الحسكة بلا آشوريين.. تنظيم "PYD" يكمل مشروع حافظ الأسد

الحسكة بلا آشوريين.. تنظيم “PYD” يكمل مشروع حافظ الأسد

ما بين متاجرة بشار الأسد بورقة المسيحيين بشكل عام والآشوريين والسريان من سكان الجزيرة السورية بشكل خاص ومن ثم ابتزازهم وملاحقتهم، وبين الاضطهاد الذي مارسه تنظيم “حزب الاتحاد الديمقراطي PYD” بعد سيطرته على جزء واسع من ريف الحسكة، فرض قوانينه الخاصة وعمليات خطف ومحاربة الثقافة الآشورية وفرض الكردية، كل ذلك أدى للمزيد من الهجرة للآشوريين والسريان، الهجرة التي بدأت منذ بعد انقلاب حزب البعث وسيطرته على الحكم في سوريا 1963، لتصبح مدن الآشوريين والسريان خالية منهم، وليصح القول اليوم إن “الحسكة بلا آشوريين وسريان”، وليكمل الـ”PYD” مشروع حافظ الأسد الإقصائي.

تهجير الآشوريين

عمد نظام الأسد الأب في بداية السبعينيات من القرن الماضي على التضييق على الآشوريين في قراهم المتوزعة في رأس العين والمالكية ومدينة القامشلي عبر الاستيلاء على ممتلاكاتهم الخاصة وتحويلها إلى أملاك تابعة للدولة، كما قام النظام بتحويل كافة المدارس التابعة للكنائس إلى مدارس حكومية كما حدث في مدارس القامشلي وريف بلدة تل تمر، وقدر عدد الآشوريين الذين هجروا على زمن حافظ الأسد بأكثر من 10 آلاف شخص في محاولة من نظام البعث لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة.

واعتبر مدير المرصد الآشوري لحقوق الإنسان “جميل ديار بكرلي” أن منع الوحدات الكردية للمسيحيين من العودة إلى منازلهم في ريف تل تمر وتحويلها إلى مقرات أمنية هو امتداد للانتهاكات التي مورست بحق الآشوريين والسريان على زمن حافظ الأسد من خلال فرض قوانين جائرة بحقهم والتضييق على المدنيين لدفعهم على الهجرة كما يفعل تنظيم “PYD” في الوقت الراهن.

وأضاف ديار بكرلي، أن “عدد المسيحيين في الحسكة قبل 60 عاماً كان يتجاوز 35 % من عدد سكان المحافظة أما حاليا لا يوجد أكثر من 50 ألف مسيحي بنسبة لا تتجاوز 6 % من سكان الحسكة، فالانتهاكات تشمل الآشوريين والسريان على حد سواء، معتبراً أن المحافظة قد تشهد خلال الفترة القادمة اختفاء للوجود المسيحي في المحافظة إذا استمرت سياسة التهجير المتبعة حاليا من الوحدات الكردية”.
ويوجد في ريف مدينة الحسكة 28 قرية آشورية، وفي مدينة القامشلي 6 قرى سريانية آشورية، أما في المالكية 16 قرية سريانية آشورية، وفي رأس العين وتل تمر هناك أكثر من 34 قرية آشورية، مما جعل الطائفة المسيحية أحد القوى الفعالة والمؤثرة في محافظة الحسكة.

قانون إدارة أموال الغائبين

ولم تتوقف ممارسات تنظيم “PYD” عند هذا الحد، فبعد تهجير المسيحيين، قامت ما تسمى بـ “الإدارة الذاتية” بإصدارقرارات جاحفة بحقهم كقانون “إدارة أموال الغائبين والمهاجرين” الذي صدر مع نهاية عام 2015، وينص القرار على الاستيلاء على أراضي المهاجرين والعمل بها من قبل أشخاص ولجان تقوم بتشكيلها الوحدات الكردية بحجة استثمارها لصالح المجتمع.

وقال الناشط صهيب الحسكاوي: “إن قانون إدارة أملاك الغائبين الذين تركوا المدينة نتيجة ظروف الحرب الصادر عما يسمى بالإدارة الذاتية هو تشريع لسرقة ونهب الممتلكات الخاصة، تحت غطاء قانوني يتناقض مع الملكية الخاصة التي هي ملكية مقدسة والتي تصونها كل أحكام العالم”.
وبموجب القانون، ستتم إدارة العقارات والممتلكات الأخرى، العائدة للسكان الذين فروا من المقاطعة، من قبل سلطات الإدارة الذاتية، بما في ذلك عائدات هذه الممتلكات، مثل الإيجارات وغيرها، وجميعها ستكون تحت تصرف الوحدات الكردية، وسجل ناشطون قيام الإدارة الذاتية بالسيطرة على 8 بيوت في مدينة القامشلي وأكثر من 20 منزلاً في ريف مدينة الحسكة، بالإضافة إلى توجيه إنذار لجميع العائلات التي تسكن في مدينتي القامشلي والمالكية بضرورة تسليم منازلهم للوحدات الكردية إذا ما قرر أحدهم السفر والهجرة إلى أوروبا.

