القتلُ قتلانِ ، قتلٌ بميتةٍ واحدة ، وقتلٌ بميتَتَين ، والثاني هو مافعله حزب العمال الكردستاني بحقّ ضحايا الصّهريج المفخخ ، الذي فجّره ليلة 12 أيار في قرية تانشق التركية بين دياربكر وصور ، وأدى إلى سقوط 15 مواطناً كردياً تركياً.
وقد عثرت السلطات على جثتين فقط تم التعرف عليهما ، بينما تم التعرف على الـ13 الآخرين من خلال تحليل الـ DNA لـ 60 كغ ، هي بقية أشلائهم التي تم جمعها ، بينما اختلطت باقي قطعِهِم بالتراب.
وفي التفاصيل أن القرويين المذكورين اعترضوا طريق الشاحنة المذكورة التي كانت محملةً بـ15 طن من المتفجرات ومتجهة إلى ديار بكر ، في محاولةٍ منهم لمنعها من إكمال طريقها ، إلا أن أوامر من قنديل وردت لقائد الشاحنة بتفجيرها عن بعد وسط القرويين المتجمّعين ، وهوماتمّ فعلاً ، وأدى إلى حادثة مستنكرة لايستطيع أحدٌ الدفاعَ عنها.
ورغم ذلك فإن حزب العمال الكردستاني حمّل القرويين المغدورين المسؤولية ،فقَتَلهم مرةً ثانية ، عندما اتّهمهم بإطلاق النّار على الشاحنة ، الأمر الذي أدى إلى انفجارها – حسب زعمه – وهو ماتنفيه أدنى خبرةٍ في المتفجرات.
والقتل لمرّتين هو مافعله أيضاً حزب الاتحاد الديمقراطيPYD بتاريخ27/6/2013 بحق المتظاهرين في مدينة عامودا ، عندما أطلق عناصره النار عليهم ، مما أدى لسقوط سبعة شهداء ، وحينها أيضاً اتّهم الحزب مجهولين من بين المتظاهرين بإطلاق النار على عناصره ، الأمر الذي دفعهم إلى الردّ بالمثل وسقوط قتلى.
وقبلها وبعدها ارتكب الحزب مجازر مشابهة بحق أكرادٍ وسوريين آخرين ينتمون إلى مكوناتٍ متنوعة ،لم يعترف بها ، ولم يتحمل مسؤولية أيٍ منها ، وربما تكشفُ الأيام تورّطه بجرائم أكبر من ذلك بكثير .
فهل يُعتبرُ هذا الحزب حزباً كردياً؟!
من المؤكد أن هذا الحزب لايمثل الكردَ السّوريين ،ولايتحمل الكردُ وزرَ أفعاله.
غيرأنّ مايدعو للحيرة هو أنّ من يدّعي تمثيلهُ للكرد السوريين في المحافل الدولية ،يستجدي الشّراكة ليل نهار مع هذا التنظيم الإرهابي ، عبرَ مطالبته بالمشاركة وتقاسم السلطة ، والعودة إلى الاتفاقيات الموقعة بينهما.
إن مصلحة الأكراد هي آخر مايفكر فيه هذا التنظيم ، الذي يبحث عن سلطةٍ فوق أية بقعةٍ جغرافيةٍ ، وتحت أي علم ، ولأجندة أيٍ كان.
ومن هنا ينبغي علينا كسوريين عدم ترك الكرد لقمةً سائغة بين يديه ، والتفريق بين الكرد كسوريين تمّ تهجيرهم وتغييب صوتهم من قِبَله ، وبين هذا التنظيم.
وينبغي ألا يستجرّنا الاستقطاب القومي الذي يعمل عليه الحزب ،إلى مناصرة الباطل كونه ينتمي إلينا ، و معاداة الحقّ لانتمائه إلى قوميةٍ مختلفة.
لم يكن لهذا الحزب أية حاضنةٍ بين الكرد السوريين ، وحتى بعد انطلاق الثورة فإن المظاهرات التي نظّمها كانت تفتقر إلى الحضور المجتمعي الكردي ، الأمر الذي دفعه لاستخدام القوة من أجل فرض سيطرته على المجتمع.
ورغم ذلك فإن شرائح واسعة من الشباب والمثقفين والمستقلين مازالت تناصبه العداء ، وتنتظر الفرصة لتعديل موازين القوى.
وينبغي ألا يغرب عن بالنا ، أنّ حثالاتٍ من مكوناتٍ سوريةٍ أخرى ، شاركت هذا الحزب في قواته العسكرية وإدارته المزعومة ، و وفرت له الغطاء ولداعميه الحجّة لرفده بالأسلحة ، واعتماده في مكافحة الإرهاب التي باتت حجّة من لاحجّة لديه.
عبدالله النجّار
حقوقي و كاتب و محلل سياسي سوري مختص بالشأن الكردي