سياسية، وتهدف إلى ضرب الشعب السوري، ووقف عمليات تحرير سوريا من الإرهاب»، متهما الجيش السوري الحر بأنهم «أمراء حرب ينفذون الأجندة التركية، وبمجرد انتهاء الحرب تنتهي أدوارهم».
وقال إبراهيم: «ليس هناك أي تغيير ديموغرافي. لقد سمعنا تلك الاتهامات في ربيعة وتل أبيض وغيرها. وقد أثبتت التحقيقات والتقارير الأممية والحقوقية الدولية، أن تلك الاتهامات غير صحيحة»، مشيرا إلى أن «(قوات سوريا الديمقراطية) تحمي الآن أكثر من 50 ألف مدني». وأكد أن التقدم الذي تحرزه تلك القوات ضد «داعش» «ليس نصرا كرديا، بل انتصارا سوريا تقوم بها (قوات سوريا الديمقراطية)، والمقاتلون العرب يتضاعف عددهم في صفوفها». وقال إبراهيم: «ما يفكرون فيه غير موجود في معطياتنا وتجربتنا السياسية»، مشددا على أن «عملياتنا العسكرية ضد (داعش)، هي مشروع وطني، ونرفض تحميل الموضوع على محمل مذهبي أو طائفي».
اتهامات الفصائل العسكرية للأكراد في حلب، جاءت بعد يومين على إعلان المعارضة أن أهالي قريتي قزحل وأم القصب بريف حمص الغربي يعانون أوضاعا إنسانية صعبة بعد أن أجبرتهم القوات النظامية على مغادرتهما إلى بلدة الدار الكبيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حمص الشمالي.
وقال أبو زيد إن منطقة حمص «شهدت عمليات تهجير بدءا من القصير انتهاء بالقزحل»، مشيرا إلى أن «محافظة حمص تتضمن قرى متداخلة بين السنة والعلويين، وهو ما شجع النظام على التهجير فيها»، لافتا إلى أن التهجير «بدأ منذ ما يسمى (حزب الله) في الحرب السورية وتحديدا في القصير، وقد لاحظنا آنذاك خطة لتغيير ديموغرافي بدأت في القصير وامتدت إلى المزة في دمشق بمسعى من الإيرانيين». وقال: «النظام على الجانب الآخر يقود حملة تهجير لتأمين مناطق تحت سيطرته»، لافتا إلى أن «عمليات التهجير التي قادها النظام هي أصغر من تهجير القصير وتهجير الإيرانيين في دمشق والأكراد للسكان العرب السنة».
المصدر : جريدة الشرق الأوسط