حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وحصار حلب.

 

الرائد عبدالله النجّار

شباب بوست- خاص

لأنهم واثقونَ من أنها ثورةُ شعبٍ مُصرٍ على المضيّ فيها حتى النهاية ، فهم يُلقونَ إليها بحطبِ المليشيات الطائفية والقومية ، والمرتزقة ، من كل حدبٍ وصوب ، دافعُهم إلى ذلك استثارةُ الصّراع ، وإدخالُ المنطقة في غياهب الحروب الإثنية والمذهبية ، التي تُحقق لهم استدامةُ السّيطرة عليها ، وامتصاصُ خيراتها ، وإبقاء شعوبها في قطيعةٍ مع التقدمِ والحضارةِ.
ومن هنا جاءت قبل عشرة أشهرٍ الحملةُ الروسيةُ على سورية ، التي لايختلف اثنان في أنّها تمت بموافقةٍ ومساعدةٍ أمريكية ، لمحاصرة الثورة والإجهاز عليها ، وتكرار تجربة غروزني الشيشانية.
وإذا كان الهدفُ الروسي واضح المعالم منذ البداية ، فإن الغاية الأمريكية لم تكن محددة الأهداف ، سوى العامّ منها والمتمثل في إدارة الصراع ، للدفع بكل الأجندات ماقبل الوطنية إلى الظهور ، خدمةً للمشروع القديم الجديد ، القائم على التفتيت ودعم المتخاصِمَين حتى إنهاء كليهما ، ومن ثم استبدالهما بآخرين.
ووفق هذا السياق نشطت الإدارة الأمريكية لتقديم فصيلٍ عسكري حليف للروس ، تمخض عنه وضع الجزء الغربي من قوات الحماية الشعبية التابعة لصالح مسلم – حليفة النظام – في عفرين ، بخدمة الأجندة الروسية ، دون أي ممانعة أياً كانت الأهداف.
وعلى هذا الأساس قاتلت ميليشيات صالح مسلم تحت قيادتين ، أمريكية في الشرق وروسية في الغرب ، تبين لاحقاً أن هدفهما واحد ، ويتمثل في حصار حلب ، تحقيقاً للرغبة الروسية المباشرة ، وللهدف الاستراتيجي الأمريكي بصورة غير مباشرة ، بعيداً عن يافطة محاربة الإرهاب.
وأضحت هذه المليشيا معتمدةً من قبل أكبر قوتين في العالم ، وبدأت طموحاتها تكبر ، خاصةً مع بعض عبارات الغزل القومي التي داعبها بها المسؤولون الروس بين الحين والآخر ، ودعوتها إلى افتتاح مكتبٍ تمثيلي في موسكو ، اعتبر في حينه إنجازاً تاريخياً.
اقتضت الخطة بدء هجوم قوات صالح مسلم من عفرين ، بالتنسيق مع هجوم آخر تشنه قوات النظام والمليشيات الشيعية ، نتج عنه فك الحصار عن نبل والزهراء ، واحتلال منغ وتل رفعت ، وحصرِ قواتِ الجيش الحرّ في مثلث حدودي صغير في ريف اعزاز الشمالي ، وكله تحت غطاءٍ جوي روسي كثيف.
أما المرحلة الثانية من الخطة فكانت تعتمد على حربٍ يتم إشعال فتيلها بين كبرى الفصائل في حلب ، ويقوم الرّوس بدعم أحدهما جواً ضد الآخر ، مما يوحي بعمالته ، وبالنتيجة تصفية الطرفين ، وتشظّي الفصائل ، ومن ثم إعادة تكوينها وفق مايشتهي الروس ، والانتهاء من معضلة الجيش الحرّ والفصائل الإسلامية.
غير أن هذه المرحلة لم تتحقق ، وطال أمدُ انتظارها ، الأمر الذي دفع إلى خطةٍ بديلة كان لقوات صالح مسلم الدور الأكبر فيها ، عبر قطع طريق الكاستلو والسيطرة على مشروع السكن الشبابي ومن ثم حي بني زيد ، وإعلان حصار حلب في الثامن والعشرين من تموز الماضي.
وجاء فكّ الحصار ليعلن فشل الخبرة الروسية ، وبخلاف آراء أخرى فإنني أرى أن قرار معركة فكّ الحصار كان في معظمه سورياً ، وإلا لما كنا رأينا كل هذا التوحد والتكاتف بين الفصائل ، إذ لا أعتقد أن كلّ الداعمين أو المتحكمين بالقرار راضين عن تحرير حلب ، لأن القول بخارجية القرار يعني افتراضنا فيه الكثير من حسن النيّة والإنسانية ، وهما صفتان لم نلمسهما خلال السنوات السابقة ، كما يعني من جهةٍ أخرى أن هناك أمراً ماغير سليم يتم التخطيط له لإيقاع الثورة والثوار فيه.
وقد جاء إعلان السيطرة على منبج أمس محاولة للدفع بهذه المليشيا إلى محرقة حلب ، بعد أن استنفذت الشباب الكردي ، وجنّدت الكبير والصغير خدمةً لمشروعها المعادي لكل شعوب المنطقة ، بدءاً من الأكراد التي تدّعي الانتماء إليهم.
ومن جهةٍ ثانية فإن صمت الحركة الكردية على تجاوزات هذه المليشيا بحق باقي المكونات ، واقتصارها على نقد تجاوزاتها بحق الأكراد فقط ، يعزز الشعور الجمعي بأن هناك مركز قرار واحد ، يتم من خلاله تبادل الأدوار ، على الرغم من أن أحد التيارات الكردية كان من أوائل المعارضين للتدخل الروسي ، وحذر من أن ينقلب هذا التدخل ضد حزب الاتحاد الديمقراطي .
لن يستسلم الروس بسهولة ، ومن البساطة الاعتماد على علاقات أصدقائنا في تحقيق ماعجزنا عنه ، خاصة أنه أصبح لدينا خبرة في معرفة مواقف الأطراف الدولية.
ومن السذاجة بمكان الاستكانة إلى العدد فثمانية آلاف مقاتل ، هو مقارب تماماً لماحشده صالح مسلم من أجل منبج ، وهو قادر على حشد مثله أيضاً إذا مادعت الحاجة لإعادة حصار حلب ، أو السيطرة على الشريط الحدودي حتى عفرين.
يبقى القول أنّ فكّ الحصارِ عن حلب وتأمينِها مستقبلاً ، يتطلب وحدةً بين مختلف الفصائل ، وتنظيم كافة الجهود العسكرية ، واستخدام التقدم العسكري للحصول على مكاسب سياسية تخدم المعركة ، وهو ماتدركه الفصائل أيضاً غير أنها لاتعمل على إنجازه لأسباب عدة.

عن شباب بوست

انظر ايضا

منهاج الإدارة الذاتية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي PYD

اليكم نسخ كاملة من الكتب اللتي تستخدم في مناهج التعليم التابعة للمناطق اللتي يسيطر عليها …

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي الانفصالي شرق الفرات

قُسّمت الدراسة إلى ثمانية فصول، بدأت بالجوانب النظرية ثم انتقلت إلى الواقع العملي للكيان الانفصالي الذي أقامه حزب الاتحاد الديمقراطي شرقي الفرات، وانتهت بالتصور الممكن لسيناريوهات الحلّ.

أنفاق “الاتحاد الديمقراطي” تعيد التوتر مع قوات الأسد في الحسكة

أنفاق “الاتحاد الديمقراطي” تعيد التوتر مع قوات الأسد في الحسكة ساد التوتر بين قوات النظام …

اترك تعليقاً