وسائل الاعلام الروسية والتصعيد ضد الغرب

وسائل الاعلام الروسية والتصعيد ضد الغرب

وسائل الاعلام الروسية والتصعيد ضد الغرب
د. محمود الحمزة
نشهد في هذه الأيام تصعيداً إعلاميا خاصاً من قبل وسائل الإعلام الروسية ضد الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة. والجديد في الأمر هو مستوى التصعيد الذي يعود الى عوامل مختلفة.
ويجدر بنا لفهم توجهات الاعلام في روسيا باغلبيته الساحقة هو ان وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تعود ملكيتها إما مباشرة للدولة أو جزئياً للدولة ولرجال الأعمال او خاصة وهي قليلة ومحاصرة ومقيدة وتتعرض لمضايقات كبيرة تصل أحيانا الى اغلاق الوسيلة كما حدث مع قناة “دوجد” التلفزيونية المستقلة ذات النفس الليبرالي.
هناك وسائل إعلام تمول من قبل شركات نفطية مثل غازبروم وهي تروج لسياسة السلكة الروسية ومع ذلك توجد منابر مستقلة وجريئة مثل راديو “إيخو موسكفي” (صدى موسكو) ولكنه ليبرالي وعندما نقول ليبرالي في روسيا فهذا يعني هيمنة يهودية بشكل عام.
هناك عشرات القنوات التلفزيونية الخاصة المستقلة ولكن لا يشاهدها الا النخبة ومقابل اشتراك. أي ان معظم الناس لا يتابعونها.
ينشط في روسيا نظام نشر الفيديوهات التي تنتقد سياسة النظام بشدة وترج للحقائق عما يجري في روسيا وعن السياسة الخارجية الروسية.
بشكل عام الكذب والتلفيق هو الطابع العام للاعلام الروسي . وظهر ذلك في تغطية احداث اوطرانيا وخاصة في قصة الطفل الروسي الذي زعم صحفي روسي انه صلب وان امرأة شهدت ذلك وطبل الاعلام وخاصة قنوات التلفزة للأمر وصورت الاوكرانيين بانهم نازيين وفاشيين لعدة اشهر وطبعا كلما صوروا الاوكران بصورة سيئة فهذا يلمع صورة الروس ويدعم صحة سياستهم في أوكرانيا على مبدأ “إذا كان عدوك سيء وقليل الأدب فأنت جيد ومؤدب وعلى حق!!!!” . واتضح لاحقا ان القصة مختلقة تماماً واعترف بذلك معدو برامج في القنوات الرسمية التي بثت الخبر وطبلت له وعندما سئلوا لماذا فعلتم ذلك وانتم تعرفون ان القصة كذب قالوا هكذا طلب منا! ولم يعتذروا للمشاهدين.
ومعروف أيضا تعامل أغلبية وسائلا لاعلام وخاصة القنوات المشهورة الرسمية التي تبث السموم ليلا نهارا، من موضوع اللاجئين إلى أوروبا حيث روجوا بشكل دائم ومكثف لفكرة أن سبب وجود اللاجئين هو الدول الأوروبية وامريكا التي خلقت المشاكل في البلدان العربية وأفغانستان وغيرها والأخطر من ذلك ان المراسلين الروس في أوروبا صوروا اللاجئين ومنهم السوريين على انهم وسخين ولصوص ومغتصبين ومتخلفين وانهم هربوا لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وفي أسوأ الأحوال يقولون انهم هربوا من داعش ولا يذكرو ن القصف الوحشي للنظام الاسدي والروسي لاحقاً. ومثال على هذه الطريقة اللاخلاقية في عرض وضع اللاجئين لتخويف الأوروبيين منهم هو قصة الفتاة ليزا ابنة الرابعة عشر من عمرها وهي روسية مقيمة في المانيا. وتقول القصة أن ثلاثة لاجئين سوريين اختطفوا البنت ليزا واغتصبوها لعدة أيام والذي اذاع الخبر لأول مرة هو صحفي روسي يعمل في المانيا. واثار الموضوع انتقادات على مستوى الخارجية الروسية والألمانية وقامت الشرطة الالمانية بالتحقيق بالامر فاتضح أن ليزا لم تختطف اطلاقا ولم يغتصبها أحد من اللاجئين وانها اختلقت القصة من عقلها ولكن السؤال من يقف وراء هذه القصة اليست الجهات الروسية الإعلامية وغير الإعلامية؟ والمهم ان القنوات التلفزيونية طبلت آذان الناس في روسيا بالموضوع لدرجة ان الشخصيات السياسية المعروفة مثل جيرونوفسكي قال ان اللاجئين يغتصبون بناتنا في أوروبا ولذلك من الأفضل الا نسمح لهم بالمجيء لروسيا. ومن المعروف نشاط حركة بيغيدا الألمانية واعضائها روس مقيمين في المانيا كيف حاربوا اللاجئين وتناغموا مع سياسة السلطات الروسيو ووسائلا علامها في الضغط على أوروبا وابتزاز مواطنيها في قصة اللاجئين.
وعن أسباب التصعيد الإعلامي الروسي ضد الغرب فيمكن تلخيصها بعدة نقاط:
– تبرير السياسة الرسمية الروسية عن طريق الترويج لوجود عدو خارجي (أمريكا والغرب والإرهاب) الذين يهددون وجود روسيا ويريدون اضعاف روسيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا والانتقاص من هيبتها.
– استغلال الانتخابات الامريكية واللعب على وتر كلما زادت المشاكل في أمريكا كلما كان لصالح روسيا.
– بسبب احداث أوكرانيا وموقف الغرب من ضم القرم الذي فرض عقوبات مؤلمة على روسيا يسعى الروس للانتقام من الغرب.
– احداث سوريا والتدخل العسكري الروسي والنقمة على روسيا بسبب القتل والدمار الذي تسببه طائراتها الحديثة لذلك روسيا تريد قلب المعادلة وابعاد الشبهات عنها على مبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع.
– وقد يكون أهم عامل أن روسيا تريد ان تعود للساحة الدولية كدولة عظمى يحسب لها حساب كل العالم ولذلك يجب ان تظهر عضلاتها ليس فقط العسكرية وانما تمارس سياسة إعلامية هجومية ضد الغرب وقد تستخدم أساليب أخرى تتعلق بالانترنت والقرصنة المعلوماتية وغيرها للضغط على الاحداث في الغرب عموماً.
– وهناك عامل مهم آخر افضل طريقة لابعاد انظار المواطنين الروس عن مشاكلهم وغلاء المعيشة وتدهور القيمة الشرائية للعملة اولطنية الروسية أي الروبل ، هو توجيه انظارهم الى الخارج وتخويفهم من الأعداء الذين قد يهجمون على روسيا في أي وقت!!!

عن نايا أحمد

انظر ايضا

إعلامي مقرب من نظام الأسد: النظام يعيش وضعاً خطـ.ـراً.. وخروجه من هذه الأزمة يستلزم “معـ.جزة”!

أكد الإعلامي اللبناني “سامي كليب” أن نظام الأسد يمرّ بمأزق صعب، ويعيش لحظات مفصلية لا …

أميركا: سنعاقب الأسد ويجب أن يرى العالم العدالة تتحقق.. روسيا: نحذركم من تداعيات خطيرة

قالت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، الإثنين 9 أبريل/نيسان 2018، إن الولايات …

ترامب يلغي برنامج تسليح المعارضة السورية وغراهام يعتبرها استسلام للأسد وروسيا وإيران

ترامب يلغي برنامج تسليح المعارضة السورية وغراهام يعتبرها استسلام للأسد وروسيا وإيران

ﻛﺸﻔﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻣﺲ ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺩﻭﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ، ﻗﺮﺭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ …