شباب بوســــــت موقع ثقافي و إخباري سوري
الرقة… حكايات مجنونة ورواة عقلاء!
هي الرقة ياسادة؛ تاريخ موغل بالقدم, تعود نشأتها إلى ثلاثمئة سنة قبل الميلاد وسميت (كالينيكوس) نسبة إلى سلوقس الأول مؤسس الدولة السلوقية وأحد قادة الإسكندر المقدوني, وفي العصر البيزنطي، كانت المدينة مركزاً اقتصادياً وعسكرياً هاماً, في عام 639 للميلاد فتحتها الجيوش العربية الإسلامية وتحولت تسميتها إلى الرقة, وبين عامي 796 و808 للميلاد استعمل الخليفة العباسي هارون الرشيد الرقة عاصمة له، وأصبحت المدينة مركزاً علمياً وثقافياً هاماً, في عام 1258 ميلادية دمر المغول الرقة كما فعلوا ببغداد.
لم تعد الرقة تلك المدينة الوادعة التي تغفو على أهداب الفرات, تتاخم البادية وتلتقي فيها البيئة الشبه صحراوية مع البيئة الريفية الجميلة مشكلة مناخاً مميزاً يصفه أهلها بأنه الأجمل في سورية, حتى قال قائل: إن كانت مصر هبة النيل, فإن الرقة هبة الفرات.
تمتزج فيها عدة أعراق وأثنيات شكلت نسيجاً اجتماعياً بديعاً ومتآلفاً افتخر به أهل الرقة على مدى قرون, كيف أصبحت هذه المدينة الآن؟ الأشهر على وجه الأرض – وربما في المجموعة الشمسية – لأنها ببساطة الأخطر بتصنيف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA
في يوم الإثنين 04/03/2013 قامت عدة فصائل من الجيش الحر المناوئ لنظام دمشق بإعلان تحرير الرقة بشكل كامل, صحيفة “الصاندي تيليغراف” نشرت في 30/03/2013 مقالاً لريتشارد سبنسر الذي كان داخل سورية, يقول فيه: الرقة خضعت لسيطرة المعارضين من الفصائل الليبرالية حيث كانت المدينة الواقعة شمالي سوريا تشهد حلقات نقاش للأفكار الفلسفية والسياسية في حلقات متعددة لدرجة أن إحدى الفصائل كانت تشارك في زراعة الأشجار والخضروات لحماية البيئة في محمية في قلب المدينة” وبالرغم من الوجود القوي لفصيلين اسلاميين “جبهة النصرة”
و”أحرار الشام” فإن المدينة لم تعرف أي نوع من الاحتكاكات أو المضايقات، فانطلقت النشاطات الاجتماعية بقوة وحيوية مثيرة للاعجاب، وقام النشطاء بعدة فعاليات مهمة “حملة شوارعنا تتنفس حرية – حملة علمنا – حملة رغيفنا – لأجلكم معرض الاعمال اليدوية والفنية الذي ذهب ريعها الى اهالي الشهداء – حملة جنة يا رقتنا وهي في كل يوم جمعة لتنظيف أحد شوارع المدينة وغيرها الكثير من الحملات ” وكان لهذه التجربة أن تثمر وأن تتحول لنموذج يحتذى لولا أن مؤامرة كانت تحاك في الخفاء للمدينة.
في صيف 2013 بدأت الخلايا السرية لما يسمى بـ (الدولة الإسلامية بالعراق الشام) بالظهور, وقضمت المدينة بطريقة اتسمت بالغدر والخيانة مع بقية الكتائب الموجودة بالمدينة, وكانت النقطة الفاصلة هي تفجيرها لمقر (أحفاد الرسول) في محطة القطار بالرقة بتاريخ 13/08/2013 حيث انقسمت الولاءات إلى ثلاثة أقسام, قسم بايع جبهة النصرة وقسم بايع أحرار الشام والقسم الاخير بايع (داعش) وهو الاسم الذي عرفت به لا حقاً, علماً أن التسمية الرسمية التي أطلقها مؤسسوها فيما بعد (الدولية الإسلامية) كناية عن الطموح اللامتناهي لهذا التنظيم وعدم حصره بمدى جغرافي محدود, وفي النهاية تمكنت داعش من فرض سيطرتها على الجميع في الرقة. لم يعد خافياً على الجميع الأساليب الإجرامية التي يتبعها هذا التنظيم الرهيب في التعامل مع مناؤيه, وقد شاهد العالم برمته على شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي شيء مما ابتدعوه من اساليب جهنمية لا تخطر على قلب بشر… ولا شيطان حتى.
