المغمورون في سورية: ضحايا السد ومادة في بروباغندا الانفصاليين!
مسألة المغمورين في سوريا ليست اختراعاً سياسياً بل مأساة إنسانية حقيقية بحق المغمورين أنفسهم. هؤلاء أُجبروا على مغادرة قراهم التي غمرها سد الفرات في سبيل مشروع وطني يُفترض أن يستفيد منه جميع السوريين. وعلى غرار ما حدث في دول أخرى كسد أسوان في مصر، وسد أتاتورك في تركيا، وسد النهضة في إثيوبيا، كان من الطبيعي أن يُعوّض المغمورون بأراضٍ من أملاك الدولة.

لكن في سوريا، وبخلاف بقية الدول، تم استغلال هذه المسألة لاحقاً ضمن سردية قومية متطرفة. فجأة، أصبحت قرى المغمورين الـ40، والتي أُنشئت على أراض تملكها الدولة، “مشروع تعريب” و”حزاماً عربياً” وفق خطاب كردي مستورد من عراق ما بعد 2003، متجاهلين أن معظم الأراضي قبل الإصلاح الزراعي كانت بملكية عربية، مع وجود ملاكين آخرين أكراد وسريان أيضاً بطبيعة الحال، ومتجاهلين أيضاً أن آلاف العوائل الكردية المهاجرة من تركيا (مهاجرين من فوق السكة / “Muhacir ser xetê”) استفادوا من آلاف الهكتارات في قانون الإصلاح الزراعي لأراضي كان يملكها العرب، ومتجاهلين كذلك أن هذه الأرض سورية أولاً وأخيراً، وليست “كردستان” كما تروج بعض الأصوات. لذلك بلا ما نفتح الدفاتر القديمة أهلنا الكرام الأعزاء!

التحريض ضدّ المغمورين، وشيطنتهم، والتهديد بطردهم أو وصفهم بالمستوطنين، لا يخدم إلا مشروع الفوضى. وإذا كانت هناك مظلومية قانونية، فالمحاكم مفتوحة. أما تحويل المسألة إلى “نزاع قومي”، فهو فعل ميليشياوي مرفوض لن يقبله الشعب السوري بكافة أطيافه وخاصة في الجزيرة.
انطلاقاً من مسؤولية وطنية وأخلاقية أُحذّر أن أي خطاب عنصري يستهدف المغمورين، سيدفع باتجاه ردود أفعال بالمقابل لا تُحمد عقباها، ولن يخرج منها أحد منتصراً.

🌕 النقاط الصفراء تظهر القرى التي غمرها سد الفرات، أقل من 5% من المتضررين فقط تم نقلهم إلى الجزبرة، يشكلون اليوم أقل من 1% من سكان محافظة الحسكة