بقلم عبدالله النجار
لم يعدْ بإمكان الولايات المتحدة الادّعاءُ بالحياديّةِ حيالَ الأزمة السّورية ، كما لم يعدْ بإمكانها الادّعاءُ بتحاشي زجّ قواتِها على الأرض أيضاً ، بعدَ أنْ أظهرتْ مقاطعُ فيديو عديدة ، تواجدَ قواتِها إلى جانبِ قواتِ سورية الديمقراطية ” قسد ” في معركة منبج التي تدورُ رحاها حالياً.
ثلاثمئةِ عسكريٍ أمريكي ، يضافون إلى ماهو موجودٌ أصلاً ، فيصل العدد إلى قرابة خمسمئة ، وهو يساوي أو يزيدُ عن مجموعِ كلّ القوات العربيّة المشاركة في قواتِ سورية الديمقراطية أصلاً ، والتي تُتّخَذُ كَمُحَلّلٍ ” أو مُجَحّشٍ بالعامّية ” لقواتِ الحمايةِ الشعبيةYPG – التابعة لحزب العمال الكردستاني PKK -التي تسيطر على قوات ” قسد ” ليس في مجال القيادة والدعم فقط ، بل وفي مجال التواجد على الأرض أيضاً.
خطّةُ الولايات المتّحدة في الشّمال السّوري ليست وليدة اللّحظة ، ولا وليدة شهورٍ ، كما أنها لن تنتهي قريباً ، فهي تعود إلى قرابة عامين ، وتحديداً أواخر عام 2014 حيث تسرّبت حينها معلوماتٌ من قياداتٍ في حزب الاتحاد الديمقراطيPYD، تحدثتْ عن لقاءٍ تمّ في دولةٍ عربية ، تحدّدت خلالَه مهمةُ قواتِ الحمايةِ التابعة لحزب العمال الكردستاني ، بالسّيطرة على الشّمالِ السّوري حتى البحر المتوسط ، لضمان تدفق النفط القادمِ من شمالِ العراق حتى البحر، وحينها لم تكن هناك أيّةُ اشتباكاتٍ في تركية ، و كانت عملية السّلام تسيرعلى قدمٍ وساق ، ولم تكن قوات سورية الديمقراطية قد ظهرتْ إلى الوجود أيضاً.
تعثّرتْ هذه الخطّة بسببِ الموقفِ التّركيّ الرّافضِ لها من جهة ، وبسببِ عدمِ وجودِ المبرّر لاجتياحها من جهةٍ أخرى ، كونها تخضع لسيطرة الجيش الحرّ المقرّب – حسب مايزعمون– من الولايات المتحدة.
وخلال اللقاء الموما إليه قدّر الطرف الأمريكي عمرَ الأزمة السّورية بثلاثين سنةً ، وبالفعل فقد بدأ المسؤولون الأمريكيون بعد ذلك اللّقاء يصرّحون بأن الأزمة السورية قد تستغرق عشر سنوات ، ثم عشرين سنة ، ولم يكن قبلها قد صدر مثلُ هذه التصريحات.
ثلاثون سنة من الحرب كفيلةٌ بتبديل الأرض والإنسان ، وتبديل معالم الجغرافيا والديمغرافية .
هذا ماتعمل عليه الولايات المتحدة في الشمال السوري ، بالتزامن مع إطلاق مايسمى مفاوضات جنيف التي يعلم القاصي والداني أنها لن تؤتي ثمارها ، وسط تبادل الأدوار بين الروسي والأمريكي ، في خضمّ صمْتٍ عربيّ وأوربيّ مخيف.
عبدالله النجّار
حقوقي و كاتب و محلل سياسي سوري مختص بالشأن الكردي