هوشنك أوسي: PKK غدر بالثورة السورية، وابتعادي عنه بسبب سياساته الاستبدادية

 

هوشنك أوسي: PKK غدر بالثورة السورية، وابتعادي عنه بسبب سياساته الاستبدادية

اعتبر الكاتب والصحفي الكردي، هوشنك أوسي، أن ظاهرة ‹الأبواق› على وشك أن تصبح جزءً أصيلاً من الأعراف والتقاليد السياسية الكردية، مؤكداً أنه ترك حزب العمال الكردستاني لأنه «تحوّل إلى سلطة استبداديّة، تقمع، وتعتقل، وتمارس نفس سلوك النظم التي تقمع وتضطهد الكرد»، لافتاً إلى أن تحالفات العمال الكردستاني تنعكس سلباً على ‹أجزاء كردستان الأربعة›.

‹الأبواق›

تحدّث أوسي عن استهدافه من قبل من سمّاهم بـ ‹الأبواق›، فقال في لقاء مع ARA News: «هم يشتكون منّي، ولستُ من يشتكي منهم (الأبواق). ذلك أنني اعتبر ذلك مؤشّراً على مدى قلقهم وربما رعبهم مما أطرحه من أسئلة وأفكار، هم لا يريدونها، وبل يحاربونها. هؤلاء هم تفاصيل وهوامش على متن حالة الاستبداد والفساد والإفساد والترهيب السياسي والإعلامي والنفسي الذي باتت مستشريّة على صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. وإذا كان لدي مشكلة أحاول التصدّي لها، فهي مع المتن، وليس مع الهوامش والأطراف، ومع الفعل الأصل وليس مع ردّات الفعل. وحين أتعرّض لنقد وتعرية بعض التفاصيل، فلأنه لا مناص من إيراد بعض الأمثلة والنماذج كحالات تؤكّد وجود الظاهرة التي أتناولها نقديّاً».

وأضاف «هؤلاء، مِنهم مَن ينطبق عليهم وصف الأبواق، ومنهم من لا يرقون حتى لأن يكونوا بمستوى بوق، ومنهم من ينطبق عليه وصف المرتزقة، ومنهم من ينطبق عليهم وصف ‹الملتزقة›. والملتزق هو مشروع مرتزق. يعني، يهيّئ ويحضّر نفسه لأن يكون مرتزقاً. منهم من طرد من الأحزاب الكرديّة بتهم مختلفة، وكان يشتكي من حزب العمال الكردستاني في سوريا، حين كان في الوطن، وبعد أن أمّن لنفسه مقاماً في أحد البلدان الأوروبيّة، فجأةً اكتشف محاسن ومفاتن وعظائم أمور وأفعال ‹الكردستاني› وصار يغدق الإعجاب والإطناب على الحزب المذكور، والتنطّع للدفاع عنه، بطرائق كاريكاتوريّة، هزليّة، ضد كل من ينتقده، وسرد قصص الوطنيّة والواجب الوطني على الناس، متناسين ما كانوا عليه، أثناء وجودهم في الوطن».

‹أوركيسترا›

تابع أوسي بالقول: «وصنف آخر من هؤلاء، هربوا من صفوف الكردستاني، ساعة المحنة والشدّة والضنك والضيق، وصاروا يشرعنون هروبهم بسرد أحداث مختلقة. وحين حلّ بهم الرحال في الديار الأوروبيّة، وبعد أن صار للكردستاني سلطة وسطوة وهيمنة على المناطق الكردية السوريّة، ولديه سجون ومعتقلات، وإدارة بقوّة السلاح، هرول هؤلاء نحو إرضاء هذه السلطة، في محاولة تبييض صفحات ماضيهم. ومِن هذا الفئة، من صفح عنه الحزب. ومنهم من ينتظر على أمل الحظي بمكرمة العفو والمغفرة».

لافتاً إلى أنه «ثمة فئة أخرى من هؤلاء المطبّلين والمزمّرين ممن خضع لابتزاز وتهديدات ‹الكردستاني› الذي يبدو أنه يمسك بأوراق ضاغطة عليهم، تدينهم في مسائل خاصّة. وتحاشياً إثارة غضب الحزب، نراهم متهافتين بشكل مريع نحو نيل الحظوة، وأقلّه الرضا.. وآخر صنف، هم الأبواق، ممن يعملون في إعلام الحزب ويتقاضون رواتب مجزية على ‹وطنيّاتهم› و‹ثوريتهم› و‹هربجياتهم›».

مردفاً بالقول: «كل هؤلاء، مختلفون في الخلفيّات والتوجّهات ومستويات المنافع، ومتفقون على ضرورة الحصول على دور ما لهم. وأحياناً، يحدث تزاحم بينهم لا يصل إلى درجة التصادم. هؤلاء صاروا يشكلون جبهة عريضة وقويّة، مرهوبة الجانب، وتثير الخوف والرعب لدى من في نيّته توجيه النقد لسلطة حزب ‹PYD›، من خلال ما تقترفه السلطة من حملات استهداف وتشهير وتشويه وتخوين. ويمكن تشبيه هذه الجبهة، بأوركيسترا النفاق والتضليل، إذا شذّ أحدهم عن الجوقة، أو تعرّض للتعرية، تداعت بقية العناصر إلى التغطية على عريه، لئلا يفضح عري البقية».

مشيراً إلى أن «هذه الظاهرة الطارئة على وشك أن تصبح آبدة، وجزءً أصيلاً من الأعراف والتقاليد السياسية الكردية. وأعتقد أن لهذه الظاهرة، ما يوازيها ويضاهيها في الوسط العربي، الفارسي والتركي أيضاً، ولا يقتصر الأمر على الكرد. وكل من يحاول مواجهة أية سلطة استبداديّة فاسدة، فليضع في حسابه أن خط الدفاع عن هذه السلطة هي ‹الجبهة› أو ‹الأوركيسترا› التي أتيت على ذكرها».

‹PKK غدر بالثورة السورية›

عن سبب انتقاده الدائم للعمال الكردستاني مع أنه كان ‹كادراً› ضمن الحزب، ردّ أوسي: «لم أكن كادراً عسكريّاً، بل كنت ناشطاً ضمن تنظيماته الجماهيريّة التي تعتبر الجبهة الخلفيّة للحرب والكفاح المسلّح. وبقيت ضمن هذا النشاط متفرّغاً، طيلة خمس سنوات 1993 – 1998. ثم اتجهت نحو العمل الإعلامي والثقافي ضمن المؤسسات التابعة للحزب. دافعت عن الأخير، حين كان صاحب قضيّة، أو كنت أعتبره صاحب قضيّة، يتعرّض للقمع والظلم والجور من النظام التركي والسوري على حدّ سواء».

وأضاف «ولكن حين تحوّل الحزب إلى سلطة استبداديّة، تقمع، وتعتقل، وتختطف وتغتال جهاراً نهاراً، وتمارس نفس سلوك النظم التي تقمع وتضطهد الكرد، بات يستحيل عليّ أن أكون معه ضد المظلومين، مع الجلاد ضد الضحيّة، حتى ولو كنت مختلفاً مع الضحيّة فكريّاً. وسبق أن كتبت عن ذلك كثيراً، وسردت العديد من الأحداث والتفاصيل بهذا الخصوص التي دفعت بي الى اتخاذ قرار ليس فقط الابتعاد عن العمال الكردستاني، وتقديم الاستقالة من قناته الفضائيّة (روج) بشكل رسمي، ومن ‹المؤتمر الوطني الكردستاني – KNK› ومقرّه بروكسل، على خلفية الموقف المشين للكردستاني من ثورة الحرية والكرامة في سوريا، بل وبدأت نقد تجربة الحزب ماضياً وراهناً».

‹الاصطفاف مع النظام›

لافتاً إلى أن «الثورة السورية التي مِن ضمن مَن غدر بها، كان الكردستاني، عبر تحالفه مع نظام القرداحة. هذا التحالف الذي كان وما زال ينكره الحزب، بينما بات أنصاره يبررونه الآن على أنه أفضل من التحالف مع ‹داعش› والكتائب التكفيريّة!. علماً أن خيار الحزب، في مطلع الثورة، كان الخط الثالث: ‹لا مع المعارضة ولا مع النظام›. في حين أن المعطيات كانت تشير الاصطفاف مع النظام ضد الثورة، وهي لما تزل في طورها السلمي ولم تنزلق نحو العسكرة بعد».

وأوضح أوسي أن «تركيز النقد على العمال الكردستاني، لأنه سلطة إداريّة وعسكريّة وأمنيّة في المناطق الكرديّة السوريّة، تمارس القمع وتقترف الانتهاكات. ولو كان هنالك جهة أخرى ممسكة بزمام السلطة في كردستان سوريا، وتمارس نفس ما يمارسه الكردستاني، لكان النقد موجّهاً لتلك الجهة. بمعنى، الانتقادات سببها الرئيس هو الانتهاكات الخطيرة والقمع والاستبداد الممارس من قبل الحزب ضد المختلفين معه. وبزوال الأسباب تزول النتائج. يعني لو كان حزب طالباني أو حزب بارزاني يمارس نفس ما يمارسه حزب أوجلان في كردستان سوريا، لحظي أيّ منهما بالنقد المركّز».