وأكدت سارة التي رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي، خوفاً على عائلتها، أن قوات الآسايش الذراع الأمني للإدارة الذاتية طلبت منها استئجار منزلها وتحويله إلى مقر أمني، بعد معرفتها بنيتها السفر مع زوجها إلى ألمانيا بحجة أن قانون إدارة أموال الغائبين يتيح لها الحصول على منزلها الكائن في مدينة القامشلي بعد سفرهم.

واعتبرت سارة والتي تنتمي للطائفة الآشورية، أن القسم الأكبر من مسيحي مدينة القامشلي غادروا خلال الأعوام 3 الماضية ولم يتبق في المدينة إلا عدد قليل منهم يقبعون تحت قوانين وأحكام الإدارة الذاتية، وينتظرون فرصة للخروج من محافظتهم خوفاً على حياتهم.

الاعتداء على الكنائس وسرقتها

وأظهرت عدة صور قيام ميليشيا الوحدات الكردية بالاعتداء على إحدى الكنائس في ريف تل تمر وسرقة محتوياتها، على عكس ما كانت تتحدث به حول حمايتها للكنائس من هجوم تنظيم الدولة، ولكن الصور توضح اعتداء “PYD” على المقدسات الدينية وعدم التفريق بين مسجد وكنيسة فجميع الطوائف والديانات في الحكسة تعاني من تجاوزات هذه الميليشيات.

وكان موقع “الحضارة الكاثولوكية” أفاد بأن الميليشيات الكردية في الحسكة أطلقت النارفي 22 من الشهر التاسع من العام الحالي على منزل رئيس الأساقفة الكاثوليكي “جاك بهنان هندو”، وذلك ضمن سلسلة عمليات يتم من خلالها استهداف المسيحيين الآشوريين وممارسة أعمال النهب والسرقة بحقهم.
وقال المطران بهنان إنه “نجا بأعجوبة من محاولة اغتياله بعد أن أصيب برصاصة في رأسه وُجهت من قبل عناصر التنظيم نحو منزله الكائن شمال شرق مدينة الحسكة”.

1479283015

 

تغيير المناهج الدراسية

كما فعل تنظيم “PYD” في كافة المناطق التي استولى عليها بسوريا عمد إلى فرض منهاجه التدريسي الخاص على سكان هذه المناطق فبدأ بالتدخل في المدارس السريانية وفرض عليها دفع مبالغ مالية لكي يستمر عملها، وإجبارها على الاعتماد مناهج تربوية محددة في مدارسها، وتعتبر هذه المناهج ذات توجه إيديولوجي لا يتناسب والتاريخ المشترك بين أبناء المنطقة، في محاولة منها للتضييق على المدارس المسيحية والتدخل في شؤونها.

واتهم المرصد الآشوري لحقوق الإنسان الشهر الماضي “قوات “الأسايش” الذراع الأمني لتنظيم “PYD” باقتحام مدرسة مسيحية في ريف الحسكة، وأكد المرصد أن الوحدات الكردية اقتحمت مدرسة “الدجلة” الخاصة التابعة لطائفة السريان الأرثوذكس في مدينة “المالكية” شمال شرق سوريا الواقعة على المثلث الحدودي مع العراق وتركيا، مضيفاً إلى أن قوات “الأسايش” اعتقلت “صليبا حنا و كبرئيل عبد النور” وهم من أهالي الطلاب المسيحيين في مدرسة “الدجلة”، وذلك على خلفية اعتراضهم على “همجية” القوات التي اقتحمت المدرسة.

وفي تقرير لصحيفة “دي ويلت” الألمانية عن فرض اللغة الكردية على المدارس المسيحية في منطقة الجزيرة يقول “جون عيسى”، الذي كان يدير معهداً للغة الآشورية، إن الكتب المدرسية الجديدة التي فرضها تنظيم “PYD” فيها تحريف للتاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى استبدال أسماء الأماكن المسيحية الآشورية بأسماء كردية وذكر عيسى مثالاً عن تشويه التاريخ بقصة الملك الآشوري “نبوخذ نصر” حيث تقول كتب “PYD” بأنه تزوج من امرأة كردية.

