من الارشيف
من الارشيف

العميد الركن أحمد رحال: معارك الساحل والقلمون قلبت الطاولة … لكن النظام يهدد حلب

العميد الركن أحمد رحال: كلنا شركاء

لا يختلف اثنان أن المعارك التي تدور رحاها على معظم جبهات القتال السورية باستثناء الجنوب الصامت شكلت حالة غير طبيعية ومرحلة معقدة من مراحل الثورة السورية.

والهدنة التي أعلنت والتي كان يتمنى فيها الشعب السوري الحر من المجتمع الدولي أن يكون صادقاً ولو لمرة واحدة, ويمارس فيها ضغوطاً على نظام القتل الأسدي للالتزام بالهدنة التي أعلنها بنفسه, ويستجيب فيها للرايات واللافتات التي رفعها أطفال المناطق المحررة والتي يطالبون فيها أن يتوقف القتل والقصف فوق رؤوسهم, ليمارسوا طقوس “عيدهم” كسائر أطفال العالم, لكن الجميع خيب الآمال, وصدقت توقعات الثوار من أن الهدنة بالمفهوم الأسدي تعني مزيداً من القتل والدمار وجرعة إضافية من طلعات الطيران وبراميل الموت, وحتى الجانب الروسي الذي يعتبر أحد رعاة الهدنة, بادر هو الآخر ليمطر ريف حلب الشمالي بمزيد من صواريخ القتل والإجرام, ولتسقط مع تلك الصواريخ أخر ذرة كرامة وأخلاق قد تكون تبقت لما يسمى “مجتمع دولي” و”مجلس أمن” بعد أن وقفوا يستمتعون بأنهار الدماء النازفة من شيب وشباب ونساء وأطفال سوريا على يد نظام فاجر, وعلى أيدي قتلة “مرتزقة” قدموا من “موسكو” و”طهران” و”الضاحية الجنوبية”.

بالعودة للميدانيات وهو السلاح الأمضى  والأوحد الذي يفهمه “بشار الأسد” وداعميه من القتلة, فجبهة الساحل التي حشد لها النظام واستنفر عدته وعديده وحلفائه من كل الفصائل “الشيعية” التي تسانده, وجندت لها “موسكو”حملة جوية غير مسبوقة, واستعاد من خلالها السيطرة على معظم جبلي الأكراد والتركمان وسيطر فيها على أهم معقلين للثوار في بلدتي “سلمى” و”ربيعة”, لكن وبتجميع وتوحيد صفوف لعدة فصائل أساسية بالثورة السورية وبغرفة عمليات منظمة (غرفة عمليات معركة اليرموك) استطاعت فرض إيقاعها إن كان بخططها المحكمة أو بتحركاتها الواثقة على الأرض, واستطاعت استعادة أكثر من (20) قرية وتلة ونقطة حاكمة ولتضع النظام ومن يسانده في موقف حرج عسكرياً واجتماعياً إذا ما علمنا ما يعنيه اقتراب فصائل الثورة من حدود محافظة اللاذقية, وعودة أقواس النيران لتطال معاقله التي ظن يوماً أنها أصبحت آمنة, ومع تقدم قلب التوقعات إن كان بتوقيته أو بسرعة حركته وقوة حسمه لكثير من المعارك في جبلي الأكراد والتركمان, ولتشتعل جبهاته الداخلية خوفاً وهلعاً من هذا التقدم الذي يمكن أن يقلب الطاولة على كل خطط النظام وأحلامه.

خيبة أمل النظام وعودة المعارك لجبهة الساحل التي ظن أنه حسمها بغير رجعة وخابت توقعاته فيها, يعيشها اليوم “حزب الله” في جبهة “القلمون” مع معركة شنتها كتائب الثوار وفصائل الثورة في المنطقة الممتدة ما بين جرود “وادي بردى” وجرود “رنكوس”, والتي فاجأت الجميع وأهمهم عناصر “حزب الله” الذي خسر فيها تلة “الصفا” وحاجزها العتيد, الذي يعتبر النقطة الحاكمة والموقع التكتيكي الهام الذي يفرض سيطرة نارية على منطقة واسعة أمامه وعلى مجنباته, وليتدخل طيران “الأسد” في محاولة لتخفيف الضغط عن حليفه “نصر الله” الذي بات في موقف لا يٌحسد عليه, بعد أرتال النعوش التي أصبحت لا تفارق طرق العودة إلى الضاحية الجنوبية, وبعد حملة التشكيك من قبل أطراف “شيعية” داخل لبنان باتت متأكدة من أن “نصر الله” يقود الطائفة إلى الهلاك في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل عدا عن وقود لنار أشعلتها إيران حفاظاً على مصالحها وأمرت “حزب الله” أن يكون حطبها, ولتنطلق مؤازرات من داخل لبنان (بلدة الطفيل وغيرها) ظناً منهم أنهم قادرون على استعادة المبادرة, لكن حنكة وتكتيك أصحاب الأرض وأهلها أوقعت تلك المؤازرات في كمين محكم كلفها الكثير من القتلى مع (14) أسير وقعوا بيد الثوار يتبعون لمليشيات “الأسد” وعصابات “حسن نصر الله”.

ومع ساعات الظهر اشتد القتال وتمت مهاجمة المواقع المحررة في جرود رنكوس من ثلاثة اتجاهات مختلفة من داخل الأراضي السورية واللبنانية, لكن إصرار الثوار ما زال يفرض وجوده وما زالت قبضات الثوار تتشبث بالأرض التي يدافعون عنها.

ضرب عصابات “النظام” في قلب حاضنتهم الشعبية والاقتراب من الساحل يعادل معركة “القلمون” وضرب قلب المناطق التي يعتبرها “حزب الله” امتداده الأمني والعسكري داخل الأراضي السورية, وتقدم الثوار على تلك الجبهات أوجد حالة من الارتباك وحالة من الفوضى بين صفوف تلك الميليشيات, وأجبرتهم على إعادة الكثير من حساباتهم والكثير من المفاهيم التي حاولوا التوهم بها من أن حربهم ستبقى في مناطق الخصم بعيداً عن ملاذاتهم القريبة.

هذا التقدم ترافق أيضاً مع معركة في الغوطة الشرقية والتي حاولت فيها ميليشيات “الأسد” و”نصر الله” الانتقام لإسقاط “جيش الإسلام” عبر (منظومة _أوسا) لأربع طائرات حربية (مقاتلة وحوامة), والاختراق على جبهة بلدة “ميدعا”, إلا أن صحوة الثوار والبنادق التي لا تغفل وترابط على الثغور أفشلت هذا الهجوم وكبدتهم خسائر لا يستهان بها.

لكن رغم كل تلك النجاحات لا يمكن إغفال الضغط والخطر الذي تعرضت له جبهة “حلب” وخصوصاً على محور طريق “الكاستيللو” والذي أصبح عقدة لكل من “روسيا” و”إيران” و”حزب الله” وعصابات “الأسد” الذين اتفقوا على قطع خطوط إمداد الثوار وفرض الحصار على “حلب” مهما كلف الأمر من خسائر في صفوفهم.

ومع ساعات قليلة على بدء هدنة أعلنها النظام وكان أول من خرقها, انطلقت الطائرات الروسية والأسدية لتمارس تكتيك سياسة الأرض المحروقة (النازية) على كامل المنطقة التي يسيطر فيها الثوار في الريف الشمال الحلبي والتي تمنع سقوط خط إمداد “الكاستيللو” بيد النظام, بهدف فرض الحصار على المناطق المحررة في داخل المدينة مع فصائلها الثورية.

تلك المعركة التي نالت فيها مواقع الجيش الحر وبلدات “مخيم حندرات” و”كفر حمرة” و”حريتان” والقرى المحيطة بها أكثر من (260) غارة جوية وخلال أقل من (15) ساعة, مهدت الطريق للميليشيات التي تم حشدها لتلك المعركة من “إيران” و”حزب الله” و”نظام الأسد” واستقدمت فيها عصابات “الدفاع الوطني” التي يقودها المجرم “صقر رستم” والتي تٌمول وتٌدرب على أيدي ضباط “قاسم سليماني”, واستطاعت تلك الميليشيا من التقدم والسيطرة على خمس نقاط حاكمة فرضت سيطرة نارية على طريق “الكاستيللو” الذي يعتبر الشريان الأهم لكل فصائل الثورة في الشمال الحلبي والطريق الأوحد لإدخال الإغاثة والمؤن الطبية لأكثر من (400) ألف مواطن, ولتهدد بإعادة سيناريو حصار مدينة “حمص” الذي انتهى بصفقة أممية أخرجت كل الثوار وأهاليهم من داخل المدينة.

المؤازرات والدعم الذي تلقته الفصائل المشاركة بالقتال على القطاع الشمالي لجبهة “حلب” مكنها من القيام بهجوم معاكس استعادت من خلاله ثلاث نقاط هامة مع استمرار المعارك الضارية التي يقوم بها الثوار لإعادة هذا الممر لكنف الثورة, إنما يمكن القول أن أقوى المعارك التي شهدتها الثورة السورية تتم الآن في جبهات حلب الشمالية, مما يعكس مدى إصرار كلا الطرفين على عدم ترك المنطقة للآخر لما تشكله من أهمية لمدينة “حلب”.

من المؤكد أن الراعي “الروسي” وحلفاء “الأسد” يعتقدون أن كل ما يجري على ساحات وميادين القتال سيكون له منعكس وتأثير على طاولة المفاوضات التي يتطلعون لعقدها في الأسابيع أو الأشهر القادمة, ومن المؤكد أن لهم سيناريوهات معدة وجاهزة تعيد هيكلة “نظام الأسد” عبر عمليات ترقيع وتجميل يظنون أنهم يخادعون بها الشعب السوري الحر, لكن بالتأكيد وما لا يعرفه هؤلاء (أصحاب المفاوضات) أن بندقية الثوار أصبح لديها خيار أوحد يتمثل باللغة الوحيدة التي يفهمها نظام “الأسد”, من أن كل طاولات التفاوض ومواعيدها ومقرراتها لم تعد تعادل حذاء طفل سوري يتطلع للحرية.

العميد الركن أحمد رحال

محلل عسكري واستراتيجي

عن شباب بوست

انظر ايضا

حدث في حلب… ذئبٌ بشريٌّ يعتدي جنسياً على طفليه ويكوي ابنته بالزيت

بالرّغم من الانتشار الكبير للجرائم على نحوٍ غير مسبوق في مدينة حلب بعد فرض النظام …

أردوغان: إن لم تخرج "pyd" من منبج فسنقوم بما يلزم

“ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ ﺗﻘﺘﺤﻢ ﺛﻼﺙ ﻗﺮﻯ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑﺤﺜﺂ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻟﺘﺠﻨﻴﺪﻫﻢ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ”

“ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ ﺗﻘﺘﺤﻢ ﺛﻼﺙ ﻗﺮﻯ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺑﺤﺜﺂ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻟﺘﺠﻨﻴﺪﻫﻢ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ” ﺍﻗﺘﺤﻤﺖ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ …

موسكو تنشر كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية في حلب

موسكو تنشر كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية في حلب

نشرت روسيا كتيبة من الشرطة العسكرية مساء الخميس لضمان الامن في حلب التي بات الجيش …

اترك تعليقاً