شنت قوات درع الفرات المدعومة من قبل تركيا يوم أمس الجمعة، هجوماً واسعاً يهدف للسيطرة على مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، من قبضة قوات سوريا الديمقراطية، وقد تركز الهجوم على المحور الشرقي للمدينة من جهة الشيخ عيسى، بالتزامن مع هجوم آخر على المحور الجنوبي الشرقي من جهة أم حوش وبئر السبع. وقد استطاعت الفصائل العاملة ضمن درع الفرات تحقيق تقدم على عدة نقاط من هذين المحورين، لكن سرعان ما انسحبت منها، وعزا متابعون السبب إلى كثافة الألغام من المحور الجنوبي الشرقي والتي خلفها خروج تنظيم الدولة/ داعش من هذه القرى قبيل أن يسيطر عليها جيش الثوار، وإلى وجود الجدران الترابية والتحصينات من المحور الشرقي، بالإضافة إلى تمركز عشرات القناصات على طول خطوط الاشتباك.
غير أن الفصائل العاملة ضمن درع الفرات أعادت اليوم السبت، هجومها على ذات المحاور، بعد تعزيز مواقعها بدفعة من المدرعات التركية وتمهيد ناري من قبل سلاح الجو التركي. وما يلفت الانتباه هو تحول العمليات العسكرية من التقدم باتجاه مدينة الباب كما هو معلن في خط سير المعارك وفق الجانب التركي، إلى مدينة تل رفعت. ويبدو أن هذا التحول جاء نتيجة عدد من الأسباب في مقدمتها المخاوف التركية من استمرار تقدم قوات سوريا الديمقراطية باتجاه مدينة الباب؛ لا سيما وأن هذه الأخيرة استطاعت السيطرة على أكثر من 7 قرى قبل أيام من الجهة الجنوبية الشرقية، في الوقت الذي كانت فيه فصائل درع الفرات تتقدم على حساب تنظيم الدولة/ داعش جنوب مدينة مارع.
ومن شأن سيطرة درع الفرات على مدينة تل رفعت أن يعرقل تقدم قوات سوريا الديمقراطية باتجاه مدينة الباب، بالإضافة إلى تقليص مساحة النفوذ العسكري لكونتون عفرين، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتجنب فيه أنقرة الصدام العسكري مع قوات سوريا الديمقراطية على أمل أن تستجيب الولايات المتحدة الأمريكية لمطالبها بانسحاب وحدات حماية الشعب والمرأة الكردية لشرق الفرات دون أي قتال عسكري. لكن تقدم قوات درع الفرات باتجاه مدينة الباب، على حساب تنظيم الدولة/ داعش، يهدف بالدرجة الأولى إلى منع اتصال كونتون عين العرب/ كوباني، بكونتون عفرين.
كما أن السيطرة على تل رفعت في هذا التوقيت يؤدي إلى حصول اتصال عسكري مباشر بين فصائل درع الفرات وقوات النظام من جهة تل قراح وأحرص، ما يفتح المجال لخيارات عسكرية وسياسية إضافية بالنسبة لدرع الفرات، على الرغم من استبعاد العديد من المراقبين حصول اشتباكات بين قوات النظام ودرع الفرات حتى لو أصبح للطرفين جبهات مشتركة. ومن جانب آخر، فإن السيطرة على تل رفعت والقرى المحيطة بها في الجهة الجنوبية الشرقية، تؤدي إلى تضييق الخناق بشكل كبير على معقل تنظيم الدولة/ داعش في مدرسة المشاة، ما يمهد للسيطرة بشكل أسهل على ضواحي مدينة الباب الجنوبية والغربية.
يشار أن قوات سوريا الديمقراطية والتي تتزعمها وحدات حماية الشعب والمرأة الكردية، قد سيطرت على مدينة تل رفعت وعدد من مدن وبلدات ريف حلب الشمالي منذ شهر شباط/ فبراير الماضي، وقامت بصد محاولات عدة للفصائل المتمركز في مارع وأعزاز التقدم لاستعادة ما خسروه، كما وسيطرت على بلدة الشيخ عيسى بعد عقد اتفاق بين الجانبين ينص على انسحاب فصائل مارع، حينما قام تنظيم الدولة/ داعش السيطرة على كفر كلبين وكلجبرين ووضع المدينة بحصار تام.
الاتحاد برس | عبد الوهاب عاصي