قصيدة لمحمود درويش
إلى أَين تأخُذُني يا أَبي؟
إلى جِهَةِ الريحِ يا وَلَدي…
يقولُ أَبٌ لابنِهِ: لا تَخَفْ. لا
تَخَفْ من أَزيز الرصاص! إلتصِقْ
بالتراب لتنجو! سننجو ونعلو على
جَبَلٍ في الشمال، ونرجعُ حين
يعود الجنودُ إلى أهلهم في البعيد
- ومن يسكُنُ البَيْتَ من بعدنا
يا أَبي؟
- سيبقى على حاله مثلما كان
يا ولدي!
تَحَسَّسَ مفتاحَهُ مثلما يتحسَّسُ
أَعضاءه ، واطمأنَّ . وقال لَهُ
سوف تكبر ياابني، وتروي لمن يَرِثُون بنادِقَهُمْ
سيرةَ الدم فوق الحديد…
تفتحُ الأبديَّةُ أَبوابها، من بعيد،
لسيَّارة الليل. تعوي ذئابُ
البراري على قَمَرٍ خائفٍ. ويقولُ
أَبٌ لابنه: كُنْ قوياً كجدِّك!
وأَصعَدْ معي تلَّة السنديان الأخير
فاصمُدْ معي
لنعودْ
– متى يا أَبي؟
– غداً. ربما بعد يومين يا ابني!
وكان غَدٌ طائشٌ يمضغ الريح
خلفهما في ليالي الشتاء الطويلةْ.