عباس بن فرناس لم يكن مجرد شخص يجرب الطيران ولَم يكن سقوطه سبب وفاته

عباس بن فرناس لم يكن مجرد شخص يجرب الطيران ولَم يكن سقوطه سبب وفاته

بذل المسلمون منذ قديم الزمان جهوداً كبيرةً في عِلم الفَلك، فبرز منهم عدد كبير من العلماء منهم البتاني، والخوارزمي، وثابت بن منصور، وعباس بن فرناس الذي يعتبر من أول الروّاد المسلمين في ذلك العِلم. وكان عباس بن فرناس معروفاً بعلمه الموسوعيّ وبراعته في عدد كبير من حقول المعرفة في الحياة، والتي تمثلت في الشعر، والفلسفة، بالإضافة لعِلم الرياضيات، والكيمياء، كما وقد اشتهر بإنجازه الأكبر الذي جعله مشهوراً حتى يومنا هذا، وهو محاولته الطيران.[١]

حياته

اسمه هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرتي الأندلسي القرطبي، وذلك نسبة إلى منطقة كورة تاكرين في الأندلس، ولد في مدينة قرطبة خلال فترة حُكم الخليفة الحَكم بن هِشام، وعاش في القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وتَعلم القرآن الكريم وأصول الدين الإسلامي في ما عُرف باسم كتاتيب تاكرتا، ومن ثم وسّع معرفته في مسجد قرطبة، وبعد ذلك خاض في عالم الأدب، والبلاغة، وقواعد اللغة العربية، وبدأ في إلقاء المحاضرات والندوات التي تتحدث عن الأدب والشعر. وقد عاصر عباس بن فرناس عدداً من الخلفاء الأمويين، وكان مقرباً منهم فأصبح شاعراً للبلاط الأموي؛ وذلك بسبب قدرته على كتابة الشعر وإلقائه، كما أصبح طبيب قصر الخلافة، حيث أحبه الخليفة وأغدق عليه بالمال من أجل أن يُتم أبحاثه العلمية، إلّا أن بعض المتاعب قد واجهت عباس بن فرناس، وخصوصاً من قِبل الحاسدين والأعداء، حيث سُجن بتهمة السِحر والشعوذة، إلا أن القضاء الإسلامي أنصفه وأعاد له حقه وردّ اعتباره. وقد لُقِب عباس بن فرناس بلقِب حكيم الأندلس، ويعود السبب في ذلك إلى معرفته الكبيرة في جميع الآداب، وقواعد اللغة العربية بجميع أنواعها، بالإضافة إلى معرفته في الصناعات، والرياضيات، والكيمياء، والطب، والصيدلة، مع محاولته لتطبيق تلك العلوم على الواقع.[١][٢][٣]

اختراعاته

صنع عباس بن فرناس عدداً من الاختراعات التي أصبحت إلهاماً لمن بعده، والتي ما زال أثرها موجوداً حتى يومنا هذا. وقد تنوعت اختراعات عباس بن فرناس في مجالات العلوم، والصناعة، والفلك، والمواد الحربية، وهي كالآتي:

الاختراعات العلمية

من أهم إنجازات عباس بن فرناس في مجال العلوم:[٢][٤]

كان أول من اخترع قلم الحبر، وكان قلماً ذا شكل بدائي، واحتوى على أسطوانة فيها حاوية ذات رأس مدبب، يتم سكب الحبر فيها من أجل الكتابة. وبهذه الطريقة ساهم ابن فرناس في تطوير الكتابة، وسبق في ذلك العالم ستيلو بعدة قرون.
اخترع أوّل أداة لقياس الوقت (ساعة) أطلَق عليها اسم الميقاتة، واستخدمها من أجل قياس الوقت بشكل عام، ولمعرفة مواقيت الصلاة بشكل خاص. وتعمل هذه الآلة من خلال قياس الظل، ودرجاته، وزاواياه، وهي ذات شكل دائري مقسم إلى أقسام متساوية، وتُمثل الزوايا المتواجدة في الميقاتة الدقائق والثواني.
قام ابن فرناس بصناعة رداء يحتوي على جناحين كبيرين مكسوّين بالريش، وذلك بعد أن قام بدراسة حركة أجنحة الطيور، حيث وقف على مكان مرتفع وحاول الطيران، ونجح بذلك لعدة دقائق، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وذلك بسبب غفلة ابن فرناس عن أهمية الذيل في الطيران، وبالرغم من فشل المحاولة إلا إنها كانت مفيدةً جداً للعلماء من بعدِه.
اخترع من الزجاج نسخة بدائية من عدسات تصحيح النظر.

