عبدالله النّجار….الهولوكوست (1)

 

عبدالله النجّار 

لقراءة الجزء الثاني من المقالة اضغط هنا

في كتابه “منفستو الحضارة الديمقراطية” ، يتحدث عبد الله أوجلان في الفصل الرابع منه عن الانحراف اليمينيّ، و عملياتِ التّصفية، والخياناتِ التّي رافقت حزبه منذ اللّحظة الأولى لتأسيسه ، وذلك بعد ثلاثة عقود من انطلاقته ، مما يؤكّد وجود ديناميكياتٍ أخرى كانت تعمل في الخفاء، أوبالضدّ منه، لغاياتٍ أخرى.

ويَعترف أوجلان بأنّ أولى المجموعات المسلحة ، التي أرسلها من سهل البقاع في لبنان إلى الدّاخل التّركي، تحوّلتْ بعد فترةٍ وجيزة إلى مجموعاتٍ من المتسكّعين والأشقياء ((الذّين لم يكن بإمكانهم سوى تطوير علاقاتٍ قادرة على تغذيتهم وتأمين مأكلهم)) ، وإشباع أنانيتهم.

وينتقد دور الوساطة الذي كانت تقوم بها هذه المجموعات لإيقاف القتال الدائر بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحول هؤلاء القادة إلى تكريس مراكزهم فيما يسميه ” أغويّة الحرب” ، الأمر الذي حوّلهم إلى ورقة احتياطية بيد السوريين والإيرانيين.

ويسرد قصصاً عن مجموعاتٍ عسكرية من مقاتليه ، قامت بتصفية مجموعاتٍ أخرى نتيجة خلافاتٍ على السلطة والنفوذ.

وكيف سيطر الانتهازيون ، والمجموعات الطبقية والعائلية على مراكز القرار الميدانية (( وكيف كانت تنبعثُ الشخصياتُ المتواطئة مرةً أخرى في صفوف الحزب )) ، والتي كانت تخطط لاغتياله وتصفيته ، ولهذا السبب فقدماه لم تطآ تركيا منذ خرج منها عام 1979 ، إلّا لحظة نزوله من طائرة الاستخبارات التركية مقبوضاً عليه في شباط 1999.

حصل هذا عندما كان الرجل موجوداً على رأس حزبهِ ، في قمّةِ زَخَمهِ النّضالي ، الذّي كانت تعجّ به البياناتُ الماركسية ، التّي يصدرها من مقرّه الواقع تحت حماية النظام السوري ، سواء في بيروت أو دمشق.

ذلك الحال بكل تفاصيله ، تكرّر ولايزال ، منذ اللّحظة التي عاد فيها PKK إلى الأراضي السورية ، بعيد انطلاق الثورة السورية العظيمة ، ليساهم في تدميرها ، مؤدياً مهمته الوظيفية ، التي لاتخلو من بعدٍ طائفي ، بغطاءٍ قوميّ ، لاينكره إلا أعمى البصر والبصيرة.

فالمَهمة الموكلة تاريخياً لهذا الحزب هي بالضدّ من المصالح القومية الكردية ، قديماً وحديثاً ، وربما يكتشف المتابع من تلقاء نفسه ، قربها من ” الطّائفية العلويّة ” حتّى وإن صدحتِ الحناجرُ بشعاراتٍ قومية وباللغة الكردية أيضاً.

عودة PKK السّريعة والسّلسة والعلنيّة إلى سورية ، وإطلاقُ سراح معتقليه ، وإعادة خطوط اتصالهِ مع قمّة الهرم الأمنّي لدى النّظام ، ثم تسليحه وقتاله إلى جانبه ، لم تكن وليدةَ اللحظة ، إنّما جاءت نتيجةٌ لعلاقاتٍ لم تنقطع أصلاً ، بل كانت مستمرّة بشكلٍ أو بآخر ، عززتها لاحقاً عمليات الاستلام والتسليم للمدن والقرى والمراكز الحدودية مع تركيا ، والتي جرتْ دون أن تطلق رصاصةٌ واحدة .