هنا سنورد شهادات لرجال ثقات أعرفهم شخصياً, سمعت منهم رواياتهم دون وسيط, وقد تكون هذه الروايات مختلفة, بل أجزم بأنها كذلك, لأنني لم اقرأ عنها في الكتابات التي التي تحدثت عن
أساليب الموت في العصور الهمجية, ومحاكم التفتيش في أوربا أبان القرون الوسطى, ولم أشاهد مثيلاً لها في أفلام الرعب الهوليودية.
المرأة العضّاضة: عذراً للقوارير مما سأورده هنا, وعذراً للإنسانية عن كل ما سيلي, أن تنقلب النواميس التي اعتادها البشر, أن تتحول الأنثى الرقيقة الناعمة إلى وحش رهيب وكائن بلا قلب, المرأة العضّاضة مهمة أسندها هؤلاء لعدد من النسوة ممن امتهن العهر قبلاً – وهن قليلات للأمانة – ويعرفهن أهل الرقة المحافظين الذين ينبذون أمثالهن, بحكم عملي بالقضاء, ولكوني ابن مدينة الرقة أعرف بعضاً منهن, الشاهد (أ.ح.ص) حدثني عن هذه المهنة الجهنمية, فقال: إذا ما رتكبت امرأة ما محظوراً شرعياً من وجهة نظر دولة الرعب يأتون بها إلى مقرهم ويلقون بها أمام المرأة العضّاضة, وهي إحدى تلك المخلوقات التي نصفها مجازاً بالمرأة, هذه التي تحولت إلى (زومبي) (ودراكولا) مجتمعين, ذلك أن التنظيم قام بإعداد آلة تشبه الأسنان المعدنية المدببة توضع في فمها فيقومون بتعرية الضحية وتنقض هذه عليها عضاً وتمزيقاً ونهشاً وتركّز على منطقة الصدر والثديين غير عابئة بصراح وآهات الضحية, والبقية يستمتعون بجلسة التعذيب هذه في حالة سيكولوجية عصّية على التفسير! اثنتين من النسوة على الأقل لقين حتفهن بسبب ذلك حيث أن صدمة الألم في المناطق الحساسة لا يحتملها كثير من البشر وتؤدي إلى الموت.
الشاهد نفسه أكد لي أنه رأى إحدى العضّاضات في تركيا, هي مومس عرفها أهل الرقة بهذه الصفة, قال: في تركيا شاهدتها ترتدي زياً أوربياً باذخاً, شعرها مسرّح وعطوراتها فرنسية, تتبختر بزهو للفت نظر المعجبين الذين لم أكن منهم قطعاً, ذلك أنني بمجرد أن اقتربت مني اصابتني قشعريرة ودب بي الهلع واطلقت ساقيّ للريح دون وعي, وتركت صديقاً لي لا يستطيع الركض لحق بي بعد حين.
أصحاب الأخدود: الشاهد (م.ك) قال: يتم أشعال نار هائلة باستخدام مشتقات نفطية شديدة الاشتعال, يوضع عليها قدور كبيرة (حلل) ويصب فيها الزيت وتترك حتى تصل درجة الغليان… يوضع بها رؤوس بشر مفصولة عن أجسادها, ومن ثم يلقى الناس بها وهم أحياء.
الماء… سر الموت: رواية عن الشاهد (د.س) يقول: يترك المعتقلين معلقين من إيديهم بطريقة عكسية (كما فعل الحشد الشعبي بمعتقليه بالموصل) لبضعة أيام حتى يبلغ منهم العطش مداه, ثم تقدم لهم السوائل (ماء – بيبسي – شاي – لبن) فيشرب المعتقل حتى يمتلئ جوفه, ثم يوتى بسلك معدني دقيق ويربط به عضوه (عذراً) ويترك يتلوى ألماً من احتباس السوائل في جسده.
قد يقول البعض أن كل من اشترك بالمأساة السورية (مجرم) ونقول: إن ذلك يحمل جانب كبير من الحقيقة, روسيا, إيران, المليشيات الشيعية القذرة, ميليشيا اللجان الشعبية التابعة للنظام, مليشيا حزب الله, وفصائل وتشكيلات لا حصر لها كلها ولغت بدماء الأبرياء, ولا ننس ابداً رأس الإجرام جيش النظام السوري, لكننا هنا لمسنا واقع الحال بشكل يقيني ومختلف ربما!
من هم هؤلاء؟ من صنّعهم؟ ما هي أهدافهم؟ كيف حصل أن اجتمع كل هذا العدد من المجرمين الذين اتسقوا واتفقوا وأتوا بكل هذه النسبة الهائلة من الرعب والموت! سؤال له ألف إجابه, ولكن جهينة تحت الرماد ولن يخرج إلاّ بعد حين, وتبقى الضحية الأكبر في سورية هي الحقيقة.
جمعة الدبيس العنزي
