
يخضع سجن عايد، المعروف باسم “صيدنايا الرقة”، لسيطرة مليشيات قسد، ويشهد انتهاكات وجرائم تعذيب لا تقل وحشية عن تلك المرتكبة في سجن صيدنايا التابع للنظام.
في هذا المقال، سنكشف تفاصيل ما يجري داخل السجن. لا تنسَ المتابعة والمشاركة لنشر الحقيقة.
تتهم العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وجهازها الأمني بانتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان، خاصة ضد المسجونين في معتقلاتها وسجونها في شمال شرقي سوريا.
إلا أن سوريين نجوا من الموت تحت التعذيب في سجون “قسد” أخبروا موقع تلفزيون سوريا بالأهوال التي حدثت معهم خلال فترة اعتقالهم، وأكدوا أن طرق التعذيب لا تقل عن تلك الموجودة في معتقلات قوات النظام.
سجن عايد.. “صيدنايا الرقة”
يقع سجن عايد جنوبي مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي، بعيدًا عن الرقابة الدولية وعيون منظمات حقوق الإنسان، حتى بات يعرف بـ “صيدنايا الرقة”، نظرًا للتشابه الكبير في أساليب التعذيب، بحسب ما رواه معتقلون سابقون فيه لموقع تلفزيون سوريا.
يقول مصلح حميد إحسان (37 عامًا) – وهو من أهالي ريف حماة ونازح في مدينة الرقة -:
“لم أكن أتصور أن يكون هناك سجون في العالم مثل سجون النظام، لكن بمجرد دخولي إلى سجن عايد تغيرت قناعتي.”
اعتُقل مصلح منتصف ليلة 17 آب الماضي عند حاجز للأسايش في قرية المنصورة غربي الرقة، بتهمة الإرهاب، ليكتشف بعد 48 ساعة أن تهمته كانت تسلُّم حوالة مالية بقيمة 4000 دولار من شقيقه في إسطنبول.
وأضاف مصلح: “أدخلوني إلى غرفة مغلقة تحوي سلاسل معلقة، ثم دخل عليّ شاب بلهجة عربية ثقيلة، يشتم ويسبّ الله ويتهمني بأنني تابع للمخابرات التركية. وبعد أن أنكرت كل هذه التهم، انهال عليّ بالضرب وأنا مكبل اليدين حتى أغمي عليّ.
“استيقظت بعدها لأجد نفسي معلقًا من يدي إلى السقف، وبدأت الأسئلة تنهال علي: ما علاقتك بالجيش التركي والمخابرات التركية والجيش الحر؟ وكلما أنكرت التهم، زادت وتيرة التعذيب، ضربًا أو صعقًا بالكهرباء، إلى أن فقدت الإحساس بجسدي.”
بقي مصلح معلقًا من يديه بالسقف لمدة 13 يومًا، حيث كان يُطعم 15 ملعقة من الأرز يوميًا، دون توقف التعذيب. ثم وُضع في زنزانة منفردة مساحتها أقل من متر مربع لمدة 25 يومًا، كان يُقتاد خلالها يوميًا إلى التحقيق والتعذيب حتى يفقد وعيه.
يُكمل مصلح حديثه: “فقدت الأمل بالحياة، وقررت الاعتراف بما يريدون لكي أرتاح من هذا العذاب.” لكن أحد المحققين، ويدعى “أبو آدم”، أخبره: “التهمة لابستك لابستك، فكّ حالك بمصاري واخلص.”
بعد أن تواصل مصلح مع شقيقه عزيز، دفع الأخير 4000 دولار، ليتم إطلاق سراح مصلح بعد شهرين من التعذيب، لكن دون منحه وثيقة إخلاء سبيل، لأن اعتقاله كان خارج الملفات “القانونية”. وهذا يعني أن مصلح وغيره من المعتقلين لم يكن أحد ليعرف بوجودهم لو قُتلوا تحت التعذيب.
تعذيب لمدة 8 أشهر.. والسبب تشابه أسماء!