في حين اعتبرت عدة كنائس ومطرانيات وهيئات مسيحية في محافظة الحسكة إن “التدخل في شؤون المدارس الخاصة بالكنائس الموجودة في منـطقة الجزيرة لا مبرر له ومرفوض، ووجهت اتهمامات إلى ما يسمى “الإدارة الذاتية الكردية” التابعة للاتحاد الديمقراطي الكردي عقب سلسلة من القرارات الكردية الضاغطة عليهم، ووصف الموقعون على البيان المندد تلك القرارات بأنها تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان وحق المواطنة والتملك، محذرين من اندلاع فتن طائفية في حال استمرار الإدارة الذاتية بممارساتها.

ميليشيات تحت راية “PYD”

ومع بداية الثورة حاول المسيحيون تحييد أنفسهم عما يجري في سورية عامة وفي الحسكة خاصة، لكن النظام تمكن من استمالة قسم منهم عبر اللعب على الوتر الطائفي عبر إيصال رسالة أن الثورة ستقضي عليهم كما ستقضي على العلويين والأكراد والأقليات الأخرى، ما دفع بالمسيحيين المحسوبين على النظام لتشكيل المجلس العسكري السرياني، الذي يرتبط بشكل وثيق مع تنظيم”PYD” وقوات الأسد التي تتحكم بمحافظة الحسكة.

وأكد مدير المرصد الآشوري لحقوق الإنسان أن وجود القوات المسيحية مثل المجلس العسكري السرياني وحرس الخابور شكلي، مقارنة بقوات حماية الشعب الكردية، مشددا على أن هذه القوى تحمل اسما سريانياً ولكنها تحت إدارة وتمويل وتسليح الوحدات الكردية.
وحمّل بكرلي قوات الحماية الشعبية الكردية المسؤولية عن جرائم النهب، لأن الفصائل الأخرى لا تشكل شيئا على أرض الواقع، مشيرا إلى أنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء دون أوامر منهم.

1479283046
تحالف قديم

ويرى متابعون أن تحالف الاتحاد السرياني مع الأكراد ليس بجديد، حيث يتم تدريب السوتورو والميليشيات الكردية في جبال قنديل، ويحملان نفس المنشأ والإيديولوجيا والتفكير، إلا أن بعض الأحزاب السريانية والآشورية على خلاف مع هؤلاء حيث ترى أنهم يتحالفون مع فئات انفصالية تطمح باقتطاع مناطق يعتبرها المسيحيون أرض نشأتهم منذ 7 آلاف عام.

وينظر البعض إلى “السوتورو” على أنها ميلشيات مسيحية متورطة في القتال إلى جانب النظام ، بينما يراها تيار آخر حركة شعبية مسلّحة تسعى للدفاع عن المسيحيين في ظل انتشار الفوضى في كثير من المناطق.

يعاني الآشوريون والسريان من حقيقة أن معظم قراهم وبلداتهم تخضع لسيطرة النظام أو تنظيم “PYD” مما أدى إلى التزامهم الصمت عن كثير من التجاوزات مكرهين، وبنفس الوقت تشجعهم أوروبا على الهجرة وترك أراضيهم في حين تصمت عن أفعال النظام وتنظيم “PYD” بالرغم من النشاط الحقوقي اللافت للآشوريين والسريان في أوروبا.

 

المصدر: اورينت نيوز

عن شباب بوست

انظر ايضا

منهاج الإدارة الذاتية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي PYD

اليكم نسخ كاملة من الكتب اللتي تستخدم في مناهج التعليم التابعة للمناطق اللتي يسيطر عليها …

روسيا والأسد يجندان شباب القامشلي للقتال إلى جانب حفتر ليبيا

روسيا والأسد يجندان شباب القامشلي للقتال إلى جانب حفتر ليبيا

شرعت مخابرات نظام الأسد مؤخرا بتجنيد شبان من منطقة القامشلي للعمل كمرتزقة يقاتلون إلى جانب قوات "خليفة حفتر" في ليبيا برعاية روسية.

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

قُسّمت الدراسة إلى ثمانية فصول، بدأت بالجوانب النظرية ثم انتقلت إلى الواقع العملي للكيان الانفصالي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي شرقي الفرات، وانتهت بالتصور الممكن لسيناريوهات الحلّ.