انكفاء النظام إلى داخل مربعاته الأمنية ، كان يتناسب طرداً مع توسع السيطرة العسكرية – المتفق عليها – لحزب العمال الكردستاني على الأرض وتَمَكّنِه منها ، فالنظام في غنىً عن افتعال اشتباكاتٍ مسلحة مع المكوّن الكرديّ ، لن تغني عن تلك التي لابدّ منها تجاهَ الغالبية الثائرة.

من هنا وبعد أن استقدم PKK مجموعة من كوادره القدامي كقادة ومدرّبين ، بدأ بتشكيل أولى مجموعاته العسكرية ، من فئة الشباب الجاهل، الفقير، المسحوق اجتماعياً ، وصغار السّنّ الذين يستهويهم حمل الأسلحة ، وممارسة دور الشرطي وعنصر الأمن على الحواجز.

وساعد على تجنيدهم اطمئنان هؤلاء إلى رضى النظام ، وعدم وجود أية احتمالاتٍ للاشتباك معه.

بالتزامن مع تحول الثورة إلى الكفاح المسلح ، وسيطرة الثوار على بعض المدن ، كان يُطلب من PKK زيادة عدد قواته ، غير أنه لم يفلح في تجنيد المزيد ، ذلك لأن حاضنته الطّوعية كانت صغيرة، ولاتمثل إلا فئة صغيرة جداً من المجتمع الكردي ، فعاد الحزب إلى أسلوبه السابق في استغلال الأطفال ، واستدراجهم إلى معسكراته ، بعد عملية مدروسة لغسيل أدمغتهم ، قوبلت برفضٍ مجتمعي كرديٍ كبير ، دفع الكثيرون حياتهم ثمناً له ، في الجزيرة وعفرين وعين العرب /كوباني.

ومع اطمئنانه إلى السيطرة الكاملة على الأرض في الأماكن التي أوكلت إليه إدارتها ، شكّل الحزب ما أسماه ” بالإدارة الذاتية ” أَتبَع إليها تشكيلاته المسلحة التي أطلق عليها ” وحدات الحماية الشعبية YPG” في اتّساقٍ تامٍ مع تشكيلات الدفاع الوطني، وقوات الجيش الشعبي التي أسسها النظام ، ودعا الشباب للانضمام إليها ، مقابل رواتب قد تغريهم ، في حمأة الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، إلا أن ذلك أيضاً لم يؤت أكله ، فبادرت إدارته المزعومة في تموز 2014 إلى إصدار ما اطلقت عليه “قانون أداء واجب الدفاع الذاتي ” الذي باشرت بموجبه، حملة اعتقالاتٍ للشبان وسوقهم إلى معسكرات التدريب ، ومنها إلى الجبهات ، لقتال فصائل الثوار بداية ، أو تنظيم الدولة ISIS لاحقا ، الأمر الذي أدى إلى هجرة الآلاف من الشبان وعوائلهم باتجاه إقليم كردستان العراق، أو تركيا، أو أوربا.

واستمر الأمر على هذا المنوال حتى إطلاق معركة تحرير الرقة قبل شهرين ، حيث أُلقِيَ على عاتق الوحدات الكردية عبء قتال تنظيم الدولة بمفردها تحت مظّلة التّحالف.

وبما أن قواتها غير كافية لتغطية منطقة العمليات ، فقد توجهت إلى تجنيد الشباب العربي وزجّه في جبهات القتال ، والذي سوف نتحدث عنه في القسم الثاني من المقال.

عن شباب بوست

انظر ايضا

عبد الله النجّار….الهولوكوست (2)

عبد الله النجّار لقراءة الجزء الأول اضغط هنا – بدأ التجنيد الإجباري للشباب العربي مع …

أردوغان: إن لم تخرج "pyd" من منبج فسنقوم بما يلزم

حزبُ العمّال الكردستانيّ PKK و الورطةُ السّوريّة…

عبدالله النجار لم يكنْ حزب العمال الكردستاني PKK يعتقدُ أن الأزمةَ السورية – كما يُسميها …

مصور حفل زفاف صالة السنابل يكشف حقائق جديدة

مصور حفل زفاف صالة السنابل يكشف حقائق جديدة

  أكّد مصوّر حفلة زفاف صالة السنابل “ أحمد خلف ” أن ما أشيع حول …