حزب العمال الكردستاني وأكراد سورية... والعلويّة السياسيّة

إسقاط حزب العمال الكردستاني كردياً

  • بداية ً لابدّ من القول أن المعركة المعلنة بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية تجاوز عمرها الثلاثة عقود ، كما أنها ليست المرة الأولى التي تقصفه فيها داخل الأراضي العراقية ، إلا أنها الأولى داخل الأراضي السورية بهذا الشكل.
    ومن البديهي أيضاً القول أن هذه المعركة لن تنتهي بين عشيّة وضُحاها ، فقد تمتدّ سنواتٍ أو عقوداً أخرى ، حسب نوايا القوى الدولية التي تدفع باتجاه استدامة الصراع في المنطقة.
    ومايهمنا هنا هي ساحتنا السورية التي باتت ملعباً لكل القوى الصديقة والمعادية ، أصالةً وبالنيابة ، والتي ندفع فاتورتها غالياً من دمائنا وحاضرنا ومستقبلنا ، والتي لن يهتم لها العمال الكردستاني ومشتقاته ، كونه لايرى فينا كسوريين إلا وقوداً في معركةٍ أضاع هو نفسه بوصلتها منذ زمن ، وتحول إلى ألعوبةٍ مستعملة بين أيدٍ متعددة.
    يعتقد حزب العمال الكردستاني أن وجود الكرد ارتبط بوجوده ، ولولاه لما كان هناك شعبٌ بهذا الاسم على وجه البسيطة ، وقد استطالت النرجسية لديه مرضاً عضالاً أعماه عن مشاهدة الحقيقة ، ودفعه للتنكر إلى التاريخ المدوّن قبل ثمانينات القرن الماضي ، ليضفي على نفسه طابعاً دينياً ، وعلى زعيمه طابعاً رسولياً ، لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
    تحوُّلُ الحزبِ ومؤسسيه من اليسار التركي إلى الأممية الشيوعية ، ثم منها إلى القومية الكردية – رغم أن قيادييه ينتمون إلى قوميات ومذاهب متعددة – ، ثم الكفر بها والإنطلاق خلف مايسمى بالأممية الديمقراطية ، ثم العودة للعمل مرةً أخرى في ظل النظامين السوري والإيراني ، يكشف بجلاء عن الحقيقة الكامنة وراء تأسيسه ، والتي ربما كان يجهلُها بعض المؤسسين الأوائل ، أو ربما دفع بعضهم حياته ثمن اكتشافها ، خاصةً في الفترة التي اعتُبِرت الساحةُ السورية مركزَ الانطلاق ” الأبوجي” إبّان حكم حافظ الأسد.
    كما أنّ تقلب الحزب بين مروحة من الأهداف والشعارات يسوقها حسب الحاجة ، واختلاف الظروف ، يلقي بظلالٍ لاتنقطع من الشكّ والرّيبة.
    فالحزب الذي لم يتمكن من تحديد أهدافه عند تأسيسه في سبعينات القرن الماضي ، طالب بتحرير وتوحيد كردستان في ظل نظام البعث السوري ، وعندما وصل الأكراد في الشمال العراقي إلى مايشبه الدولة القومية المستقلة بداية العقد الماضي ، رفع الحزب شعار الأمة الديمقراطية ، كافراً بالقوميات ، ومهدداً بتحويل كردستان إلى بحر من الدماء إذاما بادرت إلى إجراء أي استفتاء حول الاستقلال.
    وكلنا يعلم أن الأمة الديمقراطية ماهي إلا غطاء لنظام حكم مافيوي مارسه الحزب في الشمال السوري على الجميع ، بل كان على الأكراد أقسى ، وأنه لم يستعمل لأجله إلا الحثالات وعملاء النظام من كل المكونات ، لأن عودته بالأساس إلى الساحة السورية جاءت على خلفية إجهاض الثورة السورية التي انطلقت في آذار عام 2011.
    ومالايعلمه الجميع أن تواجد الحزب في إقليم كردستان العراق أقوى من تواجده في الأراضي السورية ، وأنه يحاصر الإقليم من الغرب والشمال والشرق ، بالاتفاق مع جهات سياسية متعددة.
    كما أنه يسيطر على مناطق لإنتاج النفط ، وأخرى رحّل منها سكانها الأكراد ، وانه يسعى لتطويق الإقليم من الجنوب عبر احتلال سنجار ، وكل ذلك خدمة لمشغليه الإيرانيين .
    أصدرت وزارة البشمركة في الإقليم بياناً رفضت فيه القصف التركي لقواتها في سنجار ، والتزمت حدود إقليمها والدولة التي تنتمي إليها وهي العراق.
    كما أصدر العمال الكردستاني متمثلاً بحزب صالح مسلم في سورية بياناً أدان فيه قصف المقاتلات التركية لمواقعه في جبل كرتشوك بمنطقة المالكية ، دون أن يتطرق إلى قصف مواقعه الأخرى في سنجار العراقية والتي يفترض أنها تعمل تحت قيادة سياسية وعسكرية واحدة.
    ومع ذلك فإن اتباع العمال الكردستاني شنّوا هجوماً عنيفاً على الإقليم لأنه لم يدن قصف مواقعهم في سورية ، متجاهلين أن حزبهم لم ينبس ببنت شفة تجاه قصف مواقعه في سنجار العراقية.
    خلاصة القول أن مايبحث عنه العمال الكردستاني هو منطقة يسيطر عليها حتى ولو كانت على قمة جبل ، يسرق خيراتها ، ويتحكم بأهلها ، وأن كلّ الشعارات التي رفعها ، وربما يرفعها لاحقاً ، ماهي إلا أغطيةٍ يخدع بها البسطاء ، وتقيةٌ يخفي وراءها أهداف مشغليه ، متمثلاً مبدأه العام الذي يتقنه بدقة ” إذا لم تستطع التغلب على خصم فتشبه به ثم اهزمه”.
    المطلوب الآن إسقاط حزب العمال الكردستاني كردياً ، والتّنصل من كل ما اقترفت يداه ، خاصةً تلك الجرائم التي اقترفها بحجة مكافحة الإرهاب ، قبل أن تنتهي صلاحيته ويرميه مشغلوه ، ملطّخين به سمعة شعبٍ لم نعرف عنه إلا كلّ طيبٍ ومروءة.

عبدالله النجّار

عن شباب بوست

انظر ايضا

منهاج الإدارة الذاتية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي PYD

اليكم نسخ كاملة من الكتب اللتي تستخدم في مناهج التعليم التابعة للمناطق اللتي يسيطر عليها …

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

قُسّمت الدراسة إلى ثمانية فصول، بدأت بالجوانب النظرية ثم انتقلت إلى الواقع العملي للكيان الانفصالي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي شرقي الفرات، وانتهت بالتصور الممكن لسيناريوهات الحلّ.

هل خسر العرب تركيا لصالح إيران؟

الباحث مهند الكاطع تشهد منطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول المجال العربي على وجه الخصوص، تحديّات …