
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي
ملخص
تشهد سوريا واقعًا جديدًا بعد صعود النظام الإسلامي، مما يشكل تحديات وفرصًا لإسرائيل. رغم تراجع النفوذ الإيراني، فمن المحتمل أن تحاول إيران استعادة وجودها في البلاد، بينما تلعب تركيا دورًا محوريًا في إعادة تشكيل سوريا، وهو ما قد يؤدي إلى احتكاكات سياسية وعسكرية، وصولًا إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل في سيناريو متطرف.
من المتوقع أن تكون تركيا الفاعل الوحيد القادر على نشر قوات برية للمساهمة في تحقيق الاستقرار، مما يقلل احتمالية النزاعات المسلحة. كما أن إعادة بناء سوريا تتطلب موارد هائلة وتعاونًا دوليًا. بناءً على ذلك، يُقترح تقديم مبادرة للإدارة الأمريكية لإنشاء آلية دولية بقيادتها لإعادة إعمار سوريا، تهدف إلى:
- تقليل مخاطر الاحتكاك العسكري بين إسرائيل وسوريا.
- تقييد النفوذ التركي ضمن الآلية الدولية.
- الحد من محاولات إيران لاستعادة نفوذها في سوريا.
إسرائيل لن تشارك علنًا في هذه الآلية، لتجنب إفشالها مسبقًا، بل ستقتصر على طرح الفكرة أمام الإدارة الأمريكية والعمل معها لتحقيق مصالحها.
التحدي
بعد أكثر من عقد من الحرب، أصبحت سوريا دولة فاشلة وممزقة، ويسعى معظم الأطراف الإقليميين والدوليين لتحقيق استقرارها. يتزامن ذلك مع صعود النظام الإسلامي الذي لا تزال ملامحه غير واضحة، ولكنه يحمل مخاطر وفرصًا لإسرائيل.
- تم دفع إيران خارج سوريا، لكن احتمال سعيها لاستعادة نفوذها لا يزال قائمًا.
- تركيا تلعب دورًا رئيسيًا، ما قد يؤدي إلى احتكاكات مع إسرائيل أو حتى مواجهة عسكرية.
- تمتلك تركيا القدرة على نشر قوات برية، مما قد يساهم في استقرار سوريا وتقليل النزاعات المحتملة.
نظرًا لهذه العوامل، فإن التعاون الدولي يعد أساسًا للمبادرة المقترحة.
الفكرة الرئيسية
تقترح الورقة إنشاء آلية دولية بقيادة الولايات المتحدة، وبمشاركة تركيا، دول الخليج (السعودية، الإمارات، قطر)، مصر، الأردن، والدول الأوروبية الكبرى (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، إضافةً إلى الأمم المتحدة ودول أخرى مثل روسيا، وفق المبادئ الأساسية التالية:
- الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا.
- تشكيل نظام سياسي معتدل يحترم حقوق الإنسان.
- منع تموضع إيران وحزب الله في سوريا.
- ضمان عدم تحول سوريا إلى تهديد لجيرانها.
- انسحاب القوات الأجنبية وتفكيك القوى العسكرية غير الحكومية تدريجيًا.
- إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين بآلية دولية منسقة.
- إنهاء دور الآلية الدولية بناءً على طلب الحكومة السورية.
إسرائيل لن تكون جزءًا من الآلية، لكنها ستعمل عبر الإدارة الأمريكية لضمان تحقيق مصالحها.
أهداف المبادرة
- تحقيق استقرار سوريا وتقليل مخاطر النزاع مع إسرائيل.
- تعظيم الفوائد من الدور التركي وتقليل مخاطره.
- تقليص نفوذ إيران في سوريا.
- دعم استقرار الشرق الأوسط بعد الحرب متعددة الجبهات ضد إسرائيل.
هيكلة ومهام الآلية الدولية
تتكون الآلية من لجنة توجيه عليا تحت قيادة الولايات المتحدة، بالتنسيق مع الحكومة السورية، ولجان فرعية تعمل تحت إشرافها، على النحو التالي:
- الإصلاح السياسي والقضائي – تحت إشراف فرنسا، ألمانيا، بريطانيا.
- الأمن (تفكيك الميليشيات) – تحت إشراف تركيا.
- إعادة الإعمار الاقتصادي – تحت إشراف السعودية أو الإمارات.
- شؤون اللاجئين – تحت إشراف السعودية أو الإمارات.
- فصل القوات بين سوريا وإسرائيل – تحت إشراف الأمم المتحدة.
تستطيع كل دولة الانضمام لأي لجنة وفقًا لرغبتها.
المزايا والمخاطر
المزايا لإسرائيل
- استقرار سوريا يحد من التهديدات الأمنية.
- تقييد النفوذ التركي ضمن إطار دولي منظم.
- تقليل احتمالية المواجهة بين إسرائيل وتركيا.
- إضعاف نفوذ إيران وحزب الله في سوريا.
- الحفاظ على منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل.
المخاطر المحتملة
- قد تطالب بعض الدول بإدراج قضية الجولان أو القضية الفلسطينية ضمن المبادئ الأساسية للآلية، مما يستوجب تنسيقًا وثيقًا مع الولايات المتحدة لإحباط هذه المحاولات.
المزايا لسوريا
- الاعتراف (بحكم الأمر الواقع) بالنظام الجديد.
- ضمان سيادة سوريا واستقلالها.
- التزام دولي وإقليمي بإعادة الإعمار والاستقرار.
- إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية والعالم العربي.
المزايا لتركيا
- الاعتراف بمصالحها ودورها العسكري في سوريا.
- تقاسم عبء تحقيق الاستقرار.
- تسهيل إعادة اللاجئين إلى سوريا.
- منع قيام كيان كردي مستقل.
- تقليص النفوذ الإيراني.
العيب: تقييد حرية تحركها كفاعل رئيسي في سوريا حاليًا.
المزايا للدول العربية
- استقرار سوريا وتقليل النزاعات.
- منع التنافس الخليجي داخل سوريا.
- تقليص النفوذ التركي والقطري.
- منع إيران من استعادة نفوذها.
العيب (بالنسبة لمصر والأردن): استقرار نظام إسلامي في سوريا.
المزايا للولايات المتحدة
- تعزيز استقرار الشرق الأوسط ضمن النفوذ الأمريكي.
- الحد من الأزمات الدولية التي قد تعيق أولويات الإدارة الأمريكية.
- دعم جهود احتواء إيران.
- تحقيق إنجاز دبلوماسي للرئيس الأمريكي دون استثمار موارد ضخمة.
التوصيات لإسرائيل
- بدء حوار فوري مع إدارة واشنطن لإقناعها بقيادة هذه الآلية كجزء من استراتيجيتها لاستقرار المنطقة واحتواء إيران.
- إدراج لبنان ضمن الخطة لضمان استقرار الجبهة الشمالية.
- فتح قنوات اتصال سرية مع تركيا لإنشاء آلية تنسيق تمنع التصعيد بين البلدين في سوريا.
خاتمة
تُعد هذه المبادرة فرصة لإنشاء آلية دولية تضمن استقرار سوريا بشكل يخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية، مع تقليص النفوذ الإيراني والحد من المخاطر التركية، وكل ذلك ضمن إطار يقوده التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. نجاح هذه الخطة يعتمد على التنسيق الدبلوماسي الفعّال وضمان قبولها من قبل القوى الفاعلة دون إثارة مخاوف إقليمية قد تعطل تنفيذها.
اكتشاف المزيد من شباب بوســــــت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.