الاختراعات الحربية

برز عباس بن فرناس ببعض الاختراعات الحربية في عصرِه، ومن أهمها:[٣]

قام بخلط بعض المواد الكيميائية مع بعضها البعض، مخترعاً قنبلة تشبه القنبلة المسيلة للدموع في عصرنا الحالي.
قام بِصُنع آلة قتالية من أجل دَك الحصون، وقد استخدمها الخليفة في إحدى الحروب، وانتصر على أعدائه من خلال تحطيم حصونِهم بتلك الآلة.
الاختراعات الفلكية

كان عباس بن فرناس مهتماً بدراسة عِلم الفلك والظواهر السماوية، حيث توصل بذلك الاهتمام إلى صناعة عدة اختراعات فلكية، وهي:[٢][٣][٤]

صنع أداةً مكونة من عدة حلقات؛ من أجل رصد النجوم وحركتها في السماء.
اخترع آلة لرصد حركة الشمس خلال النهار، وحركة القمر والنجوم والكواكب خلال المساء، وأطلق عليها اسم ذات الحلقِ.
كان أول من صنع قُبة سماوية على سقف المنزل الذي يقطن به، وقد وضع عليها نجوماً، وكواكب لتكون على هيئة السماء، كما قام بوضع بعض الظواهر الطبيعية مثل الرعد، والبرق، والمطر، وذلك من خلال استخدامه لبعض الآليات التي قام بصنعها، وقد أصبحت القبة مكاناً يتجه إليه جميع الناس.
الاختراعات الصناعية

كان عباس بن فرناس محباً للصناعة والفن، ومن أبرز اختراعاته في هذا المجال:[٢][٣][٤]

استخدام نوعاً خاصاً من الرمال أو الحجارة التي كانت موجودة في تلال قريبة من مدينة قرطبة من أجل اختراع الزجاج.
كان لابن فرناس سوقاً مزدهرة لبيع الفضة والذهب كأدوات للزينة، حيث كان يصهر المواد ويستخدمها داخل قوالب من أجل سبكِها وزخرفتها.
اخترع طريقة فريدة من أجل تقطيع حجارة الكريستال، والتي تمّ تطويرها لاحقاً من قِبل الغرب ليصبحوا الروّاد في هذا المجال إلى الآن.
اهتم عباس بن فرناس بفن العِمارة، حيث قام بنحت صور وتماثيل لمدينة قُرطبة، وجعلها بذلك من أجمل المدن الأندلسية، كما قام ببناء نوافير من الماء داخل القصور والحدائق.

وفاته

توفي عباس بن فرناس في قُرطبة عام 887م/274هــ، خلال عهد الخليفة محمد بن عبد الرحمن، وقد شاع بأنّ سقوط ابن فرناس خلال محاولة الطيران قد أدى لوفاته، إلا أنّ ذلك هو خلط بين ما حدث لعباس بن فرناس وبين الجوهري الذي تُوفي خلال محاولته للطيران في مدينة نيسابور عام 1003م، حيث قام بربط جناحين مصنوعين من قطعتين من الخشب، وقام بتثبيتهما بحبل، ومن ثم صعد أمام حشد من أبناء البلدة وحاول الطيران، وقد نجحت المحاولة في البداية إلا أن الحظ لم يسعفه وسقط بسبب شعوره بالتعب.[١][٤][٢]

المراجع

^ أ ب ت صلاح الشهاوي (27/11/2011)، “عباس بن فرناس .. أول رائد فضاء في التاريخ “، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2017. بتصرّف.
^ أ ب ت ث ج أحمد الجنابي (2/7/2013)، “ابن فرناس.. المخترع والطيار الأول”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2017. بتصرّف.
^ أ ب ت ث د/ سناء شعلان، عباس ابن فرناس حكيم الأندلس، صفحة 53-61. بتصرّف.
^ أ ب ت ث زهير حميدان، “عباس بن فرناس”، www.arab-ency.com، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2017. بتصرّف.

 

المصدر: موضوع بتصرف

عن شباب بوست