تحت سقف الحرب (8) -مطبات الروح

بقلم د.يسرى السعيد 

لم تكن تريد أن تفتح رسالته في بيتها، لم تتجرأ على دموع جدران منزلها، فهي تدرك أنه لن يرسل لها ورقة حب أو سعادة!
في كل مرة كانت تحاول أن تخلق له مبرراً جديداً للغياب، مبرراً جديداً للتجاهل، مبرراً جديداً للخيانة.
كان ذلك منذ خمس سنين حين رأته للمرة الأولى، وأقسم يومها أن الشمس أشرقت في حياته.
كان هو من اختارها اذن، وكانت هي من تحاول قبول حبه.
لازالت تذكر مقاومة روحها لكلماته، ولازالت مقولة صديقتها: اتبعي قلبك ترن في اذنها.
هي لم تصدق يوماً عباراته، ولاشعرت بها؛ لكن قطار العمر الذي تداركها، لم يبق لها المزيد من الخيارات، ولا المزيد من الكبرياء.
وبينما كانت تتجاهل مخاوفها منه ، كان هو يداهم كل لحظاتها، ويخيم بحضوره الثقيل على ثواني حياتها.
لقد حاولت أن ترسم معه أياماً خالدة، لكن قلمها كان باهتاً، وحبره كان دامياً.
لو صدقت حدسها، لو لم تكترث لقطار عمرها لما خسرت ماتبقى لها من كنوزها الثمينة: الهدوء، الدفء، السلام الروحي.
واليوم كيف تواجه المرآة ؟، وهي التي منحتها أجمل الصور، وأجمل المواقف، وسددت خطاها في كل مرة كانت تتعثر فيها .
نزل الغروب على صدرها كازميل، واخبرها ان كل من في الحديقة قد غادر، وكان يجب أن تغادر، تاركةً على مقعدها رسالة اعتذار صفراء منه تخبرها بأنه التحق بصديقتها التي لمت شمله على روحها وجسدها، وبأنه آسفاً فروحه النقية لم تعد تحتمل ويلات الحرب، وحملها شكره على صلواتها له بالخلاص والفرج، ووعدها بخيبة جديدة تلم شملها حتى إشعار آخر.


اكتشاف المزيد من شباب بوســــــت

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

  • Related Posts

    قسد في مهب الريح: هل اقتربت لحظة النهاية؟
    • أبريل 8, 2025

    تمرُّ قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بمرحلة مفصلية من وجودها، إذ لم تعد تحظى بالدعم الدولي نفسه الذي مكنها من السيطرة على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا خلال الحرب ضد…

    Continue reading
    دور النظام السوري وقسد في تحييد الأكراد عن الثورة السورية
    • مارس 23, 2025

    انطلقت الثورة السورية في مارس 2011 ضد نظام بشار الأسد، الذي رد بعنف شديد على الاحتجاجات السلمية. ومع تصاعد الأحداث، سعى النظام إلى إشعال الانقسامات الطائفية والإثنية بين مختلف مكونات…

    Continue reading

    شارك برائيك