عن مدى تأثير تحالفات العمّال الكردستاني الإقليمية على المشهد الميداني في ‹أجزاء كردستان الأربعة›، قال أوسي: «هذه التحالفات تنعكس سلباً، وبشكل مباشر. فالتحالف مع النظام الإيراني، بالضرورة هو سيكون بالضد من مصالح كرد إيران، ومصالح كرد العراق أيضاً، ومشاريعهم المستقبليّة نحو الاستقلال. كذلك تحالف العمال الكردستاني مع نظام القرداحة، يمكن رؤية نتائجه الكارثية في كل تفصيل بسيط من تفاصيل حياة الكرد السوريين السياسية. الحق أن الحال السياسية والثقافية الكردية في سوريا صار مستنزفة، بشريّاً وماديّاً، والاستبداد والفساد والإفساد هو لسان حالها. وشرعنة هذا الاستبداد والفساد، واستثمار الدم والمتاجرة به، يوشك أن يكون كـ ‹وباء الكوليرا› أو ‹الطاعون› في الوسط الكردي السوري عموماً. ولا يقتصر الأمر على السلطة الحاكمة ومن يدور في فلكها، وبل صار يتعدّى الأمر إلى من يفترض بهم أنهم المعارضة أيضاً، ولو بنسب أقلّ».

صالح مسلم وتركيا

تطرّق الكاتب والصحفي الكردي إلى مذكرة الاعتقال التركية بحق صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، فقال: «هذه المذكّرة هي إحدى تجليّات تفاقم الغباء والتخبّط السياسي الذي تعيشه الحكومة التركيّة. الهدف منها ليس الضغط على حزب ‹PYD›ورئيسه صالح مسلم، بل إحراج واشنطن وبروكسل والعواصم الأوروبية على أنها تتواصل وتحتضن شخصاً مطلوباً في تركيا، بسبب تهمة ‹الإرهاب›».

وأضاف «طبعاً، واشنطن لم تستجب لمطالب تركيا بخصوص الداعية فتح الله غولن، حتى تستجيب لمذكرة اردوغان المتعلّقة بصالح مسلم. الأتراك يعرفون أن إصدار هذه المذكرة كعدمه، لكنها للاستهلاك الإعلامي الداخلي بالدرجة الأولى. وفي الوقت عينه، ستعزز دور حزب ‹PYD› كرديّاً وإقليميّاً. بمعنى، سيكون مردودها عكسياً على أنقرة، وإيجابياً على حزب‹PYD› ورئيسه».

موضحاً أن «واشنطن والعواصم الأوروبية تعرف حجم انتهاكات سلطة حزب السيد صالح مسلم. وهذه العواصم بحاجة إلى هذا الحزب والقوة العسكرية التابعة له، أو القوى العسكرية التي يتبع لها الحزب، في محاربة ‹داعش›، وعليه، المذكرة التركيّة، لا تساوي ثمنها خمسة قروش في بازار المصالح الأوروبيّة والأمريكيّة حاليّاً. لكن في الوقت عينه، يمكن أن تلجأ أنقرة إلى الانتربول والأوروبول والناتو، والمطالبة بتفعيل الاتفاقات المبرمة مع تركيا، بهدف الضغط»، معبراً عن اعتقاده «هذه المذكرة أتت في وقت تشهد فيه العلاقات التركية – الأوروبية من جهة، والتركية – الأمريكية من جهة أخرى، فتوراً، إن لم نقل توتّراً. ومع ذلك، هذه المذكرة، ربما يمكن اعتبارها مؤشر على أن اردوغان ونظامه، ربما يرتكب عمليات خطف أو اغتيال خارجية، بحق قيادات ‹PYD› أو ‹PKK›، والتحجج أن الأوروبيين والأمريكيين هم المسؤولين عن ذلك، لأنهم لم يستجيبوا للمطالب والمذكرات التركيّة».

شمالي سوريا

تطرق أوسي إلى المشهد السياسي الكردي، واعتبر أنه« مأزوم ومأساوي، نتيجة ممارسة سلطة ‹PYD›القمع بحق المعارضين والمختلفين، ومحاولة تنميط وتدجين المجتمع وجعله أحادي الفكر والقول والرأي والموقف، بالقسر والإكراه. من دون أن ننسى ضلوع قيادة كردستان العراق في بؤس حال الحركة الكردية والمجلس الوطني الكردي في سوريا، وفشل السيد حميد دربندي في إدارة ملف كرد سوريا، فشلاً فاقعاً. ورغم ذلك، ما زال هذا الشخص يحمل توكيل أو تكليف السيد مسعود بارزاني».

