القامشلي….المواطن الخاسر الوحيد بقلم عبدالله النجار

تعقيباً على اشتباكات القامشلي…
من دونِ أيّة مقدّمات ، انتهت اشتباكاتُ القامشلي ، بين النّظام وربيبِه PYD مثلما بدأتْ .
وكالعادة لم تُعرف الأسبابُ الحقيقية لما حدث ، ولا بنودُ الاتّفاق الذي حصل – إن وجدَ أصلاً – ولن يتم إعلان ذلك لاحقاً أيضاً.
هدنةٌ لساعات ، ثم يجري تمديدُها ، وهكذا تنتهي القصّة ، ويَحمدُ المواطن ربّه على نعمةِ الأمن والأمان ، فلا براميلُ سقطت ولا صواريخُ قصفت.
تعددت الرواياتُ التي كان مصدرُها جهةٌ واحدة ، في حين التزم النظامُ وشبّيحته الصمت.
وكالمعتاد شطحت الأفكار بعيداً ، تسليم واستلام ، الجزائر ، تقسيم ، فدرالية ، إيراني ، روسي ، لتضخيم الوهم ، الذي نجح فعلاً في إحداث استقطابٍ قوميٍ ، بدا واضحاً لدى الجانب الكردي ، الذي اتفقت غالبية أطرافه على تأييد قوات الأسايش ، باعتبار أن مايجري هو خطوةٌ نحو الأمام ، زادها قوةً تصريحٌ مشكوكٌ فيه عن محاولةٍ فاشلة للنظام باستخدام الطائرات الحربية.
أما العرب فهم منقسمون أصلاً ، بين مؤيدٍ للنظام طالبَ بالحسم العسكري ، ومؤيدٍ للثورة شامتٍ بالشّبيحة الذين تركهم النظام لمصيرهم.
بيانا الأسايش والإدارة الذاتية ، بالإضافة لتصريحي قياديين اثنين في الحزب ، اتفقت على أن سبب ماحصل هو تدخلُ النظام في شؤون الأهالي ، وإقدامه على اعتقال الشبابِ وتجنيدهم ، وفصلِ بعض الموظفين وقطع رواتب آخرين ، فيما بدت وكأنها المدافع الأمين عن مصالح الناس ، في حين ماتزال سجونُها تخفي الكثيرين ، وما زال تجنيد القُصّر والبالغين قائمٌ على قدمٍ وساق.
المثيرُ للضّحك أن بعض الإعلاميين المقربين من PYD اتهموا النظام بمنع إقامة الفدرالية وتقسيم سورية ، في الوقت الذي كانت صفحاتُ مؤيدي النظام تنعتُ الطرف الآخر بالانفصالية وتقسيم البلاد ، ويدركُ كلّ متابعٍ أن هذه ليست تهماً ، بقدر ماهي مديحاً وثناءً لكل طرفٍ بين مؤيديه.
اشتباكات القامشلي كانت مناوراتٌ بالذخيرة الحيّة ، تمكن كل طرفٍ خلالها من شدّ عصبِ حاضنته أو مؤيديه على الأقل ، والتأكيد لهم أنه الحامي الحقيقي لوجودهم ، وإشغالهم عن التفكير به كمستبدّ فترةً من الزمن.
الثابتُ فيما جرى أن مدنيين سقطوا ، ليس لهم علاقةٌ بطرفي النزاع ، والثابتُ أيضاً أننا خسرنا كثّوار – أوهكذا ندّعي – في اختبارٍ آخر ، استطاع النظام وميليشياته ، استقطاب أغلبيتنا من صفوف الثورة.
ويبقى السؤال القديم الجديد قائماً عن سبب تكرار هكذا اشتباكات بين الحلفاء ، ويظل الجواب قاصراً .
ماحصل في القامشلي مؤخراً – ليس الأول ولن يكون الأخير – وهي لا تعدو كونها تصرفاتٍ فردية ، مردّها إلى قياداتٍ محلية ، لم تعِ حتى الآن طبيعةَ التحالف القائم ، وتعتقدُ أنه مرحليّ تكتيكي ، يقتصر على ابتزاز الآخر واستخدامه.
كما أنّها تعبيرٌ عن أزمةٍ حقيقية يعيشها الطرفان ، نتيجة خطابٍ مزدوجٍ يمارسانه داخلياً وخارجياً.
داخلياً ، يسعى كل منهما إلى إقناع مقاتليه ، بأنه يستغل ( يضحك على ) الآخر ، للوصول إلى أهدافه البعيدة ، هذا في إقامة الدولة الكردية ، وذاك في الحفاظ على حدوده الشمالية ، وتحاشي صراعٍ كان من الممكن أن يستنفذ قوته في المحافظة التي تزيد عن ضعفي مساحة لبنان.
وخارجياً ، يدّعي كلّ منهما أنه يقاتل الإرهابيين ، ويعمل لصالح سورية البلد النهائي الواحد الموحد ، في معزوفةٍ قديمة لم تعدْ تغني وتسمن من جوع.
مقاتلو PYD هواةٌ مؤقتون ، وجدوا أنفسهم فجأة في خضمّ الصراع ، ليسوا هم مقاتلو PKK ، المنضبطون عسكرياً حتى النهاية ، مثلهم مثل أقرانهم في ميليشيا الدفاع الوطني.
الخاسرُ ممّا جرى كانت حاضنة الثورة ، والخاسر الأكبر كردياً كان المجلس الوطني الكردي ، الذي بدا أعزل خارج الصّراع ، ملتزماً الصمت ، وخسر جزءاً من مؤيديه إضافةً لمكتبين لأحزابه ، قامت قوات الأسايش بإغلاقهما أثناء الاشتباكات ، وكأنّ إغلاقهما أمرٌ لايحتمل التأجيل ، وهو مايؤكد أنه كان أحد المستهدفين.

 

عبدالله النجّار

حقوقي و كاتب و محلل سياسي سوري مختص بالشأن الكردي

عن شباب بوست

انظر ايضا

منهاج الإدارة الذاتية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي PYD

اليكم نسخ كاملة من الكتب اللتي تستخدم في مناهج التعليم التابعة للمناطق اللتي يسيطر عليها …

روسيا والأسد يجندان شباب القامشلي للقتال إلى جانب حفتر ليبيا

روسيا والأسد يجندان شباب القامشلي للقتال إلى جانب حفتر ليبيا

شرعت مخابرات نظام الأسد مؤخرا بتجنيد شبان من منطقة القامشلي للعمل كمرتزقة يقاتلون إلى جانب قوات "خليفة حفتر" في ليبيا برعاية روسية.

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

قُسّمت الدراسة إلى ثمانية فصول، بدأت بالجوانب النظرية ثم انتقلت إلى الواقع العملي للكيان الانفصالي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي شرقي الفرات، وانتهت بالتصور الممكن لسيناريوهات الحلّ.

اترك تعليقاً