“ثمانية أشهر من الاعتقال، نصفها داخل زنزانة منفردة.” بهذه الكلمات بدأ عباس نوار الثلجي حديثه لموقع تلفزيون سوريا.
اعتُقل الثلجي على حاجز سد الطبقة في الثاني من شباط الماضي، واقتيد إلى مركز الاستخبارات الواقع خلف مبنى “لجنة الاقتصاد”، حيث بقي 38 يومًا يتعرض يوميًا لجلسات تعذيب نفسي وجسدي، دون أن يعرف تهمته أو يُسمح له بالكلام.
وقال الثلجي: “بعد ذلك، اتهمني المحقق (كندال قامشلو) بمهاجمة (دوريات الرفاق في الأمن العام)، وسألني إن كنت أعمل مع النظام أو داعش.”
نُقل الثلجي بعد ذلك من التحقيق بتهمة “استهداف مراكز وعربات عسكرية” إلى سجن عايد، حيث أمضى 3 أشهر و27 يومًا داخل زنزانة منفردة، قبل أن يُنقل إلى مهجع جماعي حتى تم الإفراج عنه في نهاية أيلول 2020، ليتضح أن اعتقاله كان بسبب تشابه أسماء فقط، والفرق كان في مكان وتاريخ الولادة!
يضيف الثلجي: “ثمانية أشهر من التعذيب اليومي، نصفها في زنزانة لا تتجاوز نصف متر مربع، لأعترف بتهم باطلة… هل يعقل أنهم لم يكتشفوا اختلاف البيانات إلا بعد كل هذا الوقت؟!”
أساليب تعذيب تفوق الخيال
بحسب معتقلين نجوا من الموت في سجن عايد، فإن أساليب التعذيب فيه تفوق تلك المتبعة في “مراكز استخبارات قسد”، بل إن بعضهم أكد أنها تتجاوز حتى وحشية سجون النظام.
تتنوع أساليب التعذيب بين الصعق الكهربائي في الدماغ والساقين والكتفين، وفقًا لمزاج المحقق، بالإضافة إلى الجلد بسياط غليظة، وتكسير العظام بأنابيب أو قضبان معدنية. كما يتم إطفاء السجائر في أماكن حساسة من الجسد، ومنع المعتقلين من التبول عبر ربط العضو الذكري برباط مطاطي، بينما يكونون مكبلي الأيدي إلى الجدار.
أما المعتقلون في الزنازين الضيقة، فيُمنعون من النوم عبر سكب الماء عليهم والقرع المستمر على أبواب الزنازين.
1800 معتقل بلا محاكمة
كشف مصدر خاص من قوات الأسايش المسؤولة عن السجن لموقع تلفزيون سوريا أن سجن عايد يضم حاليًا نحو 1800 معتقل، بينهم 350 لم تتم إحالتهم إلى أي محكمة أو السماح لهم بتوكيل محامٍ، إضافة إلى 117 معتقلًا من مناطق مختلفة في سوريا، ما زالوا موقوفين منذ نحو 6 أشهر دون إثبات التهم الموجهة إليهم.
يضم سجن عايد 5 غرف منفردة و12 زنزانة جماعية، إضافة إلى مكاتب إدارية للأمن العام. كما يخضع لرقابة مشددة عبر 68 كاميرا مراقبة داخل السجن وخارجه، ويعمل فيه 150 عنصرًا لحراسته وإدارته.
أشار المصدر الأمني إلى أن بعض المعتقلين الذين يتعرضون لأزمات صحية خلال التحقيق يُنقلون إلى مستشفى الطبقة العسكري ضمن إجراءات أمنية مشددة، قبل إعادتهم إلى السجن دون إبلاغ ذويهم بما جرى لهم. وقد شهد شهر كانون الثاني نقل 7 معتقلين إلى المستشفى بسبب التعذيب الجسدي والنفسي الشديد، ليعودوا إلى السجن وكأن شيئًا لم يكن.
اكتشاف المزيد من شباب بوســــــت
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.