مشيراً إلى أن «مأساوية المشهد السياسي، يحاول حزب ‹PYD› التغطية عليها على إبراز معطيات وتداعيات المشهد الميداني من قتال ومعارك وشهداء وضحايا هذه المعارك».

معركة الرقة والباب

في ما يتعلّق بمعركة الرقة والباب، عبّر أوسي عن اعتقاده بأنه «حين أعلن العمال الكردستاني، عبر فرعه السوري، انخراطه في الحرب على ‹داعش› الإرهابي، كان الهدف الرئيس والاستراتيجي والمصيري هو إقناع الغرب بأن الكردستاني، ليس تنظيماً إرهابياً، وبالتالي، ضرورة شطب اسمه من لائحة المنظمات الارهابية الأمريكية والتركية. وفي حال حقق الكردستاني هذا الهدف، يكون قد فتح أمامه أبواب واسعة دولياً، ناهيكم عن إحراج أنقرة ووضعها في زاوية ضيقة. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، أعتقد أن العمال الكردستاني مستعدّ فعل كل شيء، حتى ولو وصل الأمر به إلى زج كل كرد سوريا في محرقة الحرب على ‹داعش›».

وأضاف «وبالتالي، كل ما يقال عن تشكيل إقليم كردي سوري موحد، فيدرالي أو منفصل عن سوريا، هو محض شعارات الهدف منها التغطية على الأسباب والخلفيّات الحقيقيّة الواقفة وراء الزج بالمقاتلات والمقاتلين الكرد في الحرب على تنظيم ‹داعش› دون ضمانات حقيقيّة وجديّة. من دون أن ننسى بأن هذه التضحيات والدماء الطاهرة، يتم استثمارها من سلطة حزب ‹PYD›، في بازارات السياسة الداخليّة الكرديّة، في مواجهة الخصوم السياسيين».

وتابع «أعتقد أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة توزيع وتكريس نفوذ إقليمي ودولي في سوريا، يكون أدواته أطراف سورية، منها حزب PYD. ولاحقاً، ربما يفضي تقاسم النفوذ هذا إلى شكل من إشكال إعادة هيكلة المنطقة، كما جرى سنة 1916، والكيانات السياسية التي ظهرت عقب الحرب العالمية الثانية، بعد انسحاب بريطانيا وفرنسا من منطقة الشرق الأوسط. وهذا الافتراض، في حال تحققه، سيكون على المدى البعيد».

لا يوجد أي أفق للحل

أوسي لم يخفِ تشاؤمه من أي انفراج سياسي بين الأطراف السياسية الكردية ، فقال: «لا أعتقد ذلك. على المدى المنظور، لا يوجد أي أفق للحل والانفراج السياسي بين الأطراف الكردية. لأكثر من سبب، ذكرت بعضها في سياق الإجابة على الأسئلة السابقة».

مضيفاً «اللافت أنه كلما ازداد الغرب حاجةً إلى سلطة ‹PYD› والقوة العسكرية التابعة لهذه السلطة، تزداد الأخيرة في تعنتها وقمعها واستبدادها بحق الاطراف الكردية الأخرى المعارضة. ومع انعدام وجود توازن قوّة عسكرية بين الأطراف الكردية المتخاصمة، سيكون الكلام الفصل دوماً للجانب المسلح والأقوى في فرض السلطة والسيطرة والموقف بقوة السلاح، وليس بقوة الأفكار أو المشاريع السياسية».

كان المجلس الوطني الكردي قد اتهم، قبل أيام، حزب الاتحاد الديمقراطي و‹الإدارة الذاتية› باعتقال عدد من قياداته وكوادره.

 

هوشنك أوسي : صحفي و كاتب كردي

المصدر: ARA News

عن شباب بوست

انظر ايضا

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

قُسّمت الدراسة إلى ثمانية فصول، بدأت بالجوانب النظرية ثم انتقلت إلى الواقع العملي للكيان الانفصالي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي شرقي الفرات، وانتهت بالتصور الممكن لسيناريوهات الحلّ.

ألمانيا: تحذيرات من إرهاب يساريين ألمان متطرفين عائدين من سوريا

ألمانيا: تحذيرات من إرهاب يساريين ألمان متطرفين عائدين من سوريا

  ألمانيا: تحذيرات من إرهاب يساريين متطرفين عائدين من سوريا تقرير نايا أحمد مجموعة من …

حزبُ العمّالِ الكردستانيّ والمتاجرةُ بالأكرادْ

في عصرٍ باتت فيه الميديا تتحكم بأغلبية قرارات العالم، السياسية والاقتصادية ، وحتى بالاتجاهات الفكرية …